عروبة الإخباري – أكد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، أن “العالم اليوم يواجه أحد أكبر التحديات، والتحدي الأعظم أمام الأمن والسلام الدوليين هو الإرهاب والتطرف، والشباب هم أولى الضحايا”.
وقال سمو ولي العهد، خلال ترؤسه اليوم الخميس جلسة مجلس الأمن الدولي، بعنوان “صون السلام والأمن الدوليين: دور الشباب في مكافحة التطرف العنيف وتعزيز السلام”، وإلقائه كلمة الأردن فيها: إن الشباب هم الأكثر تأثيرا على واقع الأمور وعلى مستقبلها، والأكثر تَأثّرا بالحاضر وظروفه، وقد تجلى ذلك واضحا خلال الأحداث الأخيرة في منطقتي العربية. وأنا شاب ضمن تلك الفئة العمرية، وأشارك في حوارات عن جيلي وعن التحديات التي تواجهه ووجوب تمكينه.
وأضاف سموه “كثيرا ما يتم الحديث عن الشباب على أنهم شريحة مهمشة، واسمحوا لي بأن أقول إن الشباب ليسوا شريحة مهمشة، بل هم شريحة مستهدفة، مستهدفة لطاقاتهم الهائلة، لثقتهم بأنفسهم، وبأنهم قادرون على تغيير العالم”.
وأعرب سموه، خلال الكلمة، عن استعداد وترحيب المملكة الأردنية الهاشمية لاستضافة المؤتمر الدولي الأول حول “دور الشباب في صناعة السلام المستدام”، بالشراكة مع الأمم المتحدة في شهر آب المقبل، لتعزيز قدرات “الشباب صناع السلام” في مواجهة التطرف والإرهاب.
وفيما يلي نص الكلمة: بسم الله الرحمن الرحيم معالي السيد بان كي مون، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أصحاب المعالي الوزراء، أصحاب السعادة المندوبين الدائمين ورؤساء وأعضاء الوفود، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أوّد أن أتقدم بالشكر إلى معالي السيد بان كي مون على جهوده لتحقيق أهداف الأمم المتحدة. ويشرفني أن أكون معكم اليوم، بينما يتولى بلدي، المملكة الأردنية الهاشمية، رئاسة مجلس الأمن للمرة الثانية خلال عضويتنا الحالية. كما يسعدني حضور هذه الجلسة النقاشية حول الشباب في مناطق النزاعات ودورهم في صناعة السلام، فالعالم اليوم يواجه أحد أكبر التحديات، وربما التحدي الأعظم أمام الأمن والسلام الدوليين هو الإرهاب والتطرف، والشباب هم أولى الضحايا.
الحضور الكرام، إننا نواجه اليوم آفة تهدد العالم أجمع، وما من دولة مستثناة من خطر الإرهاب، فعدوه الإنسان والإنسانية بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العمر أو الجنسية. فالكل معني بالحرب على الإرهاب.
كما أن الأحداث والنزاعات وتبعاتها التي شهدها العالم في العقود القليلة الماضية جعلت أعدادا متزايدة من الشباب عرضة للوقوع في ظلمات التطرف وشراك المضللين، فالشباب هم الأكثر استهدافا بالتجنيد الطوعي وغير الطوعي من قبل الجيوش والجماعات المتطرفة والإرهابية. لذلك، لا بد من اتخاذ التدابير السريعة لوقف تغذية نيران الإرهاب بدماء وأرواح شبابنا.
الحضور الكرام، أكثر من نصف سكان العالم هم دون سن الــثلاثين، غالبيتهم العظمى في الدول النامية. وتشير الدراسات إلى أن الفقر والبطالة والجهل وضعف العلاقات العائلية توفر بيئة جاذبة للفكر المتطرف والأفكار الظلامية.
وإذا ما نظرنا إلى البيانات، نجد أن وضع الشباب على المحك: ففي العالم ما يقارب ثلاثة وسبعين مليون شاب عاطل عن العمل، وأكثر من أربعة عشر مليون شاب نازح أو لاجئ. كما أن غالبية ضحايا النزاعات المسلحة هم من فئة الشباب.
