عروبة الإخباري –
اندبندنت عربية – نيرمين علي –
بعد نشر تقارير عن وجود مواد مخدرة من الدرجة الأولى في جسد ليام باين المغني السابق في فرقة “ون دايركشن”، وعلى رأسها “الكوكايين الوردي”، بدأ يرتفع اسم هذا المخدر في المقالات الإخبارية. ولا تعد أخبار وفيات المشاهير الناتجة من العقاقير جديداً، فسبق وعثر في وقت سابق على المغنية البريطانية إيمي واينهاوس ميتة داخل منزلها في لندن إثر تسمم كحولي كانت سبقته معاناة طويلة مع الإدمان، وعاش هيث ليدغر بطل “ذا دارك نايت”، الصراع ذاته قبل أن يتوفى نتيجة تناول جرعة زائدة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، أعلن عن وفاة ماثيو بيري نجم “فريندز” بسبب المضاعفات الحادة لتناوله الكيتامين، والأمثلة كثيرة في هذا السياق إلا أن الجديد هو شيوع اسم الكوكايين الوردي (مجهول التركيب) في العالم بعد أن كان مقتصراً في السنوات الماضية على بلدان معينة.
وانتشر اسم الكوكايين الوردي في أخبار متفرقة خلال السنوات الماضية، إذ عثر على خليط هذا المخدر في جسم المغنية كاميلا ستيرلينغ التي وجدت ميتة في جناح فندقي فاخر في ميامي بيتش خلال مارس (آذار) 2023، كما أخبرت مؤثرة في “إنستغرام” الشرطة أنها تناولت الكوكايين الوردي قبل أن تصطدم سيارتان، مما أسفر عن مقتل شخصين في أغسطس (آب) الماضي. وظهرت تلك المادة أخيراً في التحقيقات المتعلقة بـ”ديدي” في قضية الاتجار بالجنس، بعد أن عثرت السلطات على مسحوق وردي في غرفة فندقه في نيويورك عند إلقاء القبض عليه في سبتمبر (أيلول) الماضي.
لا يحوي كوكايين
وظهر الكوكايين الوردي للمرة الأولى عام 2010، وبدأ ينتشر بصورة واسعة في كولومبيا وانطلق منها إلى إسبانيا ومنها إلى أوروبا بعد تصنيعه في مختبرات غير قانونية، ثم انتشر إلى نوادي أميركا اللاتينية وصولاً إلى الولايات المتحدة.
ووفقاً لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة عام 2022 عثر على الكوكايين الوردي في المملكة المتحدة والنمسا وسويسرا وكندا وجنوب شرقي آسيا، إذ يستخدمه الشباب اليوم بصورة شائعة في ما يسمى نوادي النخبة، ويبلغ سعره ستة أضعاف الكوكايين العادي وله نوع موسيقي خاص به.
عثر على إيمي واينهاوس ميتة في لندن إثر تسمم كحولي سبقته معاناة مع الإدمان (رويترز)
ويطلق على الكوكايين الوردي اسم “توسيبي” أيضاً، إلا أن كلا الاسمين تسويقي ولا علاقة لهما بحقيقة مكونات هذا المخدر، وهنا تكمن خطورته فعلياً، إذ إن مكوناته غير معروفة بصورة دقيقة حتى اليوم. وفي حين يشير اسمه إلى احتوائه على الكوكايين بصورة أساسية، إلا أن هناك اختلافاً كلياً في تركيبة كل منهما، ففي حين أن الكوكايين مادة منشطة طبيعية مستخرجة من نبات الكوكا، تشير التحليلات إلى أن الكوكايين الوردي مادة صناعية مكونة من مزج مجموعة عقاقير المتعارضة الخطرة، مضاف إليه ملون غذائي أو صبغة طعام تكسبه اللون الوردي، وأحياناً يضاف إليه نكهات مثل الفراولة.
كوكتيل مخدر
يشار في بعض الدراسات إلى احتمال وجود مادة (تو سي بي 2) ويستبعد في دراسات أخرى. و”تو سي بي” عقار مخدر صنع للمرة الأولى عام 1974 من قبل الكيماوي الأميركي ألكسندر شولغين، واستخدم بداية في مجتمع الطب النفسي كمساعد أثناء العلاج، ولكن تم التخلي عنه بسبب التأثيرات الهضمية، ثم طور وبيع في الأسواق تحت الاسم التجاري “إيروكس” للمساعدة في علاج الخلل الجنسي، ولكن سحب من السوق بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، وهناك ادعاءات تتعلق باستخدامه كمخدر لأغراض دينية أو روحية من قبل شعوب جنوب أفريقيا بدلاً من نباتاتهم التقليدية.
