عروبة الإخباري – افتتحت سمو الأميرة ريم علي، اليوم الاثنين فعاليات مؤتمر “اللاجئون السورين في الأردن: سؤال الإعلام والمجتمع ” بمشاركة نحو 200 شخصية أكاديمية وسياسية وإعلامية من الأردن ولبنان وتركيا، وممثلين عن منظمات دولية معنية بشؤون الإغاثة واللاجئين، ووسائل إعلام عربية ودولية.
وقال عميد معهد الإعلام الأردني الدكتور باسم الطويسي في الجلسة الافتتاحية، ان المؤتمر يعقد في الوقت الذي يزدادُ فيه تفاقم أزمة اللاجئين في الداخلِ السوريْ، وفي دولِ الجوارِ المستضيفةْ، فيما تذهب أزمةُ الصراعِ فوق الأرضِ السورية، التي خلقت مأساة اللجوءِ نحو أفقٍ مجهولْ، ونحو مزيدِ من التعقيدِ، يتزامن ذلك مع تراجع وفاء المجتمع الدولي بالتزاماتِه وواجباتِه حيال اللاجئين والدول المستضيفةِ لهم.
وأضاف أن ذلك يخلق اليومَ سلسلةَ أزماتٍ مركبةْ، كان آخرها ما أعلنه الأسبوع الماضي برنامج الغذاء العالمي، عن توقيف ما يقدمه من مساعداتٍ للاجئين السوريين، وسطَ ظروفِ الشتاء القارسةْ، إضافةً إلى الأزماتِ الإستراتيجية والقطاعيةِ، التي تفرض نتائجَها الكارثة على الدولِ المستضيفةْ وعلى أوضاع اللاجئين، وحقوقِهم، وقدرةِ الدولِ المستضيفةِ بالوفاءِ بالحدِ الأدنى من حاجاتِهم.
وأشار إلى إن خرائطَ الصراعِ فوق الأرضِ السوريةِ،لا تشيرُ نحو أفق واضح لحل الأزمةِ في المدى القريبْ، وعودةِ اللاجئين إلى وطنهم،ما يعني أن احتمالاتِ تفاقمِ هذه المشكلةْ، على شكلِ موجاتِ لجوءٍ جديدةٍ وما تسببه،من آثار وتداعيات واحتياجاتْ.
وبين أن ذلك يبرز أهميةُ توفيرِ المعلوماتِ، وإدارةِ حواراتٍ متعددةِ الأطرافِ والمستوياتْ، حول واقع هذه الأزمةِ وآثارها، من خلال سماعِ أصواتِ الخبراء والأكاديميين، وقادةِ الرأيِ، والقادةِ الاجتماعيينْ، وعدم الاكتفاءِ بأصواتِ السياسيين وحدهمْ.
وأشار الطويسي إلى أن عقد المؤتمر يأتي بهدف نقلِ الحوارِ حول واقعِ اللاجئين السوريين في الأردنْ، من المستوى السياسيِ الصرفْ،إلى المستوى العلميِ والمهنيْ، ومن منظورٍ حقوقيٍ، إلى جانب منظورِ المجتمعاتِ المستضيفةِ،وربطِ كل ذلك بأداءِ وسائلِ الإعلامْ، حيالَ هذا الملفْ،والتساؤل حول تمثلِها لقيمِ التغطيةِ الإعلاميةِ العادلةِ والنزيهةْ.
واعتبر ان الإعلام يرتبط بعلاقةٍ مركبةٍ مع قضايا اللاجئين،وتتصفُ التغطياتُ الإعلاميةُ في أوقات الحروبِ والصراعاتِ بحساسيةٍ عاليةْ، وتقعُ تغطيةُ قضايا اللاجئين في مركزِ هذه الحساسيةْ، وتحديدا، في فحصِ قدرةِ الإعلامِ على تأمينِ قناةٍ حرةٍ ومستقلةٍ لتدفق المعلوماتِ حول اللاجئينَ وشؤونهمْ، وتوفيرِ منبرٍ حرٍ للنقاشِ حول قضاياهمْ،ومراعاةِ منظورِ حقوقِ الإنسان في كل تلك التفاصيلْ.
وأشار الطويسي الى ان المؤتمر يناقش أسئلة جهورية لأزمةِ اللاجئينَ السوريينْ، من بينها هل قدمت وسائلُ الإعلامِ العربيةِ ودولية تغطيةً عادلةً ونزيهةْ ومدى مراعاة روايةَ كلِّ طرف من الأطرافْ وهل وفرت فرصا لسماعٍ أصواتِ اللاجئينْ، وما مدى ابتعادِ أو اقترابِ وسائلِ الإعلامِ من إنتاجِ صور نمطيةً للاجئينْ، والمجتمعاتِ المستضيفةْ ثم ما مدى مساهمةِ وسائلِ الإعلامِ في التخفيفِ من حدةِ خطابِ المجتمعاتِ المحليةِ المستضيفةْ، والنأيِ به عن الكراهيةْ، خصوصاً في ضوءِ ازديادِ شكوى تلكَ المجتمعاتِ من الآثارِ السلبيةِ للجوءْ.
