كتب الصحافي سماح مطر رئيس تحرير صحافة وطن –
تشهد الساحة الدولية منذ مطلع عام 2026 تحولات جذرية تنذر باحتمال اندلاع حرب واسعة قد تُلقي بظلالها على أوروبا وتضعها في مواجهة مباشرة مع الصين وروسيا. هذه المواجهة، إن وقعت، قد تغيّر ملامح القارة العجوز كما عرفناها لعقود، وربما تضع حدًّا لصورة “أوروبا الكبرى” التي شكّلت قطبًا سياسيًا واقتصاديًا على الساحة العالمية.
أوروبا بين الانقسام والتهديد
إن أي حرب شاملة بين أوروبا من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى ستفتح الباب على انهيارات سياسية واقتصادية متزامنة، وقد تدفع الاتحاد الأوروبي إلى التفكك الداخلي تحت وطأة الانقسامات حول إدارة الصراع، فضلًا عن الأعباء الهائلة التي سيتحملها في ميادين القتال وعلى صعيد الطاقة والغذاء والاقتصاد.
ومع انشغال أوروبا بنفسها، قد تفقد الكثير من ثقلها الدولي لصالح أقطاب أخرى صاعدة، ما يجعلها عرضة لتراجع دورها التاريخي في قيادة النظام العالمي.
الشرق الأوسط… ساحة انكفاء أم فرصة ازدهار؟
الانعطافة الأوروبية نحو الحرب قد تمنح الشرق الأوسط مساحة جديدة للتمدد والتأثير. فالمنطقة الغنية بالموارد الطبيعية والممرات الاستراتيجية قد تجد نفسها أمام فرصة لإعادة التموضع كقوة صاعدة على المسرح العالمي. وهنا يطرح السؤال: هل يستغل العرب هذا الظرف لتكريس مشروع نهضوي جديد، أم ينجرّون إلى فوضى متأثرة بتداعيات الحرب الكبرى؟
احتمال ولادة محور عربي موحد
في سيناريو متفائل، قد تدفع الظروف الإقليمية والضغوط الدولية الدول العربية إلى التكاتف، وتشكيل مجلس عربي موحد يجمع تحت لوائه جيوش المنطقة في إطار دفاعي استراتيجي. مثل هذا التحالف، إن تحقق، يمكن أن يعيد إلى الشرق العربي شيئًا من أمجاد الماضي، ويضعه في موقع قوة على طاولة المفاوضات الدولية.
إسرائيل في مواجهة العزلة
في خضم هذه التطورات، قد تجد إسرائيل نفسها في وضع استثنائي. فإذا انكفأت أوروبا عن دعمها نتيجة انشغالها بحروبها الخاصة، ومع فتور المواقف الأميركية بفعل ضغوط صراع عالمي متعدد الجبهات، فإن إسرائيل قد تضطر إلى مواجهة تحدياتها منفردة، وهو ما قد يفتح الباب أمام تغيرات عميقة في موازين القوى بالمنطقة.
ما بعد السيناريو… نحو نظام عالمي جديد؟
إن الحرب المدمّرة المحتملة على أوروبا قد لا تعني فقط نهاية مرحلة من الهيمنة الغربية، بل قد تشكّل بداية نظام عالمي جديد تتقدمه محاور بديلة، يكون الشرق الأوسط أحد ركائزه إذا ما أحسن استغلال الفرصة التاريخية. فالخيار أمام العرب اليوم مزدوج: إمّا الارتهان للفوضى الناتجة عن صراعات الآخرين، أو المبادرة إلى بناء محور عربي صلب يستعيد زمام المبادرة ويؤسس لنهضة جديدة.
العالم يقف على عتبة تغييرات كبرى قد تبدأ من أوروبا وتنتهي بتغيير الخريطة الجيوسياسية بأسرها. ما بين سقوط محتمل للغرب وصعود محتمل للشرق الأوسط، تبقى الإرادة السياسية العربية هي الفيصل في تحديد إن كنا سنشهد عودة الأمجاد العربية أم انغماسًا جديدًا في أزمات الآخرين.
