حتى ساعات المساء من يوم الانتخاب، كانت الملاحظات المسجلة في معظمها فنية ومكررة؛ انقطاع خدمة “الإنترنت” عن عدد محدود من مراكز الاقتراع، وتأخر فتح بعض الصناديق لأقل من نصف ساعة، وشكاوى من عدم السماح لمراقبين وصحفيين بالدخول لمراكز اقتراع.
أما ما يمكن تصنيفها بالخروقات التي قد تمس في نزاهة الانتخابات، فكانت معظمها من جانب مرشحين وأنصارهم، وليس من جانب العاملين في إدارة العملية الانتخابية. على سبيل المثال حاول بعض الأشخاص تعطيل العملية الانتخابية في بعض المراكز، أو محاولات تسريب أوراق الاقتراع، ونشر معلومات مفبركة عن مجريات الانتخابات، وإطلاق العيارات النارية لترويع الناخبين قرب المراكز، ومشاجرات بين المناصرين.
العملية بشكل عام سارت بسلاسة في مختلف الدوائر الانتخابية “حتى ساعات مابعد ظهر أمس”، وليس مستبعدا أن تقع تجاوزات خارج مراكز الاقتراع في ساعات الاقتراع الأخيرة، وقبيل إغلاق الصناديق. والمرجح أن تسجل في أكثر من دائرة عمليات شراء أصوات مكشوفة. ولتأكيد نزاهة الانتخابات نأمل من الأجهزة المختصة أن تتصرف بحزم مع هذه الظاهرة، إذ ليس معقولا أن لا نرى أشخاصا في قبضة الأمن، في ظل الشهادات المتواترة من الميدان لعمليات شراء أصوات قرب مراكز الاقتراع.
عاملان أساسيان ساعدا في جعل العملية الانتخابية بهذا القدر من الشفافية؛ الأول الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها الهيئة المستقلة للانتخاب، وفتح العملية بكل مراحلها أمام الرأي العام، واستخدام وسائل تقنية وفنية إضافية، تحول دون التدخل في الانتخابات أو التلاعب فيها.
العامل الثاني، توفر شبكة واسعة من المراقبين الأردنيين والأجانب، وقد ذهلت من أن عددهم تجاوز خمسة آلاف مراقب، إلى جانب مئات الإعلاميين المحليين والدوليين. ومنذ صباح يوم الاقتراع انتشروا في جميع الدوائر الانتخابية، وبدأوا فور فتح الصناديق، بتسجيل الملاحظات. وبعد أقل من ساعتين على بدء الاقتراع، عقد المعنيون في شبكة “راصد” لمراقبة الانتخابات مؤتمرا صحفيا للتعليق على مجريات العملية الانتخابية. وبدا أن الملاحظات المسجلة كانت محدودة وذات طابع فني لا يمس جوهر العملية الانتخابية.
قبل هذا وذاك، كان الشعور العام، خاصة في أوساط الساسة والمطلعين، أن الدولة قد اتخذت قرارا حاسما بعدم التدخل في العملية الانتخابية أو التلاعب بنتائجها، كما حصل في انتخابات سابقة.
ويظهر ذلك جليا في عمل الهيئة المستقلة، التي يؤكد القائمون عليها أن ما من جهة رسمية تدخلت أو حاولت التدخل في عملية الهيئة. وخلال زيارة الملك عبدالله الثاني للهيئة قبل أسابيع قليلة، تلقى مجلس مفوضي”المستقلة” دعما مطلقا لإجراء الانتخابات بأعلى معايير النزاهة والشفافية.
اهتمام المواطنين اليوم سيركز على النتائج ، والتي قد تكون متاحة لجميع الدوائر مع ساعات الصباح.لكن مجريات اليوم الانتخابي الطويل، لن تكون خلف ظهورنا ، وستخضع للتدقيق والمراجعة، لما لها من تأثير على النتائج النهائية.
بمعنى اخر؛وقائع”الثلاثاء الكبير” هي التي تحدد بقدر كبير صورة المجلس النيابي الجديد ، وشرعيته في عيون جمهور عريض من الأردنيين، يتمنى أن يرى برلمانا بحجم التحديات والطموحات.
هل نتسرع بالقول إن العملية نجحت؟ هذا ماتشير إليه الوقائع، لكن ماذا عن المولود؟