قلت وقال غيري إن غزو بلاد العرب والمسلمين وقتل مئات ألوف الناس الأبرياء على أساس معلومات زوَّرها المحافظون الجددد عمداً هما السبب الأول والأخير للإرهاب الحالي من بلادنا حتى أوروبا وغيرها. المشكلة عندما نتَّهم أننا نعامَل كطرف يريد إبعاد المسؤولية عنه، لذلك أتوكأ اليوم على ما يقول كتاب منصفون في الولايات المتحدة لأن سياستها أيام إدارة جورج بوش الابن هي في أصل البلاء الحالي.
الكاتب اليهودي الأميركي بن نورتون كتب مقالاً عنوانه «نحن صنعنا التطرف الإسلامي: الذين يلومون الإسلام لتصرفات «الدولة الإسلامية» كانوا يؤيدون أسامه بن لادن في الثمانينات».
الأميركيون ينسون، والكاتب يستشهد بحديث الروائي المعروف غور فيدال عن الولايات المتحدة «الخَرِفة» وينقل عن رئيس وزراء الصين الراحل شو ان لاي أن الاميركيين لا يتذكرون التاريخ. في ثمانينات القرن الماضي كان بن لادن حليف الاميركيين الذي قاد المجاهدين ضد السوفيات في أفغانستان. وقد استقبل رونالد ريغان قادة المجاهدين في البيت الأبيض، ثم انقلبت السياسة الاميركية وانقلب المجاهدون على حليفتهم السابقة.
قرأت مقالاً آخر جميلاً للكاتب ذاته عنوانه «الاحتلال هو سبب العنف. يهود اميركيون يحتجون أمام الحائط الغربي ويدعون الى مقاطعة اسرائيل».
الموضوع أرفِق بصورة لشخص يبدو أنه حاخام يرفع لافتة تقول «اليهودي ليس صهيونياً»، وصورة أخرى لشابتين ترفعان لافتة تقول «اليهود يؤيدون المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد اسرائيل».
قلت مرة بعد مرة إن اليهود حول العالم ليسوا كلهم دعاة احتلال وقتل وتدمير مثل حكومة بنيامين نتانياهو. والآن أكمل بالبروفسور جون كول، أستاذ التاريخ في جامعة ميشيغان، الذي حضر مؤتمراً في اكسفورد رعته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية وكتبت عنه في حينه الشهر الماضي.
البروفسور كول كتب مقالاً عنوانه «كيف ساعدت الولايات المتحدة في خلق الدولة الإسلامية»، وتحته: أخطاء إدارة بوش الابن في العراق أدت إلى قيام المتطرفين.
مقال البرفسور كول كان في «واشنطن بوست» ومثله مقال كتبته سارة ليونز – باديلا وكان عنوانه «إذا أردتم وقف الإرهاب الإسلامي كونوا لطيفين مع المسلمين».
هي أستاذة علم نفس في جامعة ستانفورد اختصاصها الثقافة، ومقالها جاء بعد أن أجرت أبحاثاً شملت أقليات دينية وثقافية. وأختصر، فهي وجدت أن غالبية عظمى من المسلمين الأميركيين لا تؤيد «الدولة الإسلامية» والإرهاب، إلا أنها تشعر بأنها مهمَّشة، ومنقطعة عن إرثها الوطني القديم وعن ثقافة بلاد الهجرة.
المقال دعا إلى وضع إستراتيجية تشجّع المسلمين على التزام الثقافتين الأصلية والجديدة مع وقف التمييز ضد المسلمين. وإذا حدث هذا فالمتطرّفون سيجدون صعوبة فائقة في تجنيد أعضاء لممارسة الإرهاب.
ما سبق نماذج من الناس الطيبين الذي يريدون الخير، وإذا شاء القارئ مثلاً على الأنجاس المناكيد فهناك جون بولتون، سفير إدارة بوش لدى الأمم المتحدة، فهو دعا في مقال إلى إقامة دولة سنيّة في الأراضي التي تحتلها «الدولة الإسلامية» الآن لمواجهة حكم بشار الأسد وعملاء إيران في العراق. بولتون يريد حرباً بين المسلمين لفائدة إسرائيل. أمثال بولتون في إدارة بوش هم الذين أوصلوا الشرق الأوسط إلى الوضع المأساوي الحالي، وأرجو أن أراهم يوماً أمام محكمة جرائم الحرب الدولية