كتب سلطان الحطاب –
استقبل جلالة الملك عبد الله الثاني باسم كل الأردنيين، رئيس الوزراء الهندي، نارندا مودي، وجرت الزيارة يومي 15 و 16 من هذا الشهر.
وتأتي هذه الزيارة بمناسبة مرور خمسة وسبعين عاما على بدء العلاقات الأردنية الهندية، فقد كان الأردن من اوائل الدول التي اعترفت باستقلال الهند عن بريطانيا، وقد نمت هذه العلاقات على مدار الامتداد (الألماسي)، لها، فقد قام الملك الراحل الحسين بن طلال بزيارة الهند في ديسمبر عام 1963، لتعزيز العلاقات،
كما قام الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله في ديسمبر عام 2006، بزيارة دولة رسمية، وجاءت زيارة أخرى للملك عبد الله للهند في فبراير عام 2018، في مشاركة لأعمال مؤتمر هندي أردني.
ومن الذين زاروا الهند لتعزيز العلاقات ايضاً، كان الراحل فايز الطراونة رئيس الديوان الملكي في مارس عام 2017، واجتمع مع رئيس الوزراء، نارندا مودي، (نفس الرئيس الآن)، وزار الهند ايضاً وزير الخارجية أيمن الصفدي عام 2017، ومن قبل ايضاً زار وزير الداخلية سلامة حماد، للمشاركة في مؤتمر وزاري عام 2016، ووزير الاستثمار الأردني زار في مارس عام 2022.
وزار الهند مراراً الدكتور محمد ذنيبات، رئيس مجلس ادارة شركة الفوسفات لتعزيز الشراكة وزيادتها، وأصبحت الهند شريكاً واعداً في صناعات الفوسفات والأسمدة الأردنية، وباسم الشركة الهندية المزاملة للشركات الأردنية، كما كانت الزيارات من قبل لنفس الشركة، فقد قام بها المهندس عامر المجالي ولنفس الأغراض حين كان رئيس مجلس إدارة شركة الفوسفات.
في قصر الحسينية، وبحضور الملك عبد الله الثاني الذي ترأس اللقاء، وادار الاحتفال بمناسبة اليوبيل الماسي للعلاقات الدبلوماسية بين الهند والأردن، وقرارات تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي، ولتأسيس منتدى الأعمال الأردني الهندي في عمان، وفتح آفاق جديدة واعدة في مجالات التجارة والاستثمار بين البلدين، وخاصة في القضايا الاقليمية ومكافحة الإرهاب والتعاون واحلال السلام والتبادل الثقافي والتوأمة في المواقع التراثية، البترا في توأمة مع مغارات ايلوار … في الهند، وايضاُ التعاون في مجال الحوكمة والتكنولوجية الرقمية حيث الهند متقدمة وايضا للتوسيع التجاري بين البلدين.
وزيارة رئيس الوزراء الهندي، مودي، للأردن، هي أول زيارة رسمية كاملة منذ 37 عاماً، وتؤسس لمرحلة هامة جديدة، فالرجل قوي وصاحب نفوذ واسع وحزبه بهاراتيا جاناتا هو الحزب الحاكم، إذ أن منصب رئيس الجمهورية، وهي السيدة دوربادي مورمو، منصب رمزي وتنتهي ولايتها هذا العام 2025، وهي رمز الوحدة الوطنية الهندية،
والهند هي أكبر ديمقراطية وفيها أكبر التجارب الديمقراطية في العالم، ولديها تجربة فريدة بسبب حجم السكان الذي يتعدى المليار والنصف، وفيها تنوع كبير، دينياً وعرقيا ولغوياً، حتى أصبحت جمهورية ديمقراطية اتحادية.
والنظام البرلماني في الهند على غرار البريطاني وتجري الانتخابات كل خمس سنوات، وهي اكبر انتخابات في العالم، وتشرف عليها لجنة انتخابات هندية مستقلة وتوصف بانها انتخابات تنافسية تعددية، وتشارك فيها الأحزاب الكبيرة والصغيرة، إذ أن دستور الهند وضع عام 1950، وهو أطول دساتير العالم، وفي الهند، هندوس ومسلمون ومسيحيون وسيخ وبوذيون، وغيرهم، وتكفل الدولة للجميع حرية الاعتقاد والممارسة الدينية.
ولأنني مولع بالتاريخ، فإن العلاقات بين الهند والعرب، كانت منذ سبعة الآف سنة قبل الميلاد، وتواصلت بالتجارة عبر البحر والبر ووصلت ذروتها بوصول المسلمين والعرب الى الهند، أيام القائد فاتح السند محمد بن قاسم الثقفي، واصبحت التجارة تتدفق لتحمل الى العرب التوابل والأقمشة والأرز، واصبحت معابر التجارة الهندية الآن قناة السويس والبحر الأحمر، وعدن، حيث التصدير والاستيراد الهندي الخارجي.
ومن الذين اهتموا .. بالهند، الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، الذي خاطب واليه زياد بن عبيد في رسالة، قال فيها، أرسل الى الهند رجلا يصلح الثغور ويقيم العدل فكان أن وجه اليها سلمة بن سنان الهذلي
، وما زال في الهند مجموعات عربية كثيرةوكبيرة ، يسمون الهنود العرب، في الساحل الغربي للهند في سواحل مليبار وايضاً البنغال العربية ومعظم المجتمع المسلم الهندي من أصول عربية، ويطلق على الشخصيات المميزة فيهم اسم الشيخ وهو لقب عربي
وكان العرب قبل الاسلام في الجاهلية يفاخرون باقتناء السيوف، المهندة والسيف الهندي وهو السيف المصنوع من حديد الهند، إذ كانت الهند هي المورد الأول للسلاح الحربي من هذا النوع، الهندي.
زيارة مودي للأردن زيارة تاريخية هامة وهي تفتح آفاقاً جديدة واسعة للأردنيين في مجالات عديدة من التجارة والاستثمار والإبداع التكنولوجي وتطوير الموارد المائية.
ولا بد أن تحظى هذه الزيارة بتغطيات إعلامية افضل وشرح أبعادها وآثرها وضرورة الحرص على انفاذ كل اتفاقياتها، فقد كان الملك عبد الله مسروراً بهذه الزيارة ويعلق عليها أمالاً كبيرة ستظهر نتائجها.
