عروبة الإخباري – أظهرت البيانات التاريخية لشركة مناجم الفوسفات الأردنية تباينا في أسعار بيع منتجاتها من الفوسفات الخام والأسمدة المركبة، والتي يتم تصديرها للسوق العالمية تبعا لعوامل العرض والطلب، والدوارات الاقتصادية التي يشهدها سوق الأسمدة العالمي، والمواسم الزراعية وموجات الجفاف التي يشهدها أكثر من إقليم في العالم.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة الدكتور شفيق الأشقر في تصريح صحفي امس إن هذه العوامل مجتمعة إلى جانب المنافسة، خصوصا من الدول التي لديها مصادر رخيصة من الطاقة، تؤثر كثيرا على انخفاض أو ارتفاع أسعار الأسمدة والفوسفات الخام، ويزيد من الضغوطات باتجاه انخفاض الأسعار تراجع المواد الأساسية في العالم، الأمر الذي تشهده الأسواق في الوقت الحالي.
وأضاف أن لأسعار الأسمدة المركبة التي تعتمد على منتجات الفوسفات منافسة مع الأسمدة النيتروجينية التي تعتمد في إنتاجها على الغاز الطبيعي، والمرتبط سعره بأسعار النفط، حيث سجلت هبوطا في السوق العالمية، تبع ذلك هبوط موازي وحتمي للأسمدة الفوسفاتية.
وأشار إلى أن انخفاض أسعار النفط يؤدي بالنتيجة إلى انخفاض أسعار الأسمدة النيتروجينية وبالتالي الاقبال على شرائها من قبل المزارعين، ويؤدي إلى تراجع الطلب على باقي الأسمدة، وهو ما تمر به الأسواق حاليا، حيث أدت هذه الحالة إلى تراجع حاد في أسعار الأسمدة الفوسفاتية والبوتاسية.
وبين الدكتور الأشقر أن أعلى معدل وصله سعر سماد الداب الفوسفاتي كان في عام 2008؛ إذ بلغ 710 دولارات للطن/فوب، بالتزامن مع وصول أسعار النفط في ذلك العام لمستوى قياسي بلغ 150 دولارا للبرميل، برغم أن كميات انتاج السماد في عام 2008 لم تكن الأعلى، ما يعني أن أسعار البيع كانت بأعلى مستوى وبأقل التكاليف المرتبطة بكميات الانتاج، ما حقق أرباحا قياسية غير مسبوقة بفعل تلك العوامل حصرا.
وفيما يتعلق بأسعار الفوسفات الخام، قال الدكتور الأشقر إن السعر القياسي الذي تم تسجيله في عامي 2008 و2012، حيث تراوح بين 130 و140 دولارا للطن، لكن في ظل كميات انتاج فعلية أقل في عام 2008، الأمر الذي يعني زيادة في المبيعات على حساب المخزون المتوفر بالمناجم من سنوات سابقة، ما يعني تدني تكلفة بيع الطن الواحد إلى اقل مستوى في ظل أعلى مستويات للأسعار السائدة في حينه، حيث تم بيع كميات كبيرة من الفوسفات المخزن في المناجم.
وكشف أن الشركة كانت تواجه انخفاض أسعار السماد والفوسفات الخام بالتركيز على انتاج حامض الفوسفوريك بدلا من سماد الداب، لافتا إلى تفويت الشركة فرصة استراتيجية عندما ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية في عام 2007 و2008، وحققت معها الشركة ارباحا قياسية في تاريخها بعدم الاستثمار في منتجات ذات قيمة مضافة عالية تباع بأسعار عالية في سوق الاستهلاك، في حال تدني أسعار سماد الداب كما هو حاليا.
وأشار إلى أن الشركة خسرت في سنوات الوفرة تلك فرصة تحديث المجمع الصناعي في العقبة ليتمكن من انتاج أنواع جديدة من الأسمدة وتشغيله بالطاقة التصميمية له وتعزيز الوحدات الانتاجية والخدمية.
وحول الأوضاع الحالية التي تمر بها صناعة الأسمدة في العالم، قال الدكتور الأشقر إن هناك تراجعا حادا في الأسعار حيث انخفض معدل سعر بيع الفوسفات الخام في السوق العالمية إلى 90 دولارا للطن مقابل 110 دولارات للطن كمعدل سعر البيع في عام 2015، ما يعني تدني عوائد البيع بشكل كبير.
وفيما يتعلق بسعر سماد الداب في السوق العالمية لعام 2016، انخفض بنسبة 26 بالمئة إلى معدل حوالي 352 دولارا للطن، مقابل 477 دولارا للعامين السابقين.
وبين الدكتور الأشقر أن العوامل التي دفعت إلى انخفاض الأسعار تتمثل في تراجع الاستهلاك بسبب ضعف الموسم المطري في أغلب الدول التي تستهلك الأسمدة في أسيا واستراليا مع توفر مخزون يتجاوز 4 ملايين طن، في سوق الهند على وجه الخصوص، وتقليص المساعدات الحكومية للمزارعين خصوصا في الهند وباكستان، وتراجع سعر صرف العملات أمام الدولار وبالأخص الروبية الهندية، وتراجع أسعار المحاصيل الرئيسة مثل الأرز والقمح والذرة، مما لا يشجع المزارعين على زيادة استهلاك الأسمدة عموما.
