الأرجح هو عدم انعقاد اجتماع مجلس التنسيق السعودي-الأردني خلال شهر رمضان الحالي، بخلاف ما كان أشيع سابقاً.
وقد تم تأويل تأخير اجتماع المجلس الذي يرأسه عن الجانب الأردني رئيس الوزراء د. هاني الملقي، وعن الجانب السعودي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان. إذ ثمة من ذهب إلى تفسير ذلك بأن الحماس للفكرة بدأ يخبو، كما تنبأ آخرون بتغير الأولويات لدى الشقيقة السعودية.
لكن الحقيقة أن تأخير الاجتماع مرتبط، بدرجة كبيرة، بتفكير محلي؛ يعتقد أن الأردن لم يكن جاهزاً بعد لتقديم أفضل ما لديه من أفكار تسهم في إنجاح الشراكة الجديدة، وجني النتائج المرجوة منها.
كما يرتبط تفسير التأجيل محلياً، بالتغيير الحكومي؛ مع قدوم حكومة د. هاني الملقي. علماً أن الفريق الممسك بالملف في عهد حكومة د. عبدالله النسور لم يتغير، اللهم إلا دخول د. جواد العناني بصفته نائبا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزيرا للصناعة والتجارة والتموين، ورئيسا للفريق الاقتصادي.
ومن ثم، تم الاتفاق على تشكيل لجنة تحضيرية أردنية-سعودية تعمل على استكمال العمل المطلوب من الأردن تحديدا، قبل الذهاب إلى جدة.
تشكيل اللجنة كشف عنه لـ”الغد” نائب رئيس الوزراء د. جواد العناني. وهي تسعى إلى دراسة المشاريع المقترحة، ثم الاختيار بينها، ورفع ما يتم اعتماده إلى مجلس التنسيق السعودي-الأردني.
وتشير المعلومات الأولية إلى أن اجتماعا سيعقد للجنة التحضيرية في جدة، في رمضان الحالي على الأغلب، بهدف ترتيب جميع الملفات السياسية والاقتصادية والاستثمارية وغيرها، قبل الذهاب إلى جدة.
كواليس الحكومة تؤكد أن الوزراء المعنيين ما يزالون يعملون –فليس الجميع مستعداً تماماً بعد- على تحضير قائمة من المشاريع في القطاعات التي يديرونها، تُقنع الجانب السعودي بفائدتها لبلدهم، وبالتالي المشاركة فيها، كما تكون حتماً، في الوقت ذاته، مشاريع مفيدة للأردن.
مطلّون على الملف يؤكدون أن الأهم للأردن تحضير درسه جيداً. وهذه مسألة ما يزال يدور حولها عدد من علامات الاستفهام والتساؤلات! فالشراكة هذه المرة ذات صيغة مختلفة عما سبق في العلاقات الأردنية-السعودية؛ إذ لا تقوم على تقديم المنح المالية المباشرة، بل على الاستثمار. وهذه فرصة إن صدقت النوايا بشأنها وأحسن الأردن استثمارها، ستساهم في تشكيل واقع اقتصادي تنموي جديد.
ذلك أن الاستثمار أياً كان مصدره؛ محليا أم عربيا أم أجنبيا، يساهم بشكل فاعل في حل كثير من مشكلات الاقتصاد. بل ليس ثمة مبالغة أو تضخيم في القول إن الاستثمار هو الحل السحري لمعضلات الاقتصاد المالية والتنموية والنقدية؛ من خلال حفز معدلات النمو، والحد من ظاهرتي الفقر والبطالة، وتعديل ميزان المدفوعات والميزان التجاري، وغيرها، شريطة أن تكون نوعية الاستثمار تنموية، وليس استثمار نمو فحسب.
بالعودة إلى أهداف الشراكة الأردنية-السعودية الجديدة؛ فهي تسعى إلى تنمية وتعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وضمن ذلك تعزيز التنسيق السياسي في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات. كما يعتبرها البعض شكلاً جديداً لدعم الأردن من قبل الشقيقة السعودية.
ما يتوفر من معلومات يؤكد أن الاجتماع الأول المخطط له لمجلس التنسيق سيلتئم في أيلول (سبتمبر) المقبل على الأرجح، بحيث يصار إلى توقيع الاتفاقيات المختلفة، وتحديدا تلك المتعلقة بالاستثمار.
تأجيل الاجتماع عن موعده الأول، وتشكيل اللجنة التحضيرية، يمكن اعتبارهما نقطة تنظيم قبل اجتماع جدة، لضمان أن تكون النتائج أكثر نفعا للطرفين. فلننتظر ونرَ.