عروبة الإخباري – كتب : اشرف محمد حسن –
هناك حكاية ساخرة من الأدب الشعبي عن الأنانية والاستسلام للظروف و تظهر شخص ما بالسلامة الشخصية بغض النظر عن الأضرار التي تلحق بالآخرين وتقول الحكاية إن جحا قيل له إن حريقاً شب في بلدته، فرد بأن الأمر لا يعنيه ما دام خارج حارته وعندما قيل له إن الحريق في حارته، قال إن الأمر لا يعنيه ما دام في دار جاره ثم قيل له إن الحريق في داره، قال الحمد لله فقد سلمت برأسه وهذا المفهوم ما عمل على تكريسه الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا وبريطانيا وباقي الدول الاستعمارية السبع أي عزل القضية الفلسطينية وتحويل الصراع الى فلسطيني صهيوني وليس عربي او إسلامي صهيوني كما هو حقيقته وكما كان في السابق فمنذ عامين والكيان الصهيوني يحاصر ويجوع ويبيد قطاع غزة ويقطع اوصال الضفة الغربية مما تبقى من فلسطين ويعتدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية دون ان يتخذ احد اجراء حقيقي وفاعل وكأن الموضوع لا يعني أي من الدول العربية او الإسلامية فقد نجحت الصهيوامريطانية بجعل هذه الدول في حالة دفاع دائم عن ذاتها .
وحول ما يتعرض له الأردن والدول العربية في المنطقة اود هنا التذكير هنا بحديث الرئيس ياسر عرفات عن مفهوم “خارطة إسرائيل الكبرى” من خلال الإشارة إلى القطعة النقدية الإسرائيلية من فئة “10 أغورات” في عام 1988 م فقد أشار في ذلك الوقت الى أن ما هو منقوش على أرضيتها ما هو إلا خريطة “لإسرائيل” الكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات لكن القادة العرب آنذاك لم يأخذوا كلامه على محمل الجد، بل ان الكثير من الكتاب والإعلاميين سخروا من حديثه عندما امسك بالقطعة النقدية “الإسرائيلية” من فئة العشرة اغورات وأشار الى وجود ما اعلنه النتن ياهو حالياً بخارطة “إسرائيل” الكبرى وهنا لابد من الاشارة هنا الى مثل شعبي قالوه اجدادنا وهو “العليق عند الغارة لا ينفع” ويقال في البادية العراقية والحجازية: (العليج وقت الغارة خسارة)، وبعضهم: (العليج عند الغارة ما ينفع). أو: (العليج عند الشدة ما يفيد)، فكانت خيولهم مسروجة أغلب الأوقات وعليقة الشعير برأسها والهجن ترعى بأشدتها.. وقد سخر اجدادنا الأردنيون والعرب من أولئك الذين يعلفون خيولهم وقت الغارة، بينما يجب اشباعها قبل ذلك بزمن لتكون مستعدة لحمل فرسانها والركض مسافات للدفاع عن القبيلة.. فأن الخيول الجائعة أو المتخمة لن تستطيع الكر والفر والمطاردة في ساحات القتال وهي بهذا الحال، لذلك فإن إطعامها عند الهجوم المباغت لن ينفعها بشيء، وإطعامها بعد انتهاء الغارة لا جدوى منه، وهذا المثل ينطبق على كثير من الحكومات التي تخلت عن سلاحها، وتؤجل الدفاع عن نفسها، في حين تقتضي الحكمة التعبوية أن تبدأ التحضير والاستعداد مبكراً، ولا تنتظر الغارة حتى تبدأ بتجهيز جيوشها، وأما إذا كانت متأهبة ويقظة ومستعدة لكنها تؤثر التأجيل وتفضل التريث، فلا نفع في خيولها مهما أسرجت وألجمت وتدرعت، وأغدقت في العليج ولهذا وهذا ما يحدث في زمننا عندما صمتت إزاء ما يحدث في قطاع غزة وفلسطين بشكل عام فما هذا الصمت سوى تكريس لمفهوم جحا حول السلامة.
بدئنا مؤخراً نسمع اصواتاً تنادي بان لا شأن لنا بالحرب الدائرة وفق نظرية جحا دون الاخذ بعين الاعتبار انه لا امان لنا اذا كنا ضعفاء، الا انه تصاعدت أصوات أخرى تنادي بالاستعداد لمواجهة محتملة مع العدو الصهيوني حتى وصل الامر الى إعادة خدمة العلم (التجنيد الاجباري) كما كان الوضع في السابق حتى بدايات التسعينات من القرن الماضي وهذا بالتأكيد قرار حكيم وجيد جداً خاصة بعدما اعلنها صراحة النتن ياهو وقيامه بنشر خارطة أحلامه “المرحلية” فهذه هي ليست أحلامه فقط بل انها عقيدة الصهاينة بشكل عام لكنهم يعملون على مراحل ويتربصون لاقتناص الفرص لبسط سيطرتهم على كافة ارجاء الوطن العربي كما يحدث حالياً في لبنان وسوريا وغيرها من البلدان العربية فهذه المواجهة مع ذلك العدو حتمية ويعلن عنها صراحة بعد معاركه في غزة فخطوة إعادة خدمة العلم وتدريب الشباب على حمل السلاح جيدة جداً ولكن.. يجب ان يتبعها العديد من الخطوات وبشكل متسارع ومن أهمها التسلح سريعاً بل وضرورة “تصنيع السلاح في المؤسسات التابعة للقوات المسلحة” فالعالم ككل لا يحترم الا الاقوياء وهذه الاستعدادات ليست لهذه المرحلة فقط.. بل بشكل دائم.. فنحن امام عدو مخادع يشبه الورم السرطاني فاذا لم تقضي عليه في بداياته سيمتد ليفتك بنا فهم من لا امان.. ولا عهد لهم.
لا عهد لهم.. العليق عند الغارة..!
8
المقالة السابقة
