يفترض أن يشكل سؤال الاقتصاد المحور الأساسي في العمليات الانتخابية، وأن يكون المؤشر الحاسم في المراجعة والتقييم والاتجاهات المطلوبة للسياسة الاقتصادية للحكومات. وهناك الكثير من المراجعات والوعود التي يجب أن يحملها المواطنون، ويقيّموا النواب والمرشحين والحكومات والأحزاب على أساسها. وإذا لم تتحول القضايا الاقتصادية إلى جزء من الفكر العام والحياة اليومية للمواطنين، فلا يمكن أن يكون لهم ولاية على سياسات الحكومة واتجاهاتها، ولن يكون مجلس النواب أداة فاعلة للأمة (باعتبارها مصدر السلطات) لتصحيح الحالة الاقتصادية ومراقبتها.
يمكن استحضار مجموعة تضيق بها المساحة المتاحة هنا، من الأسئلة والمواقف الاقتصادية التي يجب أن يكوّنها كل ناخب، وأن يكون لدى كل مرشح للانتخابات إجابة واضحة ومحددة عنها، تعكس اتجاها وفكرا اقتصاديا منشئا لهذه الإجابات والمواقف؛ وأولها وأهمها، بالطبع، السياسات الضريبية، واتجاهات الموازنة والإنفاق العام.
تتخذ الحكومات كل يوم قرارات وتشريعات اقتصادية ومالية تمس حياة المواطنين، وتتعلق بولايتهم على الموارد العامة، وتصلح أيضا للجدل اليومي والانتخابي؛ هل الإعفاءات والتسهيلات والمنح التي تقدم لاستثمارات أجنبية، مفيدة بالضرورة؟ وهنا يجب أن تجيب الحكومة ويعرف المواطن إلى أي حد استفاد المواطنون والاقتصاد الوطني من هذه الاستثمارات. وإذا كانت التسهيلات تفوق الفوائد الممكنة أو المتوقعة أو المتحصلة، فإننا ننفق مواردنا الشحيحة ابتداء على المستثمرين ونزيد العبء الاقتصادي والمعيشي على الوطن والمواطنين، عدا عن كونها إعفاءات تعكس تمييزا وربما تغطي على تحالفات فاسدة. وعلى نحو عام، فكل ما هو ليس منطقيا أو بدهيا يؤشر إلى الفساد!
نقيّم على نحو عام الحالة الاقتصادية بالناتج المحلي الإجمالي وعدالة التوزيع، ففي ذلك يمكن التأشير إلى معدلات ومستويات الدخل وتأثير الاقتصاد على حياة المواطنين. وهنا، فإن المواطنين والمرشحين يجب أن يقفوا على الفائدة المتحصلة من كل مشروع أو تشريع اقتصادي ومالي. وببساطة، فإن النجاح والفشل يقاسان بمدى ونسبة ما تعود به هذه المشاريع من فائدة على الناس! فليس جلب المال فقط هو مؤشر نجاح المؤسسات والبرامج والمشروعات، ولكن يجب أن تعود بالفائدة والمكاسب بقدر عادل على المواطنين، وفي امتداد واسع لا يقتصر على أصحاب المشروع؛ فلا أهمية ولا قيمة لمشروع يربح ومفيد إذا كانت الأرباح والفوائد تعود على أقلية محدودة من الناس، على العكس؛ هي مشروعات طفيلية فاشلة تستنزف موارد الوطن وخيراته!
في تقييم الناتج المحلي الإجمالي ننظر إلى الواردات والصادرات. ويتعزز الاقتصاد، بطبيعة الحال، بتفوق الصادرات على الواردات. وثمة الكثير مما يمكن اقتراحه ومراجعته والتفكير به والتشاور حوله في الانتخابات، لتقليل الفجوة بين الواردات والصادرات. ففي ظل الفجوة الهائلة اليوم في اقتصادنا الوطني، فإننا على فقرنا ننفق على العالم!
والأسوأ من ذلك أن كثيرا مما نحسبه صادرات لا يفيد شيئا بل يضر. على سبيل المثال، فإن تصدير الخضار والفواكه والهجرة لأجل العمل في الخارج، هي خسائر صافية على الاقتصاد والمجتمعات والموارد العامة. ويجب التفكير في استيعاب جميع المنتجات الزراعية في صناعات غذائية، وأن تقتصر الصادرات على الصناعات الغذائية أو على حالات قليلة مفيدة في تصدير المنتجات الزراعية غير المصنعة. أما العمل في الخارج، فهو ظاهرة اقتصادية اجتماعية يجب إعادة تنظيمها ومراجعتها.. وتلك قصة طويلة تحتاج إلى وقفة مستقلة.
في المقابل، فإن كثيرا من الواردات والعمالة الوافدة يمكن اختصارها بمراجعات عملية غير صعبة وغير مكلفة أيضا. وفي ذلك يمكن تخفيض النزف والفجوة في الأموال المحولة إلى الخارج.