ويهدف المؤتمر الذي يعقد بالتعاون مع معهد الصحافة النرويجي الى بناء قاعدة معلومات وبحوث حول حالة اللاجئين السوريين في الأردن تحديداً، وفي دول الجوار بشكل عام، وتوفير فرصة لبناء شبكة علاقات بين المؤسسات والمنظمات المعنية بشؤون اللاجئين السوريين ووسائل الإعلام، وتطوير فهم أفضل وأكثر موضوعية عن أحوال اللاجئين السوريين والتحديات التي تواجههم.
من جهته، أشار مدير برنامج الإعلام الحر في معهد الصحافة النرويجي فروده ركيه، إلى دور الأردن في استضافة اللاجئين السوريين على الرغم من كونه بلدا صغيرا يواجه نقصا في الموارد وما تحملته المجتمعات من أعباء.
وعبر عن الأمل في أن يسهم المؤتمر في تحقيق أهدفه في الإجابة عن الأسئلة المطروحةـ خصوصا كيف يمكن أن نعكس تفاصيل حياتهم ومعاناته ومتطلباتهم في الإعلام ونقلها إلى العالم؟ وأشار إلى ان معهد الصحافة النرويجي نفذ مجموعة من البرامج في الأردن بالتعاون مع معهد الإعلام الأردني في مجال التدريب والتأهيل وتنظيم زيارات علمية سنوية لطلبة المعهد إلى النرويج، كان آخرها العام الماضي لـ 26 طالبا تمحورت حول الديمقراطيات المحلية.
ويناقش المؤتمرون نحو 51 ورقة عمل عبر ثمانية محاور، تتناول خصائص اللاجئين السوريين وأوضاعهم في الأردن من حيث التركيب الديموغرافي والتعليم والصحة والأوضاع المهنية والاقتصادية والانتشار والسكن داخل المخيمات وخارجها وظروف الأطفال والنساء.
كما يتناول المؤتمر الأثار الاقتصادية لأزمة اللاجئين على الأردن في قطاعات التعليم والصحة والمياه والبنية التحتية والخدمات و قطاع الخدمات البلدية، فضلا عن مناقشة الأثار الاجتماعية وجهود الإغاثة والعمل الإنساني و الخطاب الإعلامي حول أزمة اللاجئين السوريين، ومدى تجارب وسائل الإعلام في تغطية أزمة اللاجئين السوريين والتحديات التي تواجه تلك الوسائل.
ويشهد المؤتمر ضمن فعالياته الموازية عقد ورشة عمل تدريبية بعنوان “التغطية الإعلامية لشؤون اللاجئين من منظور حقوق الإنسان” بالتعاون مع منظمة صحافيين بلا حدود ـ السويد، يشارك فيها 20 صحافيا يمثلون مؤسسات صحافية مرئية ومكتوبة ومسموعة.
من جانبه قال وزير التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور إبراهيم سيف ، إن نسبة استجابة المجتمع الدولي للمبادرات التي أطلقها الأردن لتحمل أعباء اللجوء السوري لم تتجاوز 30 في المئة، لكنه أشار إلى أن الجهود التي بذلها الأردن نجحت إلى حد كبير في تحسين الآثار السلبية التي خلفتها الأزمة السورية.
وقال خلال جلسة في “مؤتمر اللاجئون السوريون:سؤال المجتمع والإعلام” المنعقدة أعماله في البحر الميت” ما يبدو لنا أن الأزمة السورية ستطول ولذلك نحن بحاجة الى إطار متوسط المدى للتعامل مع هذه الأزمة”.
وأشار إلى أن هذا الإطار يستهدف تعزيز قدرات الدولة الأردنية من الاستمرار في تقديم خدماتها بذات السوية والمستوى حتى لا نثير المجتمع المحلي بسب هذا اللجوء”.
وقال الدكتور سيف انه في ظل عدم وجود مؤشرات لحل الأزمة السورية “فإننا بحاجة إلى إطار متوسط المدى وطويل المدى للتعاطي مع هذه الأزمة مع الاستمرار في القيام بواجباتنا وتقديم خدماتنا لهم”.
وبين في الجلسة التي أدارها الدكتور فيصل الرفوع وشارك فيها أمين عام وزارة الصحة، ورئيس بعثة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونائب رئيس مركز الوطن للأمن وإدارة الأزمات، أن الأردن تعامل مع الأزمة السورية من منطلق إنساني يقوم على أساس توفير الخدمات.
وأشار إلى أن تقديرات كلف اللجوء السوري للعام المقبل قدرت بنحو 8ر2 مليار دولار وهي مدرجة ضمن خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية لعام 2015 تم إعدادها بالتعاون مع جميع الجهات الوطنية ذات العلاقة.
واستعرض تجربة الأردن وتطورها في استضافة اللاجئين السوريين، لافتا إلى ان الحكومة حافظت على سياسة الأبواب المفتوحة في استقبالهم على الرغم من ان تدفقهم الهائل سبب ضغطا على الموارد الاجتماعية والاقتصادية ، وعلى المرافق العامة التعليمية والصحية والبنية التحتية وعلى فرص العمل.