مستقبل صناعة الأسمدة
وحول توقعات أسعار السماد والفوسفات في السوق العالمية للسنوات المقبلة، قال إن التوقعات المثبتة من دراسات بيوت الخبرة العالمية تشير إلى أن أسعار هاتين المادتين قد تنخفض لكن بوتيرة أقل من العام الحالي، لتحافظ على مستوى الأسعار الحالية أو تتدنى بدرجة طفيفة، وذلك بسبب ارتفاع الطاقة الانتاجية بنسبة تفوق النمو في الطلب على الفوسفات والأسمدة بشكل عام، ومن المنتظر أن تستمر هذه الحالة حتى نهاية عام 2018، لتبدأ بالتصاعد وبشكل ملحوظ بعد ذلك.
ويدعم هذه التوقعات، ما أفادت به دراسة علمية أميركية، بأن دور الفوسفات سيتزايد في السنوات والعقود المقبلة، بسبب عوامل اقتصادية وبيئية تتعلق بتأثير التغيرات المناخية والتحولات الجيولوجية، ما يجعله يحتل الدور الريادي ذاته الذي لعبه البترول في القرن العشرين.
وتوقعت الدراسة التي صدرت عن مجلة «ساينس»، أن يرتفع سعر الحامض الفسفوري إلى حوالي 1200 دولار للطن عام 2020، من 875 دولارا عام 2009، وأن يتضاعف سعر الفوسفات خمس مرات عندما سيبلغ عدد سكان العالم 9 مليارات نسمة ويحتاجون إلى مضاعفة إنتاجهم من الغذاء.
وقال الدكتور الأشقر إن هذه التوقعات التي اوردتها مجلة عملية تؤكد أن هبوط الاسعار الحالي هو نتيجة لتبادل دورات الهبوط والارتفاع في الاسوق من حيث الطلب والاسعار، حيث تمتد الدورة السعرية بين 3 إلى 5 سنوات ومن المتوقع أن تنتهي في عام 2018.
وأكد أن صناعة الفوسفات هي صناعة الغذاء في العالم والطلب على الغذاء في تزايد بسبب التغير بالمناخ العالمي وأثر ذلك على الزراعة والمحاصيل الغذائية، ولتنامي الطلب على الغذاء بسبب وصول سكان العالم لحوالي 9 مليارات بحلول عام 2020.
ومن ناحية خطة الانتاج والتسويق لعام 2016، قال الدكتور الأشقر إن الشركة حققت الأهداف التي وضعتها لكميات الانتاج والتسويق؛ حيث تقدر كميات انتاج سماد الداب بحوالي 450 ألف طن للعام الحالي مقارنة مع 344 ألف طن لعام 2015، وبلغت كميات صادرات سماد الداب حوالي 400 ألف طن مقابل 316 ألف طن لفترة المقارنة ذاتها، لكن انخفاض الأسعار ومردود عمليات البيع قد أثر كثيرا على ربحية الشركة خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف الانتاج.
وقال إن كميات انتاج الفوسفات الخام ستبلغ مستوى تاريخيا؛ إذ تقدر بنحو 5ر8 مليون طن في العام الحالي 2016 مقارنة مع 3ر8 مليون طن في 2015، فيما ستبلغ كميات الفوسفات الذي تم تصديرها نحو 4900 ألف طن مقارنة مع 4838 طنا في عام 2015، وهو ما زاد بأكثر من مليون طن عن عام 2013.
وأكد فيما يتعلق بالخطة الانتاجية، فأن الشركة تعمل بخطة انتاجية مرنه يتم مراجعتها دوريا لتلبية متطلبات التسويق في الخارج والمحافظة على حصة الشركة في الأسواق العالمية.
وحول التحديات التي تواجهها الشركة، قال الدكتور الأشقر إن أبرز التحديات تتمثل في محدودية المناطق الخاصة بالتعدين في الشركة والتي أصبحت في تراجع من حيث الكمية والنوعية لمحدودية مناطق الاستغلال المتاحة، وزيادة استغلال المناجم الحالية أدى إلى أن تكون نسب تركيز المادة الفعالة في المواد المستخرجة أقل من النسب العالمية مع ارتفاع في الشوائب.
ومن التحديات الأخرى التي تواجه الشركة، فقد أجملها الدكتور الأشقر بزيادة تكلفة استخراج الفوسفات بسبب ارتفاع تكلفة إزالة الردم للوصول إلى الطبقة التي تتركز فيها خامات الفوسفات على أعماق بعيدة، وذلك إلى جانب ارتفاع تكاليف الانتاج الأخرى والمنافسة الحادة من الدول المنتجة للأسمدة، وخصوصا تلك التي تتوفر لديها مصادر رخيصة للطاقة والمواد الأولية للصناعة منها الكبريت والأمونيا.
وأشار إلى أن الشركة تحاول التغلب على التحديات التي تواجهها من خلال تخفيض التكاليف والتوجه إلى إقامة مشروعات مشتركة لصناعة الأسمدة في الخارج، خصوصا في اندونيسيا حيث افتتحت الشركة قبل نحو عامين مصنعا لإنتاج الأسمدة، وفيما تم البدء بالخطوات العملية لتأسيس مصنعا أخر، لتوفير أسواق ثابتة للمستقبل ولمواجهة الطلب وتغييراته، بالإضافة إلى أن الشركة تسعى إلى زيادة كميات تصدير الفوسفات الخام إلى أسواق جديدة، حيث تمكنت الشركة من العودة إلى أسواق خرجت منها سابقا، مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية واستراليا ونيوزلندا، مع ترسيخ وتثبيت حصتها السوقية في الأسواق التقليدية الأخرى.