عروبة الإخباري – يحيي الفلسطينيون اليوم الذكرى السابعة والستين “لنكبة” العام 1948، بينما ما يزال زهاء 6 ملايين لاجئ فلسطيني، منهم أكثر من مليونين في الأردن، ينتظرون “حق” عودتهم إلى أراضيهم وديارهم التي هجّرهم منها العدوان الإسرائيلي.
وتعمّ أرجاء فلسطين المحتلة أنشطة متنوعة من المسيرات والمهرجانات الجماهيرية، تزامناً مع فعاليات مناصرّة للشعب الفلسطيني في مختلف دول العالم، تعبيراً عن تنامي أصداء التضامن الدوليّ مع قضيته العادلة.
وحضرت مأساة “مخيم اليرموك” في سورية، بزخم ضمن أنشطة اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى “النكبة”، لهذا العام، تحت عنوان “مخيم اليرموك.. لن تُقتل وحدك”، إزاء ما يشهده من دمار وخراب وتهجير على يد بطش تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”.
وانطلقت أول أمس “شعلة” فعاليات “النكبة” بمسيرة شعبية ضخمة من ضريح الزعيم الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات إلى دوار “الشهيد” عرفات في رام الله، للتأكيد على التمسك الفلسطيني بحق العودة ورفض التوطين.
ونظمت اللجنة، التي تضمّ مختلف القوى والفصائل الفلسطينية، برنامجاً حافلاً لإحياء ذكرى “النكبة” على مدى أيام، حيث “شهدت رام الله مساء أمس مسيرة “شموع” جابت المدينة بعبارات الحق الوطني في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة وحق عودة اللاجئين”، وفق الناشط أحمد أبو رحمة.
بينما تنطلق اليوم، الجمعة، “مسيرة جماهيرية مركزية من بلدة نعلين، المحاذية للأراضي المحتلة العام 1948، تزامناً مع عدة مسيرات وتظاهرات شعبية تنطلق من المساجد والحواجز العسكرية ومناطق التماسّ مع الاحتلال”، بحسبه.
وأضاف ن فلسطين المحتلة، إن “اللجنة تنظم غداً مهرجاناً مركزياً في نابلس، ومسيرة العودة في طولكرم، وخطاباً جماهيرياً في مدينة الخليل، ومسيرة أطفال في قلقيلية، للدلالة على أن حق العودة لن يسقط بالتقادم، وإنما يتناقل مع الأجيال باعتباره حقاً فردياً وجماعياً لا يقبل التنازل”.
وقد عززّت قوات الاحتلال من تواجدها الأمني والعسكري المضادّ عند الحواجز والمعابر ونقاط الاحتكاك في الأراضي المحتلة العام 1967، مقابل تصعيد لغة التهديد والوعيد لفلسطينيي 1948 حيال أي نشاط يحمل “روح النكبة”، تحت طائلة العقوبة، وفق مسؤولين إسرائيليين.
إلا أن اللجنة الوطنية اتخذت استعداداتها المسبقة، منذ أسبوع، حيث رفعت اليافطات والبوسترات والشعارات الحاملة لعناوين “لن ننسى” و”إنّا هنا باقون” و”عائدون”، ووزعت الأعلام السوداء إلى جانب علم فلسطين، مشفوعة “بمفاتيح العودة” وخرائط القرى والمدن الفلسطينية المنكوبة بفعل العدوان الصهيوني العام 1948.
ويتزامن ذلك مع سلسلة فعاليات شعبية وجماهيرية يتم تنظيمها في مدينة غزة، وفق مسؤول دائرة العمل الجماهيري في حركة “حماس” أشرف أبو زيد.
وقال، في تصريح أمس، إن “حماس” مع “القوى الوطنية، تشارك في فعالية مركزية غداً السبت في مدينة غزة، عدا تنظيم فعالية شعبية أمام مقر الأمم المتحدة، لتأكيد عدم التنازل عن “حق العودة” والمطالبة بالتحرك الدولي تجاه تسريع عملية إعادة إعمار القطاع”.
واعتبر أن “تلك الفعاليات تستهدف التأكيد على حق العودة وخيار المقاومة في مواجهة عدوان الاحتلال وتحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية في التحرير وتقرير المصير والعودة”.
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ تقدر نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة نحو 43.1% من مجمل المواطنين الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام الماضي. فيما يقدر عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث الدولية “الأونروا” بنحو 5.49 مليون لاجئ، منهم حوالي 2,2 مليون لاجيء مسجلين لديها في الأردن، يعيش منهم حوالي 400 ألف لاجئ في 13 مخيماً منتشراً في أنحاء متفرقة من المملكة.
وقد لازمت وكالة “الأونروا” أبرز المفاصل التاريخية للاجئين الفلسطينيين، منذ تشريدهم المأساوي في العام 1948، وشتاتهم الذي يزداد تشرداً جراء النزاع والحصار والعيش تحت الاحتلال رغم توقهم إلى حل لمنفاهم”، وفق مديرة الإعلام في “الأونروا” أنوار أبو سكينة.
