هل كان من الضروري ان تقع كل هذه المذابح وتسيل كل هذه الدماء وآخرها دماء الصحافي الأميركي جيمس فولي لكي يقرر باراك اوباما البدء بتوجيه ضربات جوية محددة الى “داعش”، والسعي لإنشاء تحالف غربي اقليمي للقضاء على هذا التنظيم الارهابي؟
رئيس هيئة الاركان الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي نسي تصريحاته قبل اشهر قليلة، وهو اليوم يقف الى جانب تشاك هيغل، ليعلن ان “هناك امكانية لهزيمة الدولة الاسلامية اذا تمت مهاجمة هذا التنظيم المتطرف في سوريا وليس في العراق وحده”، ولكن يا لهذا الاكتشاف المتأخر جداً (!) ففي ١٤ ايار الماضي اعلن ديمبسي نفسه، ان اميركا لن تقدم الى المعارضة السورية التي تقاتل النظام والارهابيين ما تحتاج اليه، وان لا جدوى من دعم من سبق لأوباما ان سمّاهم أطباء الاسنان والفلاحين.
الجنرال جون ألن انتظر طويلاً ليقول: الآن من الضروري تدمير هذا التنظيم بسرعة وإلا فسندفع ثمناً باهظاً، وان من الضروري شن ضربات جوية قوية لمساعدة مقاتلي المعارضة السورية، الذين يقاتلون الارهابيين منذ عام ونيف، وان القبائل السنّية في سوريا مستعدة لمواجهة التنظيم لكنها تناشد الغرب مساعدتها .
عندما احكمت “داعش” السيطرة على مدينة البوكمال السورية في ٢ تموز الماضي اعلن نائب مستشار الأمن القومي الاميركي بن رودز ان المعارضة السورية تواجه “داعش” وان مصدر التهديد الارهابي ليس هذا التنظيم بل النظام السوري، الذي خلق أزمة دموية أدت الى ظهور الارهابيين، وهناك سلسلة طويلة من التصريحات التي يمكن ان تشكل إدانة لسياسة التعامي عن الفظائع في سوريا.
جون ماكين يقول انه حان الوقت أخيراً لمواجهة المنظمة الأكثر وحشية في التاريخ، وعلى اميركا ان تضرب في شكل اقوى، و”الواقع ان الرئيس تجاهل التهديد لفترة طويلة وها نحن اليوم ندفع الثمن، وانه كلما انتظر اوباما أكثر تكيّفت “داعش” وبات الأمر أكثر صعوبة، ومن الضروري ضربها في سوريا”. لكن ماكين لم يتوقف يوماً عن انتقاد سياسة اوباما في سوريا، ففي نهاية أيار قال ان منطقة الحدود بين سوريا والعراق تحولت مقراً لـ”القاعدة” والارهابيين الذين يخططون لهجمات على اميركا، وهذا يعني ان اوباما يواجه فشلاً كاملاً.
حتى السفير الاميركي في سوريا روبرت فورد إستقال احتجاجاً على سياسة البيت الابيض في سوريا بعدما يئس من رفض تسليح المعارضة، وفي ٤ حزيران الماضي اعلن ان غياب دعم المعارضة السورية ادى الى تسريب المقاتلين الى “داعش” وانه ” لو قدمنا مساعدات منذ سنتين الى المعارضة لكانت تمكنت من دحر داعش.
والسؤال: هل كان من الضروري ان تتفاقم المجازر لتستولد “داعش” واخواتها، وهل ستتحرك اميركا جدياً الآن لضربها والقضاء على الارهابيين؟