أيها الحضور الكرام، إن الشباب هم الأكثر تأثيرا على واقع الأمور وعلى مستقبلها، والأكثر تَأثّرا بالحاضر وظروفه، وقد تجلى ذلك واضحا خلال الأحداث الأخيرة في منطقتي العربية. وأنا شاب ضمن تلك الفئة العمرية، وأشارك في حوارات عن جيلي وعن التحديات التي تواجهه ووجوب تمكينه.
وكثيرا ما يتم الحديث عن الشباب على أنهم شريحة مهمشة، واسمحوا لي بأن أقول إن الشباب ليسوا شريحة مهمشة، بل هم شريحة مستهدفة. مستهدفة لطاقاتهم الهائلة، لثقتهم بأنفسهم، وبأنهم قادرون على تغيير العالم. لذلك، فهم يبحثون عن فرص تُستَثمَر فيها طاقاتهم، وحين يصطدمون بغياب الفرص، يتحول طموحهم إلى إحباط تستهدفه تلك الفئات التي تبحث عن وقود لأجنداتها.
لا بد أن نلتفت إلى ذلك الفراغ الذي يستهدفه أعداء الإنسانية والحياة، ونملؤه بطاقات الشباب لتحقيق طموحهم، من خلال تحصين الشباب بالتعليم النوعي وفرص العمل المناسبة وأسس الحياة الكريمة.
الحضور الكرام، إننا في سباق للاستثمار في عقول الشباب وطاقاتهم. ويمكن للفكر الظلامي أن يصل إلى حيث لا يمكن للجيوش الوصول. فقد أعطت وسائل الاتصال الحديث كل من له صوت فرصة للوصول إلى كل أذن صاغية.
إن الشباب هم الشريحة الأكثر تواجدا على الإنترنت، والجماعات المتطرفة تبث سمومها عبر وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي لاستمالة الضحايا لدخول عالمهم المظلم، مدَّعين مخاطبتهم بالدين والثواب من خلال أفلام مسجلة بتقنيات جذابة، فينظر الشباب إلى تلك الفئات بانبهار، وبأن جرائمهم إنجازات عظيمة. علينا أن نواجه هذا الخطر الذي يستغل طاقات الشباب لبناء عالم خال من الإنسانية، وأن لا نركِّز كل طاقاتنا للإجابة على “ماذا نفعل”، بينما روح الإجابة تكمن في “كيف نفعل”.
ولذلك، فعلينا تمكين الشباب من خوض معركة المستقبل بأنفسهم، بإعطائهم الأدوات ليخاطبوا جيلهم من خلال منصات التواصل الإلكتروني، ليشكلوا شبكات فكرية وتحالفات عملية تصل هذا الجيل وتقود الرأي الشبابي والفكر المبني على التعايش واحترام التنوع ونبذ العنف.
أيها الحضور الكرام، إنني أعرب عن استعداد وترحيب المملكة الأردنية الهاشمية لاستضافة المؤتمر الدولي الأول حول “دور الشباب في صناعة السلام المستدام” بالشراكة مع الأمم المتحدة في شهر آب المقبل، لتعزيز قدرات “الشباب صناع السلام” في مواجهة التطرف والإرهاب.
وأؤكد أن شباب اليوم بحاجة إليكم، فأنتم من يرسم السياسات التي تؤثر في السلم والأمن الدوليين، ومن يتخذ القرارات التي من شأنها أن تُشرك الشباب في عملية البناء بدلا من أن يكونوا هدفا للعنف والدمار. وجيلكم هو المسؤول عن رسم سياسات التعليم والتنمية والاقتصاد.
فأمامنا اليوم أكبر جيل شاب عرفه التاريخ، وأكبر فرصة لبناء وتمكين مجتمعات قانونها العقل، ودستورها الأخلاق، ومبادئها السلام والمساواة، الاحترام والحوار، العيش المشترك وتقبل الاختلاف، فتلك هي أسس إنسانيتنا المشتركة.
شكرا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.