الحيف هو الظلم بأنواعه وأشده إيلاما ذلك الآتي من ذوي القربى. سمعنا أجدادنا يوصون آبائنا ضيوفا ومعزبين: يا غريب كن أديب (اً). «ما غريب إلا الشيطان» كما يقال في الأمثال، لكن بعض الغرباء حقا أبالسة وشياطين.
ماذا نقول بمن يصرون على سرقة الحياة عبر الإرهاب أو إرهاب المخدرات؟ ما رد المنافحين عن حقوق الإنسان وحريات الوفادة والعمالة والإقامة والهجرة بمن يصرون على العصف بكل ما هو راسخ منذ قرون من قيم البلد المضيف، المضياف؟
لا أتحدث عن ساحة بعينها، كالأمريكيتين أو أوروبا أو روسيا أو حتى منطقتنا المكلومة بالحروب وغياب السلام، مشرقنا العظيم وشرقنا الأوسط الذي ما زال البعض يمعن في توسعته حتى ضم معه أفغانستان بعد باكستان.
هنا في بلاد العم سام قامت الدنيا ولم تقعد في العالم كله غداة فوز الرئيس السابق دونالد جيه ترامب بالانتخابات واكتساح الحزب الجمهوري بجناحه اليميني المعروف منذ سنوات بالترامبيين مجلسي الكونغرس الشيوخ والنواب، فضلا عن غالبية الحكام في الولايات الخمسين. أكثر ما يقلق الجميع اختيارات ترامب لرجاله ونسائه في الإدارة المقبلة. من أهمهم على الإطلاق في أولوية ضبط الحدود وأمن الهجرة هما حاكمة ساوث داكوتا كريستي نيوم -تلفظ كما كلمة نوم بلا ياء- للأمن الوطني وقيصر الحدود توم هومان قائد جهاز إنفاذ القانون المكلف ملف ملاحقة وترحيل المهاجرين أو المقيمين غير الشرعيين المعروف اختصارا ب «آيْسْ»، طبعا فقط بعد صدور أمر قضائي بذلك، لذلك اسمها أجهزة إنفاذ القانون.
كيف لأحد أن يجادل في مسألة بديهية كحفظ المجتمع من الدخلاء، خاصة إن ثبت أن ذلك الضيف ليس فقط غير أديب بل وعميل لدولة معادية أو عصابة، أو مجرم ما نفع فيه إصلاح ولا تأهيلا، في ردعه عن جلب جميع أشكال الجور والحيف والآذى للبلاد بمن فيهم فلذات الأكباد، وأعني بذلك سموم المخدرات التي بلغ الاستهداف فيها حد الترويج داخل مدارس المرحلة الابتدائية وفي بيوت الله والأندية الصحية والاجتماعية التي يظن الأهالي أنها آمنة. أين يهرب الناس بأحبابهم؟ لعل الإجابة هي التي كانت المحرك والدافع الرئيسي وراء قطار ترامب أو التسونامي الأحمر، سيما في صفوف الناخبين المتدينين والمحافظين وكما رأينا في أصوات «اللاتينو أو الهِسْبَنِكْس» الذين هجروا بلادهم هربا من أنظمة مستبدة فاسدة وعصابات متوحشة.
في أخبار الأردن الحبيب قرأت إحصائية صادرة عن الجهات الحصرية المخولة، مفادها أن أربع عشرة مسيّرة تم إسقاطها في شهر واحد، وفي منطقة حدودية معينة. ثمة من كان في استقبال تلك السموم، وثمة من كان دوره بعد ذلك ترويجها. فلا أقل من طرده كائنا من كان. ضيفا حديثا أم قديما وتحت أي مسمى كانت «استضافته»، من خان الدار لا أمان له ولا يستحق بأقل من الطرد إن كان «ضيفا» والسجن الرادع والعقوبات المغلظة إن كان مواطنا بصرف النظر عن أصوله ومنابته. صرف أموال دافع الضرائب الأمريكي أو الأردني على هؤلاء المجرمين الذين خانوا حق الجيرة وحق الإقامة أو المواطنة، ليس مقبولا حتى وإن كنّا في حالة رفاه ورخاء، فثمة أولويات منها الإنفاق وبسخاء على من فقد والديه في معركة محاربة الإرهاب أو المخدرات أو الاتجار بالبشر. بلدنا وأهل بلادنا أولى بخيرها والأحق في الدفاع عنها.
الضيف «اللي ما يجيب»* الحيف بشار جرار
2
المقالة السابقة