جاء لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بأخيه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، في توقيت بالغ الحساسية، إذ تواجه المنطقة العربية تحديات غير مسبوقة تتعلق بأمنها، واستقرار شعوبها، ومصير فلسطين قضيتها المركزية.
لقد حملت نتائج زيارة سمو أمير قطر توافقا واضحا على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني في وجه العدوان المستمر على غزة، والتأكيد على أهمية حماية وحدة سوريا ولبنان، ومساندة جهودهما للحفاظ على أمنهما وسيادتهما، وهذا التناغم بين عمّان والدوحة يعكس تحوّلًا في المزاج العربي نحو المزيد من التفاهم والتكامل، في وقت تمادت فيه إسرائيل في تجاوز القانون الدولي، وأصبحت تهدد أمن دول عربية بشكل مباشر.
إن الاعتداء الإسرائيلي الأخير على العاصمة القطرية الدوحة، لا يمكن فصله عن مسار التصعيد المتواصل منذ عامين في غزة والضفة الغربية، حيث تحولت السياسات الإسرائيلية إلى مشروع ممنهج للتهجير والتقسيم وفرض الهيمنة بالقوة، وعليه فالرد العربي يجب أن يكون بحجم هذا التهديد.
لقد حان الوقت لمراجعة الأدوات العربية في مواجهة إسرائيل، التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، من استباحة الدم الفلسطيني، إلى تهديد أمن دول عربية مستقرة، والتحدي لم يعد يخص دولة بعينها، بل يطال الجميع، وهو ما يستدعي مواقف موحدة وخطوات عملية لوقف الحرب، ومنع التهجير، وحماية القدس ومقدساتها، وصون السيادة الوطنية للدول العربية.
لقاء عمّان ليس فقط محطة دبلوماسية، بل إشارة إلى أن صوتًا عربيًا جديدًا بدأ يتشكل، يحمل وعيًا مختلفًا، ورغبة حقيقية في إعادة الاعتبار للقرار العربي المشترك، فالمخاطر التي نواجهها لا تستثني أحدًا، ولا يمكن مواجهتها إلا بتضامن حقيقي، وعمل جماعي، يتجاوز الخلافات نحو رؤية موحدة لمستقبل هذه الأمة.
