قالت مصادر لرويترز، إن الولايات المتحدة تقود جهودا دبلوماسية جديدة لإنهاء الأعمال القتالية في قطاع غزة ولبنان في إطار مبادرة واحدة.
وذكر مسؤولان لبنانيان ودبلوماسيان غربيان ومصدر مطلع على تفكير حزب الله ومصدر في واشنطن ومصدر آخر مطلع على المحادثات أنه يجري وضع التفاصيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال مسؤولون غربيون آخرون إن التركيز الدبلوماسي الأكثر إلحاحا في الوقت الحالي هو وقف العنف في لبنان الذي ينطوي على مخاطر أكبر بالتحول إلى حرب إقليمية.
وفي الأمم المتحدة، قال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس لرويترز، إن الولايات المتحدة وفرنسا تحاولان التوصل إلى اتفاق مؤقت “لتجنب المزيد من التصعيد” بين إسرائيل وحزب الله بهدف بدء محادثات دبلوماسية أوسع نطاقا تشمل جهودا لتحقيق وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في غزة.
لكن مع تسارع وتيرة الجهود، قالت إسرائيل إنها قد تشن توغلا بريا إضافة إلى حملتها الموسعة من الضربات الجوية على جماعة حزب الله اللبنانية. وقال ثلاثة مسؤولين إسرائيليين لرويترز إن الولايات المتحدة وفرنسا تعملان على مقترحات لوقف إطلاق النار لكن دون إحراز تقدم كبير حتى الآن.
وقال مسؤول لبناني كبير والمصدر المطلع على تفكير حزب الله والمصدر المطلع على المحادثات إن الاتفاق ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) منذ هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل.
ولم يرد مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض بعد على طلب للتعليق. وأحجم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن التعليق.
واشتعلت أحدث حرب في غزة عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل، وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على القطاع بعد ذلك مما أسفر عن استشهاد أكثر من 41 ألف شخص، وفقا للسلطات في غزة.
وأطلق حزب الله المتحالف مع إيران صواريخ على مواقع للجيش الإسرائيلي عبر حدود جنوب لبنان غداة هجوم حماس، قائلا إنه يشن هجماته تضامنا مع غزة.
وقالت جماعة حزب الله إنها لن تتوقف عن إطلاق النار على إسرائيل حتى توقف إسرائيل هجومها على قطاع غزة. وفشلت جهود متكررة بذلتها واشنطن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين.
* إسرائيل تكثف هجماتها
قالت السلطات اللبنانية إن إسرائيل كثفت بشدة حملتها العسكرية على حزب الله في لبنان بتنفيذها مئات الضربات الجوية وقتلها عددا من قادة الجماعة اللبنانية بالإضافة إلى مئات آخرين.
وفر عشرات الآلاف بالفعل من جانبي الحدود منذ تشرين الأول، وزاد عليهم هذا الأسبوع نحو نصف مليون نزحوا مخافة توغل بري إسرائيلي في جنوب لبنان.
وقال دبلوماسي غربي بارز لرويترز، إن الاتفاق الذي تسعى إليه الولايات المتحدة سيشمل إعلانا إسرائيليا عن إنهاء أعمال القتال الرئيسية في غزة، يليه مسعى لوقف إطلاق النار في لبنان ثم اتفاق سياسي قد يتضمن ترسيما للحدود البرية الإسرائيلية اللبنانية المتنازع عليها.
وقال الدبلوماسي إن هذا قد يوفر “مخرجا” لجماعة حزب الله لتجنب حرب شاملة مع إسرائيل.
وقالت المصادر إن تكثيف الهجمات دفع إلى بذل جهود دبلوماسية لوقف الأعمال القتالية على الجبهتين.
وذكر المسؤول اللبناني الكبير والمصدر المطلع على تفكير حزب الله لرويترز، أن حزب الله “منفتح على كل التسويات التي تشمل غزة ولبنان”.
وأضاف المسؤول اللبناني الثاني “إذا لم تجهزوا حزمة، فإن من المستحيل التوصل إلى اتفاق ولن تتوقف الحرب”.
وقال مصدر أميركي في واشنطن إن المناقشات ركزت على ما قد يكون في البداية “توقفا” لأعمال القتال بين إسرائيل وحزب الله واستئناف المفاوضات غير المباشرة المتوقفة بين إسرائيل وحماس.
