وفقاً لتقدير المدد الدستورية، فمن المقرر أن تجرى الانتخابات النيابية في الفترة ما بين تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 وكانون الأول (ديسمبر) 2017، إذا لم يكن هناك تمديد لمجلس النواب الحالي إلى صيف 2017. بينما يأتي موعد الانتخابات البلدية واللامركزية المتوقعة في صيف 2017؛ أي إنّ الانتخابات النيابية ستسبق، وفق هذه الأجندة المرسومة زمنياً، الانتخابات البلدية واللامركزية.
لكن هذه النتيجة لا تتناسب، بحال من الأحوال، مع الأهداف التي وقفت وراء إقرار قانون اللامركزية وتعزيز مفهوم الإدارات المحلية، من أجل تخفيف الضغوط الشعبية على مجلس النواب بقضايا خدماتية وفردية، وتفريغ أعضاء المجلس للقضايا السياسية والوطنية العامة والتشريعات والرقابة، بعد أن تسحب انتخابات اللامركزية نسبة كبيرة من الراغبين في العمل العام، وتقلل من نسبة المرشّحين لمجلس النواب.
يبدو هذا الجدول بمثابة “معضلة” أمام مطبخ القرار؛ فالبديل المقترح هو تمديد فترة مجلس النواب، وهو السيناريو الذي تتبناه أوساط حكومية على أمل ضمان إطالة أمد الحكومة الراهنة، إلى منتصف العام 2017، مع إجراء الانتخابات البلدية واللامركزية قبل الانتخابات النيابية بأشهر.
الخيار الآخر أمام صانع القرار هو إجراء انتخابات بلدية مبكرة، بالتزامن مع انتخابات اللامركزية. وربما هذا بدوره يدفع إلى تساؤلات جدية وحقيقية بشأن مدى جاهزية واستعداد الإدارة الأردنية لهذا التحول الكبير، وقدرة الإدارات الجديدة على القيام بالمطلوب منها، على صعيد المحافظات ضمن قانون اللامركزية.
أمر محيّر بالفعل، ولا توجد معلومات حاسمة تؤشر إلى ما إذا كان صانع القرار قد اتخذ بالفعل قراره حول مواعيد هذه الانتخابات. لكن أحد العوامل المؤثرة على هذا القرار هو مصير الحكومة الحالية؛ فيما إذا كان من المفترض أن تبقى إذا أقرّ موضوع تأجيل الانتخابات النيابية إلى صيف 2017؟
نسبة كبيرة من الطبقة السياسية ترجح سيناريو البقاء في حال تأجيل الانتخابات. لكن البعض يشكك بهذه المتلازمة. فإذا فرضنا أنّ القرار هو تأجيل الانتخابات إلى صيف 2017، وتم إقرار قانون الانتخاب الجديد في الدورة العادية الحالية، فإنّ ذلك يعني أنّ هناك أكثر من عام ونصف العام أمام أي حكومة جديدة إلى حين إجراء الانتخابات المقبلة، وهي مدة تعتبر في مقاييس الحكومات الأردنية، إذا استثنينا الحكومة الحالية، فترة مقبولة. وهذا السيناريو لا يستثني احتمالا وارداً جداً يتمثل في الإبقاء على أغلب وزراء حكومة د. عبدالله النسور مع تغييرات محدودة، ما يضمن الفلسفة الجديدة في إدارة الحكم في الأردن، وهي الديمومة والاستمرارية!
هذا العصف الفكري يعود بنا مرّة أخرى إلى “المربع الأول” والتساؤلات التقليدية لدى النخب السياسية؛ لماذا تغيير النسور؟ هل بسبب ما وصلت إليه الحكومة الحالية من مستوى متدنٍ جداً من الشعبية؟ وهل سيكون وضع أي حكومة أخرى مختلفاً؟ وإذا كان رؤساء وزراء ومسؤولون سابقون ينتقدون الحكومة الحالية بذريعة أنّها حكومة جباية، فهل سيطبقون سياسات مختلفة؟ وهل سيؤدي تغيير الحكومة إلى رأب الصدع الكبير في سياساتها المتمثل في الشق الاقتصادي، أم أنّ جذب الاستثمار مسألة سياسية ترتبط بالصناديق السيادية لدول الخليج، وليس بعوامل داخلية مثل التشريعات والبيروقراطية؟
إذا أقرّ فعلا مبدأ تغيير الحكومة في حال التمديد للبرلمان الحالي، فما هو البديل؟ هل ستكون هناك مشاورات نيابية أم تؤخذ رسالة رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، مبررا لعدم الحاجة إلى ذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك؛ فهل الهدف من تغيير الحكومة والعصف السياسي بها هو تغيير الوجوه وتجديد الدماء فقط؟
السيناريو المتداول هو انتخابات نيابية في صيف 2016، مع بقاء الحكومة إلى حين اتخاذ قرار حلّ مجلس النواب، فيما تبقى انتخابات اللامركزية والبلديات في صيف 2017.