وأضافت، لـ”الغد”، إن “اللاجئين الفلسطينيين، وكما قال المفوض العام للأونروا بيير كرينبول، بحاجة لأكثر من مجرد المساعدات، إنهم بحاجة إلى حل عادل”.
وأوضحت بأن “اللاجئين، أسوّة بأقرانهم من الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، ما يزالون يعانون من سياسة الاحتلال وإجراءاته”، لافتة إلى جدار الفصل العنصري الذي “يمر أغلب مساره، حوالي 87%، داخل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة”.
وأشارت إلى أن “الجدار، إلى جانب نقاط التفتيش وحواجز الطرق ونظام التصاريح، خلقت نظام إغلاق تسبب بحدوث أثر وخيم على كافة جوانب الحياة للاجئين في الضفة الغربية، عبر عزل المجتمعات وقطع عشرات الآلاف من الأشخاص عن الخدمات والأراضي وسبل المعيشة”.
وتابعت “مع معدل 27% من السكان هم من اللاجئين الفلسطينيين، فإن حوالي 170 مجتمعاً في الضفة الغربية قد تضررت بشكل مباشر جراء الجدار”.
ولفتت إلى أن “غالبية البدو في الضفة الغربية، وهم من اللاجئين، يتعرضون إلى تهديد يومي بالتشريد، إزاء خطط الإدارة المدنية الإسرائيلية لترحيلهم قسرياً من المناطق الوسطى للضفة الغربية إلى مدن تم تشييدها حديثاً، رغم رفضهم القطعي لذلك”.
وأفادت بأن “هذا التهديد يعكس، ولو على نطاق ضيق، محنة الغالبية العظمى من اللاجئين على مدار الأعوام السبعة والستين”، في حين يضيف الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وتدمير مصر للأنفاق، مأساة إنسانية حقيقية، تفاقمت خلال الحروب التي شنتها سلطات الاحتلال ضد القطاع، وكان آخرها العام الماضي.
ونتيجة لذلك “فقد ازداد عدد اللاجئين الذين يعتمدون على مساعدات “الأونروا” من أقل من 80 ألف شخص في العام 2000 إلى أكثر من 800 ألف لاجئ”
بينما “اختبر حوالي مليون طفل تقريباً معاناة لا يمكن تصورها، حيث يقدر وجود 400 ألف طفل منهم بحاجة إلى دعم اجتماعي نفسي”.
وأضافت إن “أكثر من 110,000 منزل تعود للاجئين قد تضررت أو تدمرت نتيجة العدوان، الذي انتج مستوى غير مسبوق من الأضرار الممتدة للبنية التحتية العامة، وارتفاع نسبة البطالة إلى حوالي 50 %”.
وتوقفت عند وضع اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بسورية، الذي “لم يصبح مجرد الكلمة المرادفة للمعاناة العميقة، بل بات أيضاً رمزا للسلب والتشريد المتكررين للاجئين منذ أكثر من ستة عقود”.
“أنا فلسطيني”
لم يكن فضاء الشبكة العنكبوتية بعيداً عن فعاليات “النكبة”، لهذا العام، عبر تشبيك نشاط شبابي فلسطيني بنظرائهم في ساحات عربية وغربية واسعة من خلال وسائط الاتصال الاجتماعي لنقل حكاية الأرض والشعب والمأساة والبطولة، في صراع مفتوح مع الاحتلال.
وتتصدر حملة “أنا فلسطيني” جهد حراك شبابي سيتبلور خلال أيام في إطار تأسيس حركة شبابية، لتأكيد “الهوية الوطنية الجمعيّة بعيداً عن الحزبية الضيقة، والحثّ على مقاومة الاحتلال بشتى الوسائل، وفي مقدمتها المقاومة المسلحة”، وفق منظمها أبو رحمة.
وقال إن “الحملة معنية بتحشيد شبابي فلسطيني داخل الوطن المحتل وفي دول اللجوء والشتات، وايجاد قنوات التواصل مع ساحات عربية وغربية، من خلال وسائط الاتصال المختلفة من أجل الالتفاف حول الحق الفلسطيني في العودة والتحرير وتقرير المصير”.
وبالنسبة إليه؛ فإن فضاء العالم الافتراضي يعدّ أحد أوجه “منابر الفعاليات والحملات الشبابية الفلسطينية، في ظل تنامي شعور القهر والظلم والإضطهاد بين صفوفهم نتيجة عدوان الاحتلال العنصري ضدّ الشعب الفلسطيني”.
بيدّ أن صناع النكبة الإسرائيليين يمضون في احتفالات ما يسمونه “عيد الاستقلال”، بين ثنايا أنقاض 531 قرية ومدينة فلسطينية مدمرة، واستلاب 79 % من أرض فلسطين التاريخية، وتشريد زهاء 900 ألف تحولوا لاجئين، والسعي المحموم لطرد البقية من الوجود والفضاء والتاريخ.
“تطهير عرقي”
يعدّ “اقتلاع وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه عملية “تطهير عرقي” منظمة ومدبرة من جانب العصابات الصهيونية المسلحة، توجت بإعلان قيام “دولة إسرائيل” في العام 1948، بعد عمليات القتل والمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين”، وفق رئيس الإحصاء الفلسطيني علا عوض. ووضعت عوض، عشية ذكرى النكبة، معطيات وشواهد تاريخية تفيد “بتشريد نحو 800-900 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، وتهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقائهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت للسيطرة الإسرائيلية”.
