عروبة الإخباري –
في ذكرى استشهاد فارس الأردن، وصفي التل، نقف إجلالًا أمام سيرة رجلٍ استثنائي حمل أمانة الوطن بكل شرفٍ ووفاء. تسعة وأربعون عامًا مضت على رحيل هذا القائد، وما زالت مواقفه وشجاعته تُلهم الأجيال، وتُجسد أسمى معاني التضحية في سبيل رفعة الوطن وكرامته. وصفي التل لم يكن مجرد رئيس وزراء أو شخصية سياسية؛ بل كان نموذجًا للقائد الوطني الذي نذر حياته لخدمة أمته، جامعًا بين الإخلاص والعمل الدؤوب، وبين الحزم والرؤية الثاقبة. في هذه الذكرى، نستذكر بصماته التي نقشت في تاريخ الأردن، ونستمد من سيرته القوة لمواجهة تحديات الحاضر.
ففي الذكرى التاسعة والأربعين لاستشهاد رجل الدولة، القائد الملهم، وصفي التل، يقف الأردنيون إجلالًا وإكبارًا لرجل ترك بصمة لا تمحى في وجدان الوطن، بقلبه النقي، وعقله الثاقب، ويده التي امتدت لخدمة وطنه بلا حدود. كان وصفي التل شخصية فريدة في تاريخ الأردن؛ زعيمًا ملهمًا حمل همّ الوطن وأمانة الدفاع عن قضاياه في أحلك الظروف.
ولد وصفي التل عام 1919، وسط أجواء وطنية مشبعة بالنضال والكرامة. تربى على قيم العروبة والإخلاص، متسلحًا بالعلم والمعرفة، ما أهّله ليصبح قائدًا من طراز رفيع. كانت حياة الشهيد مدرسةً في التضحية والعمل من أجل رفعة وطنه، فهو لم يرَ المنصب تكليفًا بل أمانةً ثقيلة حملها بكل إخلاص وشجاعة.
تميز وصفي التل بشخصية جمعت بين الحزم والمرونة، وبين القيادة الميدانية والفكر العميق. كان يؤمن أن التنمية الحقيقية تبدأ من الزراعة والتعليم، حيث أطلق العديد من المبادرات لدعم المزارعين وتشجيع التعليم الفني والمهني. كما كان يمتاز بحسٍ وطني لا يعرف المساومة، ما جعله رجل مواقف صلبة في الدفاع عن قضايا الأردن والعروبة.
على الصعيد السياسي، اشتهر وصفي بقدرته على قراءة الواقع المعقد بذكاءٍ ووعي، واتخذ مواقف شجاعة نابعة من قناعته الراسخة بأن الكرامة الوطنية لا يمكن أن تكون محل مساومة. كان يؤمن بوحدة الصف العربي ويعمل على بناء جسور من التعاون بين الدول العربية.
في يوم 28 نوفمبر 1971، امتدت يد الغدر لتغتال وصفي التل في القاهرة، وهو في أوج عطائه. لم يكن استشهاده مجرد فقدان لرجل دولة؛ بل خسارة لأمة بأكملها. لقد رحل وصفي، لكن ذكراه بقيت حيّة في قلوب الأردنيين، كرمز للشجاعة والتفاني في خدمة الوطن.
وصفي التل كان أكثر من قائد؛ كان أيقونةً للأردن الراسخ، وصوتًا للحق الذي لا يلين. في ذكراه التاسعة والأربعين، يجدد الأردنيون العهد بالسير على نهجه، والعمل من أجل رفعة الوطن وكرامته. ستبقى روح وصفي تلهم الأجيال وتذكرهم بأن حب الوطن ليس شعارات، بل أفعال وتضحيات.
رحم الله وصفي التل، وجعل ذكراه خالدة في وجدان الأردن.