ما زلت لا أفهم على وجه الدقة أسباب ودوافع العنف الجامعي وما اذا كانت مركبة ومعقدة أم مباشرة أو سببها عامل معين أو عدة عوامل أو أنها جاءت لتراكمات طويلة أم لمعطيات جديدة لم تكن موجودة أم أنها مدفوعة من قوى وعناصر غير طلابية أم أنها طلابية محضة! وهل هذا العنف ردة فعل على شيء غير جامعي وغير تعليمي وغير طلابي أم أنه من صميم الجامعات وأوضاع الطلاب وظروفهم؟
وهل الدولة بكل امكانياتها عاجزة من التشخيص ومعرفة الدوافع الحقيقية على وجه التحديد أم انها ما زالت تتهرب من الاقرار بالدوافع ووضع الاصبع عليها؟..وهل جاء التشخيص واضحاً في أي من الدراسات والتحقيقات والاستطلاعات والدراسات المعلنة وغير المعلنة وإلى ماذا أشارت تلك الدراسات التي ما زالت جهات أمنية تحتفظ بها؟ وهل يجري اعلان الأسباب والدوافع أم سيظل التشخيص يخفي كثيرا من الحقائق وحتى مع ورود التشخيص هل جرى وصف العلاج؟ وما هي المسافة ما بين التشخيص والعلاج؟ وهل جرى وصف العلاج المناسب سواء المباشر أو غير المباشر؟..
هناك عنف نراه ونسمعه ونحس به تستعمل فيه الأسلحة البيضاء والنارية وهناك انتهاك للجامعات واقتحام لأسوارها وهناك من يخرجون على القوانين جهاراً نهاراً..هناك من يقتل ويجرح ويبقى طليقاً وإذا أمسك بعضهم جرى التوسط لهم والخروج كما كان يحدث في مرات سابقة وفي العديد من الجامعات أو المواقع التعليمية التي كان يحدث فيها العنف..هناك تمويه وتغطية وعدم ذكر أسماء أو وضع الغسيل الوسخ على الحبال..هناك تورية ولف ودوران وطبطبة والا لما وصلت الأمور الى ما وصلت اليه..هناك توعد وتهديد وحلف ايمان ولا فعل بعد ذلك وعلى مستويات عديدة لا أحد يوقف بشكل حاسم كثير من التداعيات والترهل والفوضى رغم وجود الأجهزة والادارة والتنظيم والسيطرة والرقابة فلماذا من يعطل امكانيات الدولة ولماذا لا تستعمل هذه الامكانيات في الدفاع عن القانون أولاً وعن المؤسسات والمرافق وقبل ذلك عن أرواح الناس وممتلكاتهم؟..
حتى الآن لم يلتقط المسؤولون الظاهرة ولم يتعاملوا معها بما يصلح لاجتثاثها ولا أعرف ان كان عدم الالتقاط لضعف ام جهل أم عدم مسؤولية أم عدم رغبة أم لتواطؤ أم ماذا؟
العنف الجامعي يتزايد وهو ليس ابن هذه اللحظة فقد بدأ من سنوات وحتى قبل موجة الربيع الاردنية وهو يخبو أحياناً ويعاود هجومه أحياناً أخرى وقد بلغ الان ذروته في أحداث جامعة الحسين في معان وقبلها في مؤتة وما زال حبل العنف متصلاً وأعراضه قائمة ودوافعه متوفرة وعلاجه غائب ..
لسنا البلد الوحيد في المنطقة والاقليم الذي تعيش فيه العشائر فجوارنا فيه عشائر ما زالت تراكيبها البدائية في السعودية والخليج واليمن ولكننا لا نرى هذه الظاهرة التي نعيشها ويجري هناك الحسم بالقانون على أشكاله المختلفة المدنية والدينية وحتى العشائرية ان كان التعبير عن ذلك دقيقاً..
من المسؤول عن التسيب؟ ومن الذي يتحمل مسؤولية استشراء هذا الوضع؟ لم نجد أحداً حتى الآن يقول انه المسؤول سواء كانت جهة أو سلوكاً أونهجاً أو مرحلة وما زال الذي يحدث يسجل ضد مجهول فلا محاسبة لرئيس جامعة أو عميد أو مجموعة طلاب أو نهج أو موقف..ولا إشارة واضحة لموقف يجري تحميله الأسباب..يثور الموضوع ويتبارى الكتاب والمحللون والمنظرون ووسائل الاعلام ثم يغادرون الموضوع ليغيبوا حتى إذا وقع حدث آخر ظهروا وعادوا لنفس المعزوفة..
هل تمتلك جهة من الشجاعة ما يكفي لتقول الأسباب وتكون قادرة على المطالبة بالحل؟ ما هو موقف البرلمان ؟ هل هو جزء من الحل أم يكرس الظاهرة؟ وما هو موقف الحكومة؟ ولماذا لا يخرج من يبق البحصة؟ ما هو موقف الشارع هل يبقى يقدم القرابين ويصمت على تكسير وتدمير المؤسسات وتخريب التعليم وترويع من يدخل إلى الجامعة ليدرس؟..
نحن بحاجة الى من يعلق الجرس..إلى من يقول هذه هي الأسباب وهذا هو العلاج لنكون إلى جانبه ونتحمل مسؤولياتنا أما سياسة التعويم والطبطبة فإنها ستقودنا إلى الكارثة..
alhattabsultan@gmail.com
سلطان الحطاب/العنف الجامعي..الرسائل لا تصل !
19