وترجح الدراسة أيضاً احتواء الكوكايين الوردي على عقار “الإكستاسي” ذي الخصائص المنشطة، الذي صنع للمرة الأولى عام 1912 بواسطة الكيماوي أنطون كوليش واستخدم لتعزيز العلاج النفسي في سبعينيات القرن الـ20 ليستخدم جنباً إلى جنب في علاج اضطراب ما بعد الصدمة والقلق الاجتماعي في اضطراب طيف التوحد، وأصبح شائعاً كمخدر للعامة في الثمانينيات.
أما المادة التي ترجح الدراسة وجودها وفعاليتها في “الكوكايين الوردي” فهي الكيتامين، الذي صنع للمرة الأولى عام 1962 وتمت الموافقة على استخدامه في الولايات المتحدة في عام 1970، وهو مدرج في قائمة منظمة الصحة العالمية للأدوية الأساسية ومتاح كدواء عام، ويستخدم بانتظام في الطب البيطري والبشري كعلاج للاكتئاب وفي إدارة الألم والتخدير الجراحي، إذ يسبب الكيتامين حالة تسمى التخدير الإجرائي أو التهدئة الانفصالية، ويسبب حالة تشبه الغيبوبة توفر تخفيف الألم والتهدئة وفقدان الذاكرة، بحيث يتم الحفاظ على التنفس وردود الفعل في المجرى الهوائي وتحفيز وظائف القلب، لكن تم إساءة استخدامه أيضاً.
وقد يحوي الكوكايين الوردي أيضاً الكافيين المنبه للجهاز العصبي المركزي الذي يستفاد عادة من خصائصه المحفزة لليقظة والأداء البدني والإدراك، ويبدو من الواضح أن غالب المواد التي يعتقد وجودها في هذا العقار تم تصنيعها كمساعدات للعلاج النفسي.
كرة طاقة
وبحسب المتخصصين قد يكون من الصعب تحديد كيفية تأثير هذا الكوكتيل من المخدرات على متعاطيه، بسبب تصنيعها في مختبرات غير قانونية، لذا لا توجد طريقة لمعرفة مدى قوة الجرعة التي يتناولها الشخص أو المواد المكونة منها، إذ يمكن أن تعتمد التأثيرات على عوامل عدة، منها نوع العقاقير الموجودة ونسبتها وكمية الجرعة وعدد مرات استخدامها ومدى قدرة الشخص على تحملها وطبيعة تفاعل الجسم ومدى تعود الجسم على المخدرات بصورة عامة.
لكن الأكيد أن تأثيرها فائق الخطورة لاحتوائها على مزيج من المثبطات والمنشطات معاً، وهي حالة يطلق عليها في النطاق الطبي اسم “كرة الطاقة” (مثل خلط الهيروين المخدر للجهاز العصبي والكوكايين المنشط معاً)، فيرسل أحدهما رسالة للقلب بأن يتسارع والآخر يحفزه على التباطؤ، مما يعني أن له تأثيراً معاكساً على الجسم وهذا أمر بالغ الخطورة.
يحتوي الكوكايين الوردي على مزيج خطر من المثبطات والمنشطات معاً (أن سبلاش)
تأثيرات خطرة
لذا فالآثار الجانبية المحتملة قد تختلف، ولكنها ربما تشمل القلق والهلوسة والغثيان والقيء وزيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم وانخفاض مستويات الصوديوم وارتفاع درجة حرارة الجسم، ويمكن أن تشمل الآثار الطويلة الأمد مشكلات في القلب وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والتغيرات السلوكية، ويمكن أن تسبب تشكيلة المخدرات الموجودة في الكوكايين الوردي إدماناً عالي الشدة.
وفي السياق ذاته، أشار مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في ورقة بحثية حول تعاطي المخدرات الاصطناعية عام 2022، إلى أن الجرعات العالية من الكيتامين المستخدمة خارج السياق الطبي يمكن أن تسبب تأثيرات سامة في القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، إضافة إلى آثار أخرى مثل مشكلات المثانة والقلق ونوبات الهلع والخفقان وتسارع القلب وآلام الصدر والاكتئاب وتفاقم أعراض مشكلات الصحة العقلية القائمة والكلام غير الواضح أو عدم القدرة على الكلام.
ووفقاً للجنة الوطنية للوقاية من المخدرات حدثت اعتداءات جسدية وجنسية، وقبل وقت قصير من وفاة باين، اتصلت موظفة الاستقبال في الفندق برقم الطوارئ للإبلاغ عن وجود نزيل مضطرب كان تحت تأثير الكحول والمخدرات يحطم الغرفة بأكملها.