في مقابلته المهمة وضع الملك عبدالله الثاني رؤيته لما تشهده المنطقة من احداث وخاصة في سوريا التي تحولت الان بعد استمرار الصراع الداخلي فيها والتوظيف الطائفي الذي يمزقها الى قنبلة موقوتة برسم تطاير شظاياها الى المحيط.
لم تعد الازمة السورية تشكل خطراً على سوريا والسوريين فقط وانما اصبحت خطراً يشبه الحريق الذي يلتهم الغابة ولا يعرف حدوداً. فالنار التي تشتعل عند الجيران قابلة للانتقال الى أي بيت آخر مجاور ان لم يسرع الجميع للتعاون على اطفائها.
دعوة الملك باخلاص هي في وقف نزيف الدم السوري وفي وقف التداعيات التي تقود الى تقسيم سوريا وتفتيت وحدة اراضيها واشعال الفتنة بين اثنياتها وطوائفها واعراقها.
ولذا لم يبادر الملك بتقديم افكار نظرية فقط بل قاد مهمة واسعة وحملة عملية مع اطراف عربية ودولية لحل الازمة السورية بالطرق السياسية ومن خلال المشاركة الاردنية التي مثلها مع هذه الاطراف. فالاتصالات ما زالت مستمرة مع الرئيس الاميركي حول الازمة منذ كان في عمان وبعد ذلك اثناء زيارة جلالة الملك للولايات المتحدة ومع رئيس الوزراء البريطاني كاميرون اثناء زيارة الملك الى لندن وكذلك مع الرئيس الفرنسي اولاند في عمان اثناء زيارته لها وقد تبادل الملك مع الضيف الفرنسي مختلف وجهات النظر المتعلقة بالخروج من الأزمة وما يفرضه الواجب الانساني ومصالح الدول من اجل حفظ الأمن والسلام الدوليين وقد وصلت الاتصالات الى المستشارة الالمانية ميركل والى شخصيات عالمية اخرى تريد الخروج من ادارة الازمة السورية الى حلها.
لقد رأت الاطراف الدولية في الرؤية الملكية المعتدلة ازاء الازمة السورية وفي المبادرة السياسية التي طرحها الملك على مختلف الاطراف الدولية لاحداث قواسم مشتركة ما يصلح للأخذ به. ولذا دعا الملك الى استئناف جنيف الاولى الى جنيف الثانية وان يؤخذ برأي السوريين في الدرجة الاولى لحل قضيتهم الوطنية التي تعقدت وتدولت وسمحت لاطراف عديدة بالتدخل في القتال على الارض السورية.
لم يوفر الاردن جهداً ولم يبخل بمشورة وقد كان الملك واضحاً منذ بداية الازمة السورية قبل اكثر من عامين حين اتصل وارسل مندوبيه للاتصال مع قيادة النظام السوري, ولكن النظام السوري لا يستمع الى النصائح وقد اخذته العزة بالاثم واختار الحل الامني في تعامله مع شعبه الذي بدأ بالاحتجاج السلمي والمظاهرات كما في نموذج اطفال درعا حيث ترك الجرح السوري يتسع ويتعفن الى ان وصلت سوريا الان الى ما وصلت اليه من مئات الآلاف من اللاجئين السوريين كانت حصة الاردن منهم هي الاكبر والى ملايين المشردين ومئات الاف القتلى والجرحى.
سوريا الان اين.. والى اين.. وماذا بعد.. هل يستمر المجتمع الدولي عاجزاً عن انقاذها ووقف نزيف الدم فيها؟ وهل تستمر الحركة الدولية أصغر واكثر تواضعاً من متطلبات الازمة التي اكلت الاخضر واليابس في سوريا وتهدد بموت سوريا واحتراقها وتفتيتها.
موقفنا المبادر ليس ترفياً فنحن به ندفع عن انفسنا خطر الحريق وامتداد الزلزال السوري ونقل الفتنة الى الجوار ولعل ما حدث في لبنان هو عنوان جديد سيء للازمة السورية.
واذا كان ثمة ما يدعو الى الأمل نحو العمل في بعدين الاول العمل من اجل الشعب السوري واستنهاض تعدديته بشكل ايجابي وليس طائفياً يجري زجه في الصدام والبعد الاخر تحصين الاردن من خلال تدعيم هويته الجامعة وتجربته في الحوار الداخلي والديمقراطية والانفتاح وطرح الاسئلة والبحث عن اجوبة. فالاردنيون كانوا وما زالوا حريصين على وحدتهم وسلامة وطنهم وحل مشاكلهم بالحوار.
المقابلة عبرت عن القلق الاردني الذي تسببه الازمة السورية.