عروبة الإحباري –
الشرق اللبنانية –
اعتاد اللبنانبون منذ ثمانينات القرن الماضي، أو ربما منذ السبعينات،على تقنية جدار الصوت التي تستخدمها اسرائيل لزرع الخوف في النفوس، ولم يكن هذا الإجراء ينجح في معظم الأحيان في تحقيق الهدف المنشود منه.
ولكن بعد انفجار الرابع من آب، أصبح لأي صوت قويّ يأتي فجأة، تكون تداعياته النفسيّة سلبيّة للغاية، وقد لا نبالغ اذا قلنا أن في لبنان، صارت أي رواية تحكى موصولة بقبل انفجار المرفأ وما بعده.
ولكن هل الأهداف من جدارالصوت تتخطى التخويف؟
معظم الناس تظن أن جدار الصوت لا آثار جانية له، وقد يغيب الجيل الجديد عن بالنا، جيل بعد الحروب التي مرّت على لبنان، والذي يسمع جدارالصوت للمرة الأولى فيصيبه الذعر، مما يدفعه لإغلاق النوافذ مثلاً بدلاً من فتحها، ففي الآونة الأخيرة، ومع تقدّم الضغوط في الحرب القائمة بين العدو الإسرائيلي وحزب الله، صارموضوع جدار الصوت حديثنا اليوميّ، ففي بيروت، كانت تقفل المتاجر وتفرغ الطرقات من المارة، حتى ان السيّاح اتخدوا قرار السفر إثر هذا الصوت المرعب الذي يخرق العظام وليس الآذان فقط ليتأرجح التفكير بالتبعات الإقتصادية لهذه الظاهرة التي تصبّ في إطار الحرب النفسيّة، والتي تؤثر في كلّ مرّة، على حياة الطلاب اليوميّة مع بدأ العام الدراسيّ، وكيفية تفسيرهذه الظاهرة للصغارمنهم عند الأسئلة المتكررة.
يمكن لخرق جدار الصوت، التسبب بجروح داخليّة في الأذنين، وأن تكون له تأثيرات فيزيائيّة حقيقيّة في البنيّة التحتيّة وفي تصدّع المباني، وتجدر الإشارة استناداً إلى الإحصاءات الأخيرة، أن في لبنان نحو ستة عشر ألف مبنى متصدّع ومهدّد بالإنهيار، من ضمنها 10460 مبنىً في بيروت، 4000 في الشمال وطرابلس، 1240 في محافظة جبل لبنان، و160 في مناطق متفرقة بالجنوب والبقاع.
ويأتي جدار الصوت للإساءة من حالتها.
كما وأنّ الصوت الناتج عن هذا الخرق، يُسبب التوتر والإجهاد الصوتيّ والصعوبة في النوم، وبخاصةٍ عند الأطفال والرضّع، مما يؤثر سلبًا في سلوكهم وتطوّرهم الباكر ويسببُ أذيًة سمعيًة لديهم، إضافة الى تدهور الصحّة العقليّة للرضيع.
في وقت كان يُعتقد أن جدار الصوت حاجزٌ ماديّ، إذ خلال الحرب العالميّة الثانيّة، أبلغ الطيارون عن تمزق الطائرات وتجمد معدّاتها، ربما في اللحظة التي اقتربت فيها من سرعة الصوت، وهو ما تمّ وصفه بأنه اصطدام بجدار غير مرئي.
لكن ذلك تغيّرعندما كسر النقيب « تشاك ييغر»، حاجز الصوت في عام 1947، وكان هناك اعتقاد شائع بأن تجاوز سرعة الصوت، سيدّمر الطائرة لكنه تبّين أنه ينتج دويّ ضخم..
كيف يتكّون جدار الصوت؟
لكيّ تتمكن الطائرة من اختراق حاجز الصوت، يجب أن تتجاوز سرعتها حوالى 1200 كم/ساعة ( سرعة الصوت في الهواء عند درجة حرارة 15 درجة مئوية تقريبًا).
عندما تصل الطائرة إلى سرعة الصوت، تتراكم الموجات، وبالتالي يصير الضغط الأقصى، في المقّدمة. وهي عبارة عن موجة صدمية، تسبب ضجيجًا قصيرًا وقويًا للمراقب على الأرض.
أما إذا زادت السرعة أكثر، لتصبح أسرع من الصوت، فإن موجة الصدمة هذه، تصير أبطأ من الطائرة، فتنتشر خلفها، عندها يتمّ سماع صوت «الإنفجار» بعد مرور الطائرة.
وقد يتشكل الدخان بعد ذلك في الجزء الخلفي من الطائرة الذي هو عبارة عن مخروط بخار، ناتج عن انخفاض مفاجئ في ضغط الهواء .
ما الدور الأساس لجدار الصوت في الحرب؟
ظهر المصطلح خلال الحرب العالميّة الثانيّة، لا يعتبرعنصراً ذا استخدام قتالي مباشر في المجال العسكري،
ومع ذلك، هذه الظاهرة قد تُستخدم ضمن إطار الحرب النفسيّة، إذ يمكن للإنفجارات الصوتيّة، والمناورات التي تتضمن خرق جدار الصوت، أن تؤدي دوراً في التأثير في الحالة النفسيّة للسكان أو القوات المعاديّة. وضغوط تتسبب بأن تكون جزءاً من استراتيجيات الحرب النفسيّة.
إضافة الى يتكبّد أثمان باهظة، يقال بحساب بسيط فيها بأن تكلفة ساعة طيران ال F15 قد تصل الى 40 ألف دولار.
وطائرة ال F16 الحربية تتراوح تكلفة ساعة طيرانها بين 8 آلاف و 25 آلف دولار وذلك حسب طرازها وتجهيزاتها.
أما الطائرة الأكثر تكلفة وهي ال F35 فتصل ساعة طيرانها الى 55 ألف دولار، وبالتالي، بات هدف العدو الاسرائيلي واضحاً في حربه بالإضافة الى أطماعه بالأرض، الهدف التخريبيّ، بخاصةٍ على الصعيدين الاقتصاديّ، والسياحيّ والجانب الاستثماريّ، في جوٍ نفسيّ متشنّج، ممّا يؤكّد أن خرق جدار الصوت أداة حرب جبانة، تكلّف العدو الإسرائيليّ مبالغ طائلة، من أجل التخوبف والترهيب والإحباط، بخاصةٍ في سياقات يُفضّل فيها التأثيرالنفسيّ على بلد برمتّه، عوضاً عن الدمار الماديّ المباشر.