ولفتت إلى “سيطرة الإسرائيليين خلال مرحلة “النكبة” على 774 قرية ومدينة، حيث دمروا 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكبوا أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، أسفرت عن استشهاد ما يزيد على 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة”. ووفق المعطيات الإحصائية؛ فإن المواطنين الفلسطينيين في فلسطين التاريخية (ما بين النهر والبحر) مرشحين للزيادة إلى حوالي 7.2 مليون بحلول نهاية العام 2020 إذا بقيت معدلات النمو السائدة حالياً، منهم 2.8 مليون في الضفة الغربية وحوالي 1.7 مليون في قطاع غزة”، بحسب عوض.
تمسك بالثوابت الوطنية
من جانبه، أكد المجلس الوطني الفلسطيني “تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم وأراضيهم التي هجروا منها قسراً العام 1948”.
وأعرب عن ثقته، في بيان أصدره أمس بمناسبة ذكرى “النكبة”، “بقدرة الفلسطينيين على مواصلة النضال والصمود في وجه العدوان الإسرائيلي”، جازماً بأن “حق العودة لا يسقط بالتقادم”. ودعا “الأسرة الدولية إلى رفع الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني بفعل الاحتلال، بتطبيق الشرعية الدولية وقراراتها ذات العلاقة وتمكينه من ممارسة حقوقه بالعودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران (يونيو) العام 1967 وعاصمتها القدس الشريف”.
من جانبها؛ أكدت منظمة التحرير الفلسطينية “التمسك بالأهداف الوطنية التي أقرتها الشرعية الدولية عبر قراراتها المتعاقبة وفي مقدمتها الاعتراف بدولة فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة”. وقالت، في بيان أمس، إن “النضال الفلسطيني سيتواصل مهما بلغت التضحيات ومهما طالت، تزامناً مع العمل، إلى جانب المجتمع الدولي ومؤسساته الحية، على تشديد وتطوير عزلة الاحتلال صوبّ إنهائه عن دولة وشعب فلسطين”.
واعتبرت أنه “في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية العنصرية الجديدة لم يعد هناك أي معنى للمفاوضات، أو أي دعوة للعودة إلى المفاوضات، من دون تحديد موعد لإنهاء الاحتلال وجلائه عن الأرض الفلسطينية، وليس موعداً أو سقفاً زمنياً لانتهاء المفاوضات”.
من ناحيتها، قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إن “سلطات الاحتلال تزداد عنصريةً وتطرفاً، ضدّ الانسحاب إلى حدود العام 1967 ووقف الاستيطان وحق “العودة” وفق القرار الأممي 194، مقابل تهويد “وأسرلة” القدس وابتلاع الضفة الفلسطينية ومنطقة الأغوار”.
وقالت، في بيان أمس، إن “اغتصاب الأرض وتغيير معالمها لا يعطي حقاً شرعياً ولا قانوناً، فالأرض الفلسطينية محور التاريخ والأجيال، ويستحيل “محو الذاكرة أو كيّ الوعي” للأجيال الجديدة”.
ودعت إلى “استكمال الانضمام إلى المؤسسات الدولية، والمضي في خطوات تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، من أجل التصدي لعدوان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني”.
من جانبها؛ أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “التمسك بالحقوق التاريخية والأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني، ورفض المشاريع السياسية التي تنتقص من ذلك”.
وطالبت، في بيان أمس، “بإنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية وفق برنامج سياسي يتمسك بالحقوق والثوابت الوطنية، ويفتح جميع الخيارات في مقاومة الاحتلال لتحقيقها”.
فيما أكدت القوى الوطنية والاسلامية على “الثوابت الوطنية وقرارات الاجماع الوطني المتمثلة في حق عودة اللاجئين وحق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”. وشددت على رفضها “لكل المؤامرات الهادفة لشطب حق العودة أو المساس به”، داعية إلى “حماية مخيم اليرموك وإنهاء معاناة سكانه بعودتهم إليه وتوفير امكانيات تعزيز صمودهم في مواجهة الكارثة الإنسانية التي يتعرضون لها”.
وبالمثل؛ أكدت اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين/ الأردن “التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التي شردوا منها قسّراً بفعل العدوان الصهيوني العام 1948”.
وأضافت، في بيان أمس، إن “مهمة الدفاع عن حق العودة ومجابهة مشاريع التوطين والوطن البديل تعتبر مهمة وطنية أردنية وقومية وإسلامية فى إطار التصدي لعدوان الإحتلال”.
وأكدت رفضها “الاعتراف بأي اتفاق مؤقت أو دائم يقايض حق العودة غير القابل للتصرف بأي حق آخر أو يتنازل عن الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورفضها “ليهودية الدولة” التي تعني شطب حق العودة”.
الفلسطينيون يحيون الذكرى 67 لـ”النكبة”
12
المقالة السابقة