عروبة الإخباري – في البداية يجب التوجه بالتحية والإجلال على ارواح جنود الاْردن الذين سقطوا اداءً للواجب و دفعوا ثمنًا باهظًا مقابل تأمين البلاد كي يعيش الآخرون في أمان.
الحادث الذي حصل على حدودنا الشمالية مع الارهابيين خطير جدا لان هذا الحادث له تداعيات مرجوه من قبل المدبر لضرب النسيج الداخلي بين السوريين المقيمين في وطننيا الغالي و ردود افعال الشارع الأردني خاصة عند بعض فئات مجتمعنا.
هذه العملية الإرهابية تأتي بعد أسبوعين من عملية “البقعة” التي كان الهدف منها زعزعة الثقة في أهم جهاز أمني، و هو المخابرات العامة، وحشد اكبر تأيد شعبي ممكن لأي عملة عسكرية من الطرف الأردني في الاراضي السورية، فالاردن تحت ضغط غير طبيعي من قوة إقليمية و دولية كالرياض وواشنطن للتدخل البري المحدود في جنوب سوريا، تحت مسميات كمكافحة الاٍرهاب و داعش و الخ مقابل مساعدات مالية و حتى دعم عسكري مادي.
التدخل العسكري المطلوب من الاْردن او الابتزاز ان جاز التعبير كي يتدخل الاْردن عسكريا في سوريا خطير جدا لان هذه حرب لا ملامح لها و الأهداف غير واضحة عدا التسمية الفضفاضة للمشكلة في سورية و العراق فمن نحارب نحن بالتحديد؟ و من او ما هو الاٍرهاب الذي نحن بصدد محاربته؟ البعض قد يستبق الأحداث و يتهمني بالكثير من التهم والنعوت لكن في الواقع علينا ان ننظر الى الأمور بتمعن، وان نضع النقاط على الحروف قبل ان نتخذ قرارات مصيرية.
فالجود يفقرُ والاقدام قَتَالُ فهل الاْردن قادر على تحمل لا سمح الله معاذ اخر؟
العمل الفظيع على حدودنا يجب ان لا يكون وسيلة او عذرا لشق النسيج الاجتماعي عند ضعاف النفوس، بغض النظر انه قد يستغل بطرق و لمآرب اخرى نحن في غنى عنها، فعلينا ان لا ننسى لماذا يوجد تعاريف شبه واضحة للاشياء و تسمى الأشياء بمسمياتها، ليس فقط في الحرب بل ايضا في الأكاديميا و حتى الطب و السبب هو كي نحدد الأسباب و نشخص الحالة لنعرف كيف و مع ماذا نتعامل. فهل من المعقول و المنطقي ان تحارب اكثر من ٦٥ دولة و على رأسها دول عظمى الاٍرهاب بترسانة عسكرية و أموال طائلة داعش وتخسر؟ هل السبب هو عدم توفر إرادة او اننا لا نعرف حقا من نقاتل فمن داعش او غير داعش من الحركات المتطرفة الإرهابية ؟ أين أخفقنا كي ينتشر هذا اللون من المجرمين؟ أم ان تصنيفهم شيئٌ اخر ايضا فتعريف الاٍرهاب غير واضح و فضفاض ويعتمد على المرجعية التي تتخذها كتعريف، وهذه مشكلة اكبر من كل ما ذكرته لان العرب يسيرون في الفلك بلا بوصلة. لا يعرفون ما المطلوب لكنهم موافقون بل مولعون لارضاء وتطبيق الأوامر المُوكلة اليهم ، أي شيئ و كل شيئ فنحن “قومٌ ضحكت من جهلنا الاممُ” وأضيف على المتنبي “ضعفنا وتشرذمنا”.
دائما الساعات الأولى تكون فيها المشاعر جياشة، وبالامكان حشد اكبر عدد ممكن من الدعم الشعبي خلف اي قضية ولكن علينا التأني وان نصبر حتى يصعد الدخان ففي هذه الحرب غير التقليدية يصعب تحديد الهدف، و يبدو ان الاوطان العربية أصبحت اما مختبرات لتجربت السلاح الجديد من مختلف منتجيه حول العالم او مشترين للسلاح الذي اثبتت جدارته في تدمير و قتل الأرواح العربية فنحن نقتل بَعضُنَا تحت تسميات غريبة و حقيرة متناسين ان هذه أغنى ارض في العالم يخرج منها اكثر النازحين أبدا. فأين المنطق ومن نحارب عندما يكون هنالك اكثر من ٧٠مليون لاجئ في هذا العام ثلثيهم عرب و مسلمين اكثر من نِصفهم أطفال!! ؟
في المحصلة حفظ الله الوطن فضبط الحدود شبه مستحيل و “حرب” على ما يسمى الاٍرهاب لا مكان فيها إلاّ للشديد القوي فقط فكما قال ثيوسيديدز “القوي يفعل ما يشاء و الضعيف عليه تحمل ما يقدر”، فأين نحن من المعادلة؟