لا يمل اللسان من ذكر الله. «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». وإن كان من ضارة نافعة، فإنه مما ينفع السائقين والمشاة في بعض الميادين والشوارع، ما ينفعنا جميعا، اللهج بالدعاء ومن ثم الحمد والثناء على لطف الله بنا.
مخيف ذلك العبور الجَسور غير الآمن إلى حد الرعونة القاتلة من رصيف إلى رصيف، شارعين بثلاثة مسارب لكل منها، أحيانا تتوسطها مداخل نفق متشعب الاتجاهات، وأحيانا أخرى تعلوها جسور، فالعمران في مملكتنا الحبيبة مبهر وحصاد تراكمي مبارك لسنين لا بل وعقود طوال من العمل المثابر والجهد المثمر.
خسارة لا تعوض أن نفقد روحا استعجلت العبور الجَسور دونما التفات إلى جسر مشاة معلق على بعد خطوة أو مرمى حجر. هل ينتظر المشاة -مواطنين ولاجئين ونازحين ووافدين وسواحا- هل ينتظرون من بنّائي الطرق والجسور -من القطاع العام والخاص- إقامة مصعد كهربائي عند كل جسر لتجاوز مشكلة ارتقاء درجات الجسر، فالتدخين بأنواعه بما فيها «الفيب» يحشرج الصدور ويكتم أنفاسها.
عجيب في دنيانا كلها -لا بلادنا أو منطقتنا وحدها- هذه الخلطة العجيبة الغريبة من الشيء ونقيضه. يهدر بعضنا عمرا بأكمله، ويتهور في قيادة سيارته أو درجاته النارية أو قطع الشارع بشكل عشوائي. العشوائية ليست فقط في العبور من غير المكان المخصص لذلك بل بشكل موارب وأحيانا متعرج «بَتْوَنِه» كما يقال بالعامية أو «زِغ زاغ» بالإنجليزية وكلها ضروب مما يسمى «جاي ووكِنغ».
من الشيء ونقيضه أيضا الاستهتار بالروح التي لطالما رفعت شعارات وهتافات بأنها فداء المقدس والغالي. فهل يستقيم خسارة نفس واحدة جراء إهمال أو لعله إمعان في تجاوز القوانين والنظم الخاصة بالسلامة المرورية؟
«ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا» كما تنزل في الذكر الحكيم، فلا يستصغرنّ أحد منا أهمية إحيائها وأول الأمر «اعقلها وتوكّل» كما ورد في الحديث النبوي الشريف. والمحزن المؤسف أن شوارعنا بما فيها إشارات المرور وأشجار أم الجامعات الأردنية التي احتفلنا قبل أيام بعيد ميلادها الثاني والستين مرشومة رشما بما يذكرنا بتراثنا الروحي، عقائد وشرائع وطقوس كلها تحض على حفظ الحياة، ومن بعد حفظ الممتلكات والعبور الآمن لا الجَسور..
شكرا لنشامى عيوننا الساهرة على حملة الشتاء التي تابعت فعالياتها على قنواتنا الوطنية، لعلها تذكرة تنفع المؤمنين بهذا الحمى الأردني الهاشمي المفدى بأن «الإنسان أغلى ما نملك» وأن صيانة مساحات الزجاج الأمامي والتحقق من صلاحية الإطارات أولوية وليست من النثريات التي نقدّم عليها «اللاتيه» أو باكيت الدخان والفيب و»المعسلات» والأراجيل التي لم أصدق ما سمعت بأن البعض يوصلها إلى المستهلك على دراجة نارية!!!