وفي إشارة إلى تسريع الجهود الدبلوماسية، أعلن نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان عن رحلة غير متوقعة إلى نيويورك.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، إنه سيرسل وزير الخارجية المعين حديثا جان نويل بارو إلى لبنان هذا الأسبوع في إطار الجهود لمنع حرب شاملة.
“فرصة” للتسوية
كان الصراع في غزة مكلفا للرئيس الأميركي جو بايدن من الناحية السياسية، وبالتالي للحملة الرئاسية لنائبته كاملا هاريس، ثم زاد العنف في لبنان من الضغوط على بايدن لإيجاد حل دبلوماسي.
وقال بايدن الأربعاء، إن من المحتمل نشوب حرب شاملة في الشرق الأوسط لكن هناك أيضا فرصة للتوصل إلى تسوية واسعة النطاق.
وقال مصدر مطلع في واشنطن إن محادثات تجري على هامش جلسات الجمعية العامة “بهدف إعطاء فرصة للتوصل إلى تسوية سياسية” على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وإحياء الاتفاق بخصوص المحتجزين.
لكن مصدرا أميركيا ثانيا حذر من أن عقبات هائلة تعترض مثل هذا المقترح الدبلوماسي المعقد وأن التنفيذ قد يكون أصعب.
وطلب ماكرون من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الثلاثاء، ممارسة نفوذه على جماعة حزب الله. وكان ماكرون هو الزعيم الغربي الوحيد الذي أجرى محادثات مع بزشكيان على هامش جلسات الجمعية العامة.
وقال مسؤولون فرنسيون إن الدبلوماسية يتعين أن تركز أولا على وقف أعمال القتال نظرا لأن إدراج غزة في صفقة أوسع نطاقا حاليا أمر معقد.
قوات أمريكية جديدة في الشرق الأوسط
قال مسؤولان أميركيان لرويترز، إن نشر عدد صغير من الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط الذي أُعلن عنه في وقت سابق من الأسبوع الحالي، قد يساعد الجيش الأميركي في الاستعداد لسيناريوهات مثل إجلاء مواطنين من لبنان.
وذكر المسؤولان أن هذه الخطوة احترازية وتأتي في الوقت الذي حذر فيه الرئيس جو بايدن من خطر اندلاع حرب شاملة بينما تتحدث إسرائيل علانية عن توغل بري محتمل في جنوب لبنان.
وفي حين حثت واشنطن المواطنين الأميركيين على مغادرة لبنان، فإن وزارة الخارجية الأميركية لم تأمر بإجلاء الموظفين من هناك ولم تطلب أي مساعدة حتى الآن من الجيش الأميركي لإجلاء المواطنين، بحسب مسؤولين أميركيين.
لكن بريطانيا، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، أعلنت الأربعاء، إرسال قوات إلى قبرص من أجل المساعدة في إجلاء رعاياها العالقين في لبنان.
ويقول المسؤولان إن القوات الأميركية الإضافية التي يتم نشرها في الشرق الأوسط تتجه أيضا إلى قبرص، وقوامها عشرات الجنود.
وعندما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن نشر القوات، أحجمت عن توضيح عدد الجنود أو مهمتهم.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأربعاء، إن الغارات الجوية في لبنان ستستمر من أجل تدمير البنية التحتية لحزب الله وتمهيد الطريق لعملية برية محتملة.
واستهدفت الضربات الإسرائيلية هذا الأسبوع قادة من حزب الله وأصابت مئات المواقع في عمق لبنان، وفر مئات الآلاف من منطقة الحدود بينما أطلقت الجماعة اللبنانية وابلا من الصواريخ على إسرائيل.
وتسعى إدارة بايدن إلى منع اتساع صراع غزة ودعت مرارا إلى حل أزمة الحدود بين إسرائيل ولبنان من خلال الدبلوماسية. وأكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على هذه الدعوة في مكالماته مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت.
ويتساءل الخبراء عما إذا كانت إيران ستظل على الحياد إذا تعرض وجود حزب الله اللبناني للتهديد، ويقولون إن القوات الأميركية قد تجد نفسها مستهدفة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط إذا اندلعت حرب إقليمية.