عروبة الإخباري – ألقى رئيس مجلس إدارة شركة البوتاس العربية المهندس جمال الصرايرة في حفل تأبين النائب اعطيوى المجالي في مسقط رأسه ببلدة الربة شمال الكرك كلمة له باسم الفعاليات الاقتصادية قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
أيّها الحضور البهي
نقفُ اليوم لنؤبن رجلا كان بيننا جسرا ورافعة وفيضا من المحبة والعطاء
أيها الفقيد إعطيوي، ولك من اسمك نصيب العطاء ، فقد كنت مثالا في ذلك .. كنت الحبل الذي لا ينقطع ، والصلة التي لا تضعف ، وأنت تلتقي المحتاجين والملهوفين فتسند حاجاتهم وجمعياتهم، وكنا إلى جانبك ومعك، فقد كنا نرى بذور الخير تكبر بين يديك حين يأتيها الخير ، فتفيض به، ولنا معك في ذلك تجربة ندعو الله ان لا تنقطع وأن تتواصل في النهج الذي قدمت نموذجه في العديد من الجمعيات..
أيها الغالي والصديق الوفي..
يا روح إعطيوي التي نخاطبها الآن وهي ترفرف في هذه السماء التي تظلنا وهي نفس السماء التي اظلت مؤته يوم سقوط شهدائها العظام الأبرار..
نرثيك .. ونؤبنك، فنرثي فيك المكارم والأخلاق والسيرة الطيبة ، ونرثي فيك العزيمة والشهامة والكرم، ونرثي فيك النخوة والأريحية وحب الناس .
يا أبا عاطف .. والفراق صعب.. وكلنا “فاقد وأنت وأنت فقيد” .. كانت محطة لقاءنا الأول وقد تنافسنا في انتخابات عام 1989 . وكنت أتمنى لك الفوز فقد عدت إلى البرلمان فارسا، وأخذت مكانك بجدارة حين حملك ناخبوك من أبناء عشيرتك وبلدك على أكتافهم إلى البرلمان ،لتظل على نفس الصورة الصافية التي عرفتها لك.
منذ عرفتك لم تتوقف لقاءاتنا .. تغيرت مواقعنا يا أبا عاطف ولم تتغير مواقفنا في حب الوطن والأهل والناس الذين عاشوا معنا وعشنا معهم. وظلت الصلة قائمة وقاسمنا المشترك مساعدة مواطنينا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.. إنه رصيدنا الذي نتنفس منه ونجد حلاوة الحياة فيه.
كنت أرى ابتسامتك الدفينة المعهودة حين تنجح في مساعدة عائلة محتاجة ، أو مد الخدمة إلى جمعية أو إلى جماعة قسى عليها الزمن، او كسب فرصة عمل لشاب أراد أن يسند والديه وأن لا يقل لهما أف من قسوة الحياة..
أنت النبتة الزكية في المنبت الطاهر ، فقد تأصل فيك طيب الجذر فكان طيب الثمر، وأنت التي ورثت نسبا امتد حتى الاستانة يوم كان أجدادكم يمثلون الكرك وهذه البلاد ،فقد انحدرت من صلب شيخ لترث خلقه رغم أنك كنت دائما تؤمن بمقولة :
ليس الفتى من قال كان أبي إن الفتى من يقول ها انذا
كنت إبنا مخلصا للاردن ،فقد أحبك أهلك ومن أحبه أهله أحبه وطنه ، وكنت مخلصا للقضية الفلسطينية وأخذت موقعك في خدمتها في الصفوف الأمامية بين أبنائها ، وقد رغبت دائما أن تكون في خدمتها لأن خدمتها تميّز الرجال، فكنت رئيسا للجنة فلسطين النيابية في مجلس النواب السابع عشر ،وكان صوتك وجهدك فيها صدى واضحا لما يجري على أرض فلسطين من تضحيات، وقد رأى فيك المناضلون مناضلا في سبيلها، وها هو القائد عباس زكي يشهد تأبينك إقرارا بالفضل وتجسيدا للوفاء وتأكيدا على أننا في سبيل القضية المقدسة شعبا واحدا وجسدا واحدا، وهمّا مشتركا واحدا .
لم تغيرك التقلبات التي غيّرت الكثيرين ولم يصبك ما أصاب الكثيرين من نكران وعقوق وردّة ،ولم تتأثر بكل أشكال المغريات والاسقاطات ،فقد كان معدنك الذي خبرناه أصلب وأقوى من كل ذلك.
كنت مبادرا، وقد رأينا، وكنت على عطاء وقد لمسنا، وكنت صاحب شهادة في الحق لا يأخذك في ذلك لومة لائم . فقد كنت من رواد المصالحة حين يقع الشقاق ،وكنت تسمع لكل صاحب حاجة أو رأي أو مظلمة.
كنت تبتعد عن مساحات الخلاف، لتقترب من مساحات التوافق .. كنت تجد عذرا لأخيك ولا تأخذ قول أخيك إلا على أحسنه، وهذه خاصة ظلت فيك وقد أخذتها من جذر المجالي الذي تنسب إليه..
نضجت فيك التجربة فاستصغرت التحديات ونضجت حتى احترمت الفقير وصاحب االحاجة، وبذا طابت بك البذرة وطابت فيك الثمرة..
نرثيك ونذكر مكارمك الكثيرة ولا نتوقف عند مفرداتها،لأنها تأتي في منظومة من القيم والاخلاق والعطاء والانتماء والتفاني ، بقيت تؤمن بها وتحرص على استمرارها..
أنت ابن الربّة الأبية، التي حفرت اسمها عميقا في التاريخ وأعطت للأردن رجالا بواسل، جسدت من خلالهم محبة التراب الوطني والاخلاص لقيادته، بقيت تحمل الربّة في صدرك خلقا وقيمة وتواصلا مع أهلها ، فما انفكت لك عنهم صلة ولا انقطع لك منهم عملا.. فقد احتضنت الربّة أهلها، وظلت تعتز بهم كما ظلّوا يعتزون بها، فكانت موئلا للكثير من الأحرار وملاذا للكثير ، ممن أحبوا هذا الوطن وانتسبوا إليه..
يا أبا عاطف .. وسيبقى اسمك على ألسنة الكثيرين ممن عرفوك ، فقد أبقيت لديهم رصيدا حيّا لا يغيب بغياب جسدك ، وظل فيهم لك ولدا ورثك وعملا صالحا أبقيته، وذكرا حميدا تحليت به..
سلام عليك أيّها الوفي .. سلام عليك أيها الغائب جسدا الحاضر أثرا، وخلقا وسيرة طيبة . سلام على الثرى الذي يحتضنك ، وعلى الأهل الذين بكوك وعلى الأصدقاء الذين لم يفتهم أن يودعوك..
سلام على الكرك الأبية التي رفعت رأسها وإسمها، وعلى الرّبة الحاضنة التي تعهدتك لتكون ابنها الذي تعتز وأحد رموزها الذين ستحتفظ بهم في سجل ذكراها ومجدها..
سلام عليك صديقا وأخا.. سلام على من انتظروك لتقف إلى جانبهم ولن يعدموا من يكمل عنك المسيرة فقد رسمت الطريق واضحا لمن أراد أن يعبر اإلى العز والمكرمات..
سلام عليك .. سلام على روحك .. سلام عليكم ياأهل إعطيوي وأصدقائه و محبيه.
والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته