عروبة الإخباري –
منذ توقيع اتفاق أوسلو، ظلّت السلطة الفلسطينية موضع جدل بين من يعتبرها إنجازاً مرحلياً على طريق الدولة، ومن يراها عائقاً أمام مشروع التحرّر. لكن وسط هذا الجدل، يغيب عن كثيرين أنّ السلطة، رغم القيود التي يفرضها الاحتلال، هي الكيان الوحيد الذي راكم مؤسسات وخبرات تؤهلها لقيادة المرحلة المقبلة نحو الدولة الفلسطينية المستقلة.
على مدى العقود الماضية، بَنت السلطة الفلسطينية شبكة مؤسسات حكومية وإدارية تغطي مختلف القطاعات، من الوزارات والأجهزة الأمنية إلى الهيئات الرقابية والخدمات العامة. هذه البنية كوّنت كوادر مهنية متخصّصة بالإدارة والاقتصاد والصحة والتعليم والقانون، ما يجعلها جاهزة للتحول إلى مؤسسات دولة كاملة بمجرد إنهاء الاحتلال.
شرعية السلطة لا تنبع فقط من كونها جهازاً إدارياً، بل من كونها منبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. هذا الامتداد يمنحها بعداً تاريخياً وسياسياً ووطنياً يتجاوز الإدارة اليومية، ويجعلها الإطار الطبيعي لقيادة المرحلة الانتقالية نحو الدولة.
لا يمكن إنكار أنّ الاحتلال الإسرائيلي يفرض قيوداً خانقة على عمل السلطة، سواء عبر السيطرة على الموارد والمعابر أو عبر التدخل المباشر بشؤونها. لكن هذا العجز ليس دليلاً على قصور ذاتي، بل نتيجة مباشرة لواقع الاحتلال. ومن هنا، يصبح التركيز الدولي على إنهاء الاحتلال هو الشرط الأساسي لتمكين السلطة من أداء دورها الكامل.
مؤخراّ، اتخذت القيادة الفلسطينية خطوات إصلاحية مهمة بمجالات الإدارة والشفافية، مع وعود بمزيد من الإصلاحات. كما أنّ الانتخابات المرتقبة تمثّل محطة مفصلية لتجديد الشرعية وتعزيز المشاركة الشعبية، وهو ما سيمنح السلطة قوة إضافية لتقود مشروع بناء الدولة.
في ظل غياب أيّ بديل فلسطيني واقعي، تبقى السلطة الفلسطينية الكيانية المتوفرة والجاهزة والمؤهلة لقيادة المرحلة المقبلة. هي ليست عائقاً، بل البنية التحتية للدولة الفلسطينية القادمة، إذا ما تضافرت الجهود لإنهاء الاحتلال. السلطة ليست مجرد إدارة يومية، بل البنية التحتية الدولة الفلسطينية القادمة، وعلى المجتمع الدولي أن يتعامل معها باعتبارها الإطار المؤهل لبناء الدولة، لا مجرد جهاز إداري مؤقت.