وعرض أمين عام وزير الصحة، الدكتور ضيف الله اللوزي في كلمة نيابة عن وزير الصحة، لأبرز الضغوط والأعباء التي خلفها اللجوء السوري على قطاع الصحة الذي تسبب في زيادة نسبة الإشغال في المستشفيات الحكومية خصوصا في محافظات الشمال.
وقال إن الوزارة تقدم جميع الخدمات الوقائية والتوعوية وخدمات الرعاية الصحية كما تقدمها للمواطن الأردني دون تمييز نافيا أن تكون الوزارة أوقفت تقديم خدماتها لهم.
وأشار إلى أن ذلك زاد من نسبة صرف المستهلكات الطبية وغير الطبية الى 30 في المئة وكذلك الضغط على الأجهزة الطبية وزيادة العبء على الكادر البشري والضغط على تقديم بعض الخدمات العلاجية.
واشار إلى أن ظهور بعض الأمراض بين اللاجئين دفعت إلى القيام بحملات تطعيم أكثر والى تنشيط عملية الرصد الوبائي للأمراض وبشكل مستمر .
وقدر اللوزي تكاليف الأعباء الصحية المقدمة في القطاع العام بحوالي 253 مليون دينار أردني في العام الواحد أي بكلفة إجمالية تقدر بحوالي 864 مليون دينار أردني منذ بداية اللجوء السوري حتى شهر أيلول الماضي.
ونوه إلى أن ذلك يشمل خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والثالثية بالإضافة إلى خدمات الصحة العامة والصحة النفسية وصحة البيئة.
وبين انه تم تسجيل 18 ألف حالة ولادة بين اللاجئين السوريين، لافتا إلى أن عدد جرعات التطعيم التي قدمت لهم سواء في إطار حملات التطعيم آو حسب البرنامج الروتيني للتطعيم بنحو 1 مليون و186 ألف جرعة تطعيم.
وأشار رئيس بعثة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اندرو هاربر إلى أن ما يجري في سوريا والعراق سيكون له أثر على الأردن خصوصا في ظل الصراعات هناك.
وبين أن للإعلام دور أساسي ومحوري في إبراز قضية اللجوء السوري للأردن، مشيراً إلى دور المنظمة يتمثل في إبراز معاناة الأردن وما يتحمله من أعباء جراء استضافة اللاجئين.
وقال هاربر إن دور المنظمة يتمثل في تخفيف العبء على الأردن ومحاولة إبراز دوره فيما يقوم به من جهود ، وذلك عن طريق إظهار ما قام الأردن به سابقاً في دعم اللاجئين وما يتحمله الآن وضرورة دعمه لما يمثله من أهمية في الشرق الأوسط.
وأكد ضرورة دعم الأردن في المنظور الواسع وليس في إطار طاريء ، خصوصاً وأن حل الأزمة السورية لا يزال غامضاً.
وأشار إلى أهمية دور الإعلام في نقل القصص والأخبار التي تتصل بتفاصيل حياة الناس اليومية، وكذلك إبراز الصور الإيجابية في تحسين حياة هؤلاء والتي يقوم بها الأردن عبر مؤسساته.
وقال نائب رئيس مركز الوطن للأمن وإدارة الأزمات، الدكتور رضا البطوش أن أزمة اللاجئين السورين طورت مفهوما خلاقا للعلاقات العامة لدى أجهزة الدولة المعنية يجمع بين الاعتبارات الأمنية والسياسية والإدارية والتعامل ميدانيا مع كل تفاصيل هذا الملف، لافتا الى المنظمات الدولية أشادت بهذه الجهود.
وقال إن ملف اللجوء السوري ينطوي على بعد استراتيجي في غاية الأهمية وذلك من حيث الخلل في التوازن السكاني بين عدد اللاجئين والسكان الأصليين خصوصا إذا ما طالت فترة اللجوء وإذا لم يتمكن عدد كبير من اللاجئين من العودة والتستر وراء الاتفاقية الدولة حول خيارات العودة.
وبين البطوش أن أزمة اللاجئين السوريين والأعباء التي تحملتها أجهزة الدولة أثبتت مدى الحاجة إلى وجود قاعدة معلوماتية موحدة ومرجعيات واضحة وذلك لتسهيل اتخاذ القرار وحل المعاضل الميدانية وتأكيد الالتزام بالمصالح الوطنية كمعيار رئيسي لاتخاذ القرار.
وشدد على أن تعاطي الأردن مع ملف اللاجئين السوريين يمثل قصة نجاح وذلك من خلال مدى الإحساس بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية الذي عكسه موظفو الدولة في هذا المجال.
وحذر من انه إذا ما ترك الأردن وحيدا في مواجهة أعباء اللجوء السوري فإن ذلك سيؤسس إلى سابقة في المجتمع الدولي تحجم فيها الدول عن تحمل مسؤولياتها الإنسانية تجاه حالات مماثلة في المستقبل.