عروبة الإخباري – الانتخابات العامة في السودان لم تكن على قدر تطلعات حزب المؤتمر الوطني الحاكم ومرشحه عمر حسن البشير الذي وجد أن الجهود التي بذلت والوعود التي قطعت في الحملة الانتخابية لم تجد طريقها للناخبين الذين خير معظمهم المقاطعة وعدم المشاركة في استحقاق “التمديد”.
يسدل الستار، اليوم الأربعاء، على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في السودان، وسط أنباء عن إمكانية التمديد ليوم رابع، على أمل ارتفاع نسبة المشاركة.
وعلى مدار يومي الاثنين والثلاثاء شهدت مراكز الاقتراع في مختلف ولايات السودان إقبالا ضعيفا، حتى أن بعض المراكز كانت شبه خالية سوى من الموظفين ورجال الشرطة وبعض المراقبين.
وإزاء هذا العزوف اضطر حزب المؤتمر الوطني الحاكم إلى التدخل ومحاولة استمالة الناخبين عبر إغرائهم بالأموال وتخصيص سيارات لنقلهم من أماكن سكناهم إلى مراكز الاقتراع.
كما تم تسجيل مشاركة مواطنين غير مسجلين في سجل الانتخابات، الأمر الذي يعد خرقا واضحا للقانون.
وأكد شهود عيان وقوع عمليات تزوير في عدة مراكز لفائدة الحزب الحاكم، الأمر الذي دفع بعدد من المرشحين إلى التقدم ببلاغات للجنة العليا للانتخابات.
ورغم محاولات الحزب المستميتة إلا أن نسب التصويت بقيت هزيلة، وسط توقعات بأن يكون اليوم الأخير كحال اليومين السابقين.
وقال المتحدث باسم المفوضية القومية للانتخابات الهادي محمد أحمد في مؤتمر صحافي، الثلاثاء “ليست لدينا حتى الآن إحصاءات عن عدد الذين شاركوا وبسبب صعوبة الاتصالات هناك بعض المراكز لم نستطع التواصل معها”.
وفي منطقة مايو الشعبية في ضواحي الخرطوم الجنوبية، قال أنور حسين تيه، المراقب عن أحد الأحزاب، “سجلت مقاطعة شبه كاملة في اليومين الأول والثاني، وقد ذهبت إلى عدد من مراكز الاقتراع في هذه المنطقة”.
أما عصام الدين مكي، رئيس أحد مراكز الاقتراع في مايو حيث الشوارع الترابية وابنية الطين، فأوضح أن “أرقام المقترعين (الاثنين) 240 من أصل 4571 ناخبا مسجلا”.
وتنفجر روزا حكيم من سكان مايو بالضحك لدى سؤالها عن مشاركتها في الانتخابات، قائلة “لم أصوت ولا أعرف أين أصوت”.
ولوحظ في عدة مناطق سودانية قيام الأهالي بمحاصرة مراكز الاقتراع ومنع أي شخص من الولوج إليها على غرار ما حدث في الدائرة القومية بولاية نهر النيل.
ولم تفلح جهود لجنة الانتخابات والشرطة ونائب رئيس المجلس التشريعي بالولاية في إقناع الأهالي برفع الحصار عن المركز أو سحب صناديق الاقتراع إلى موقع بديل.
أما في مناطق النزاع فقد أغلقت ثلاث مراكز اقتراع في ولاية جنوب كردفان المتاخمة لدولة جنوب السودان، الثلاثاء، بعد أن هاجمها متمردون استولوا على بعض محتويات هذه المراكز، بحسب متحدث باسم مفوضية الانتخابات السودانية.
وقال المتحدث باسم المفوضية الهادي محمد أحمد في المؤتمر الصحفي بالخرطوم إن الجيش السوداني تصدى لثلاث محاولات من متمردي الحركة الشعبية في دائرة “هبيلة” بالولاية، مضيفا تم “إغلاق هذه المراكز بعد أن أخذ المتمردون بعض محتوياتها”.
وتعهدت الحركة الشعبية المنضوية ضمن تحالف نداء السودان بتخريب الانتخابات التي وصفتها بالمسرحية لتمديد حكم البشير.
وفضلا عن عزوف الناخبين ومحاولات المتمردون إعاقة العملية فقد سجلت في هذه الانتخابات التي يعول عليها الرئيس الحالي كثيرا، عديد الخروقات والأخطاء الفنية.
وأقر المتحدث باسم مفوضية الانتخابات بحدوث “إشكاليات أعاقت عملية الاقتراع في بعض الولايات وكلها مشاكل لوجستية تتعلق بترحيل ونقل المواد لمراكز الاقتراع”، على حد قوله.
وقال “في ولاية وسط دارفور دائرة قار سيلا، لم يفتح 16 مركزا بعدما تبين عدم وصول بعض بطاقات الاقتراع”.
وتحدث أيضا عن 152 مركزا في ولاية الجزيرة من أصل 1818 لم تفتح بسبب “أخطاء إدارية في توزيع البطاقات (…) ولذلك سيتم تمديد الاقتراع في هذه المراكز ليومين آخرين”.
ويصوت الناخبون، في الانتخابات على سبع بطاقات، الأولى خاصة بمنصب رئاسة الجمهورية، الذي يتنافس عليه 15 مرشحا بجانب الرئيس عمر البشير، وأغلبهم مستقلون ولا يشكل أي منهم تهديدا جديا له. وتشمل عملية التصويت ثلاث بطاقات خاصة بالبرلمان، الأولى للدوائر الجغرافية، والثانية للقوائم الحزبية النسبية، والثالثة لقوائم المرأة، التي تستحوذ على 25 بالمئة من مقاعد البرلمان بنص الدستور.
ومثلت هذه الانتخابات خيبة أمل كبرى للحزب الحاكم كما مرشحه عمر حسن البشير في ظل المشاركة الباهتة من السوادنيين، والتي لم تحصل حتى في الانتخابات الماضية رغم انسحاب عدد من المرشحين آنذاك ومقاطعة بعض رموز المعارضة.
ورغم الوعود البراقة التي قدمها البشير في مهرجاناته الخطابية خلال الحملة الانتخابية وتركيزه على “تنمية الجهات والتصدي للفوارق الاجتماعية والعرقية، إلا أن هذه الوعود لم يكن لها صدى لدى المواطن السوداني.
ويرى مراقبون أن نسبة المشاركة الهزيلة لن تقف حائلا أمام التمديد للبشير مجددا وإن كانت شرعيته ستكون منقوصة.
في المقابل أعطت هذه الانتخابات المعارضة جرعة معنوية هامة لاستكمال مسارها القائل بإسقاط النظام.
وجدير بالذكر أن معظم أطياف المعارضة تقاطع هذه الانتخابات، وقد لعبت دورا بارزا في إقناع المواطنين بالعزوف عن المشاركة في هذا الاستحقاق عبر قيامها بحملة كبيرة تحت تسمية “إرحل” دعت من خلالها إلى المقاطعة.