ثمة مشكلة في الدفاع عن المملكة العربية السعودية، أو أي موضوع سعودي، فالدفاع في حاجة إلى تسجيل التهمة قبل الرد عليها، ما يعني الترويج لها. المشكلة الثانية، أن كل مَنْ يدافع عن السعودية يُتَّهَم بأنه قبض ثمن دفاعه.
وهكذا أسجل اليوم أن هذه الزاوية هي آخر مرة أدافع فيها عن السعودية في موضوع المواجهة التي تبعت الإعدامات في الثاني من هذا الشهر، وأزيد أنني سأستقيل فوراً إذا أثبت أي طرف أنني تلقيت قرشاً واحداً من مسؤول سعودي أو مواطن. مرتبي من عملي يكفيني ويزيد.
عندي بضعة عشر خبراً عن ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (العبارة ولي ولي العهد خطأ ويجب القول ولي عهد ولي العهد).
لا أريد أن أدخل في التفاصيل وإنما أقول إن مجلة «الإيكونومست» الاقتصادية الراقية أجرت مقابلة مع الأمير محمد بن سلمان، وكان عنوانها معقولاً: المملكة العربية السعودية، أمير شاب مستعجل. الصحافة العقائدية وصفت الأمير الشاب نفسه بأنه أخطر رجل في العالم، أو أنه يلعب بالنار. وردّي الوحيد على كتّاب مثل هذه الأخبار أنهم لا يعرفون محمد بن سلمان ولم يروه، ويكتبون تحاملهم. والأمير محمد بن نايف كان له نصيبه، فقد حُمِّلَ المسؤولية عن الإعدامات مع أنها صادرة عن محاكم لا عن وزير، وقرأت أنه سيدفع الثمن.
أرجو أن أكون شرحت مستوى الحملات الجارية من دون الدخول في التفاصيل. بين الأخبار الأخرى، افتتاحية لجريدة «نيويورك تايمز» تحمل فيها على حكم الإعدام وتجمع بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ثم تستشهد بدراسة لمنظمة العفو الدولية وتخلص إلى القول أن حكم الإعدام لا يردع أو يمنع ارتكاب جرائم.
في أخبار أخرى، أقرأ أن من حق السعودية أن تقلق من (أطماع) إيران، ثم أقرأ أن السعودية وإيران تخوضان حرباً بالوكالة في اليمن فلا يبقى أمل بالسلام. الواقع الوحيد أن السعودية ودول الخليج كلها ودولاً أخرى قلقة من أطماع إيران قبل المواجهة الأخيرة، وقد أيَّدت غالبية مطلقة من الدول الإسلامية السعودية ضد إيران، ما يحسم الموضوع. أما النزاع في اليمن فقد سبق المواجهة.
من النوع نفسه، تعليق في «واشنطن بوست» عنوانه أن «إعدام رجل دين شيعي يهدد الأمن المحلي». أقول إن الأمن المحلي مهدَّد منذ عقود وليس منذ أسبوعين، وتحديداً منذ قيام حكم آيات الله في طهران. أيضاً قرأت مقالاً كتبه وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، ونشرته «نيويورك تايمز» وكان عنوانه «التطرف المتهوّر للمملكة العربية السعودية». هذه وقاحة لا يقدر عليها إلا ظريف وأمثاله، فالتطرف والتهور والتشنّج وغياب المسؤولية، من سمات السياسة الخارجية لإيران. السعودية ليس عندها رئيس مُنتَخَب لا يحكم، أو يحكمه المرشد، وليست عندها أطماع في جارٍ قريب أو بعيد، في حين أن إيران سياستها المعلنة تصدير الثورة ونشر نفوذها في الدول الأخرى، حيث لها في بعضها قوات أو ميليشيات.
كان هناك خبر منصف كتبه ايان بلاك ونشرته «الغارديان»، فهو قال أن الإعدامات لقيت تأييداً واسعاً في الشارع السعودي.
مع كل ما سبق، كانت هناك أخبار عدة عن فكرة بيع أسهم في بعض نشاط أرامكو، وأقرأ أن بنوكاً عالمية تتنافس للحصول على حصة من «التخصيص» أو «الخصخصة». تعليقي الوحيد هو أن أرامكو أكبر شركة في العالم وقيمتها تزيد عن تريليون دولار أميركي، وهي قيمة لن تنقص ما دام هناك ربع نفط العالم أو أكثر في أراضي السعودية.