عروبة الإخباري –
لبنان، هالقطعة الصغيرة من الأرض يلي كلّ ما تعب، بترجع السما تمدّلو إيدها، ووسط وجع الأيام، إجا البابا ليون الرابع عشر بخطوات هادية، متل ضيف من نور جايي يطّمن قلب وطن.
ما كانت زيارة عابرة، ولا بروتوكول بيمشي بين قصور؛ كانت أشبه برسالة سماوية نزلت عَ كتاف الجبل، وبّخت الأرز، ولمست قلوب الناس.
مع كل محطة، كان صوت الروح أعلى من الكلام… وكأنّو لبنان فتح بابو لزائر جايي يحمل سلام، ويذكّر إنّو الإيمان مش حكاية قديمة… الإيمان حياة بعدها عم تتنفّس بين رهبان الدير، وبين صلوات الناس، وبين حجارة هالبلد المتعبة والواقفة.
حكاية نور نازل عَ جبين الجبل، وكأنّو النهار بلبنان فتح عيونو عَ ضوّ جديد… هالبلد يلي تعوّد يستقبل الريح بصدره، استقبل هالمرة بابا الفاتيكان ليون الرابع عشر متل ما بيستقبل التراب أول نقطة مطر بعد صيف طويل.
حمل معو سلام، وترك وراه خشوع… ومشي بين الناس بخطوات بتحكي أكتر من الكلام.
عنايا… مطرح ما السما بتقعد حدّ التراب
أول محطّة كانت دير مار شربل – عنايا، هونيك، مطرح ما الصمت بيحكي، ومطرح ما ريحة البخور بتشبّهك بالطمأنينة يلي ما بتنوصَف، وقف البابا حدّ ضريح القديس شربل وترك قلبه يصغي.
كان في نور خفيف عم يرقص بين الشموع… وكأنّو القديس عم يهمس للبابا وللبنان: “خليكن ثابتين… الإيمان بيكبر بالضيقة.”
انحنى البابا بتواضع يشبه هيبة الدير، وطلع من هالمكان كأنّو حامل بركة صامتة، ماشية قدّامو متل خيط نور.
حريصا… أمّ فوق الجبل عم تحضن وطن
ومن عنايا، ارتفع الطريق صوب حريصا – سيدة لبنان. الجبل هونيك متل حضن كبير، فاتح دراعيها للبحر والناس والمستقبل.
ولمّا وصل البابا، حسّ الشعب إنّو في لحظة جامعة… اللي موجوع، اللي تَعِب، اللي ناطر فرج، كلّن واقفين قدّام السيدة متل ولاد على باب أمّن.
حكى البابا عن الرحمة… عن لبنان يلي بينحني بس ما بينكسر… وعن شعب بيشبه الشمعة: بتنطفي الريح حوليها بس ضوّها بيصمد.
رسالتو كانت واضحة: “الأمّ اللي بتحمي هالبلد من زمان، بعدها واقفة، وبعدها عم تصلّي للكلّ.”
لقاءات من قلب لقلب… مش من كرسي لكرسي
وبين المحطات، اجتمع البابا برجال دين من طوايف مختلفة.
ما كان اللقاء رسمي بارد… كان دفا. حكي صادق عن وطن واحد، ورسالة وحدة، ومصير بيتكتب بإيدين الجميع.
شدد على إنّو التنوّع بلبنان مش عبء… هو نعمة، وإنّو الوحدة ما بتطلب الذوبان… بتطلب قلب كبير.
كانت كلماتو مثل دعوة: خلّوا الاختلاف يصير جسر، مش جدار.
أثر الزيارة… متل خيط نهار بآخر الليل
ولمّا خلصت الجولة، ما تركت صخب…
تركت سكينة.
مرقت متل نسمة بين سنابل القمح: ما بتنشاف، بس بتعمل فرق.
غادر البابا ليون الرابع عشر، بس بقي أثره معلّق بين الدير والمزار، بين الجبل والبحر، وبين الناس يلي بعدا بتآمن إنّو لبنان مش بلد عادي…
لبنان رسالة، وهاي الرسالة هالمرة مش بس كلمة…
كانت عم تمشي على الأرض، لابسة أبيض، وعم تترك أثر من رحمة وركّة، وأمل عم يلمع بعيون شعب بعده قادر يكمّل.
