عروبة الإخباري – قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من أجل تأجيل أي قرارات حاسمة قد يتخذها المجلس المركزي في جلسته المقررة في الرابع والخامس من مارس (آذار) الحالي، وذلك لإعطاء فرصة جديدة لاستئناف محتمل للعملية السلمية بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المقررة نهاية الشهر.
واتصل كيري بالرئيس عباس شخصيا لحثه على تهدئة الموقف وعدم التصعيد، وقالت المصادر إن كيري رفض الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بحجز أموال الضرائب وقطع الكهرباء عن مدن الضفة، وتعهد بالضغط على المسؤولين الإسرائيليين للعدول عن قراراتهم، لكنه في المقابل طلب من عباس عدم اتخاذ «المركزي» لأي قرارات من قبيل إلغاء اتفاقات سياسية أو أمنية أو اقتصادية مع إسرائيل، بهدف تجنب انهيار كامل في العلاقات.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن كيري بحث مع عباس حجز الأموال الفلسطينية، كما أوضح مسؤولون أميركيون أنه بحث معه كذلك مشكلة قطع الكهرباء عن المدن الفلسطينية.
ويفترض أن يجتمع «المجلس المركزي» يومي الأربعاء والخميس المقبلين لبحث مستقبل العلاقة مع إسرائيل، خاصة في ظل الجمود الذي يعتري العملية السياسية، وفي ظل احتجاز إسرائيل لأموال الفلسطينيين.
ويعد «المركزي» أعلى سلطة تشريعية للفلسطينيين في حال اجتماعه، وقد اتخذ سابقا قرارات مصيرية متعلقة بالتمديد لولاية الرئيس الفلسطيني والمجلس التشريعي.
وتحتجز إسرائيل حتى الآن أكثر من 300 مليون دولار للسلطة من أموال الضرائب عن الشهور الثلاثة الأخيرة، بينما قُطعت الأسبوع الماضي الكهرباء عن عدة مدن فلسطينية، وذلك في خطوة تحذيرية قالت إنها ستتبعها خطوات أخرى.
وقد تسبب احتجاز الأموال في أزمة شديدة للسلطة الفلسطينية، لم تستطع معها دفع رواتب موظفيها، في حين سبب قطع التيار الكهربائي حالة من الارتباك. وفي هذا الشأن قال مسؤولون فلسطينيون إن السلطة أصبحت مهددة بالانهيار في ظل استمرار هذا الوضع، وهو ما دفع الرئيس الفلسطيني إلى التلويح بإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل، واتخاذ ما وصفه بأنه «خطوات صعبة».
ويريد كيري من عباس عدم اتخاذ أي خطوات في الوقت الحالي حتى انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المقررة نهاية الشهر الحالي. وبهذا الخصوص قالت جنيفر بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن كيري ناقش مع عباس «الديناميات الحالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأهمية ضمان السلامة المالية للسلطة الفلسطينية»، مضيفة أن كيري شرح لعباس خلال الاتصال جهوده مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، من أجل منع وقوع أزمة في الضفة الغربية، وكذا الخطوات التي سيتم اتخاذها في الأشهر المقبلة.
وقالت بساكي: «ندعم كل الجهود المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار، وتوفير مزيد من الفرص للفلسطينيين والإسرائيليين.. وبطبيعة الحال نحن نشجع استمرار الحوار على حلول دائمة»، كما أشارت المتحدثة الأميركية في الإطار ذاته إلى أن إدارة الرئيس أوباما «معنية بطبيعة الحال بالوضع الإنساني المتردي في غزة، ونحن نعمل مع شركائنا الدوليين، بما في ذلك حكومة إسرائيل، على دعم جهود إعادة الإعمار في غزة».
ويراهن كيري على حدوث تغيير في الخارطة السياسية في إسرائيل، تمكنه من إحداث انفراج جديد في العملية السلمية، وفي المقابل، يميل بعض المسؤولين الفلسطينيين إلى عدم التصعيد حتى يتبين الموقف في إسرائيل، في حين يميل مسؤولون آخرون إلى اتخاذ قرارات حاسمة وفورية.
ويتوقع أن تكون جلسة «المركزي» عاصفة، إذ من المتوقع أن تضغط فصائل فلسطينية في منظمة التحرير، بينها الجبهتان الشعبية والديمقراطية، من أجل اتخاذ قرارات فورية. وتوقعت المصادر أن «المركزي» سيخول لعباس اتخاذ القرارات لاحقا بحسب التطورات السياسية، وذلك في محاولة للضغط على الأميركيين والإسرائيليين.
وكان سليم الزعنون، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، قد أعلن أن المجلس المركزي الفلسطيني سيعقد دورته السابعة والعشرين في الرابع والخامس من مارس (آذار) الحالي، بمقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله، مؤكدا أن «المركزي» سيناقش في دورته تحديد طبيعة العلاقات مع إسرائيل، في ضوء التطورات الراهنة بجميع المجالات السياسية والأمنية الاقتصادية. ويوجد على طاولة «المركزي» موضوع العلاقة مع إسرائيل بجميع أبعادها الأمنية والسياسية والاقتصادية، وملفات المصالحة، والأسرى، وقضية الاستيطان، وإعمار القطاع، وأوضاع اللاجئين في سوريا ولبنان، وتجديد مؤسسات السلطة.