عروبة الإخباري –
هناك أصوات تمرّ بنا كنسمة لطيفة، وهناك أصوات تعانق أرواحنا وتترك بصمتها في أعماقنا، فصوت لينا نقل من النوع الثاني؛ صوت شجي يتسلل بلا استئذان إلى القلب، وحنجرة ذهبية تُخرج الغناء من دائرة الأداء إلى عالم السحر والدهشة.
فحينما تغني لينا، “فوق النخل”، لا نسمع فقط أغنية تراثية عراقية، بل نعيش معها رحلة وجدانية مليئة بالشجن والحنين. كلمات الأغنية التي كتبت قبل عقود، تجد في صوتها حياة جديدة، كأنها وُلدت الآن من جديد. نبراتها تحمل دفء الشرق ورقّة الحنين، كل جملة تنطق بها تصبح لوحة من العاطفة، وكل نغمة تخرج منها كأنها نبضٌ يلامس القلب.
لينا لا تردد الألحان فحسب، بل تُذيب روحها في النصوص. وعندما تصدح “فوك النخل فوك”، نشعر أن الأغنية تتحول إلى حكاية شخصية ترويها لنا بصدق لا يُقاوَم. إنها تغني بعاطفة حقيقية، بعينين ترى ما وراء الكلمات، وبقلب يفيض إحساساً، حتى يصبح المستمع شريكاً في التجربة، وكأن الأغنية كُتبت له هو شخصياً.
صوتها الشجي، الممتد بين رقة الهمس وقوة النداء، يثبت أن الفن الأصيل لا يشيخ. حنجرتها الذهبية تلمع في كل طبقة، وتمنح “فوق النخل” روحاً جديدة تحافظ على أصالتها، وتفتح لها باباً على حاضر مشرق. إنها لا تقلّد الماضي، بل تعيد صياغته بلغة الحاضر، لتجعل التراث قريباً من القلب، مفهوماً لدى الأجيال الجديدة، ومحبوباً في كل زمان.
لينا نقل، هي روح تعطي الحياة للغناء. حضورها يذكّرنا أن الأغاني العريقة تحتاج إلى أصوات صادقة تحرسها وتُعيد لها بريقها. وعندما نستمع إليها، ندرك أننا أمام فنانة نادرة، قادرة على أن تحوّل لحظة الاستماع إلى تجربة لا تُنسى، وأن تجعل من كل لحن مرآة لروحها، وهديةً ثمينة لقلوبنا.
