بدهشة واستغراب يطلق زوار الاردن والمغتربون خلال فصل الصيفية الحالي كلمات مفادها…( الله يكون في عونكم على هذا الغلاء )، ويزيد من وطأة هذا لغلاء الذي طال السلع الاساسية والغذائية وصولا الى المأكولات الشعبية، ان مؤشرات تكاليف العيش مستمرة بالارتفاع، ومع هذا الغلاء اضمحلت خيارات وبدائل الفقراء، واصبح المتاح هو الاستغناء عن سلع وخدمات ضمن سلة السلع والخدمات التي يستهلكها، وبنود هذه السلة تقلصت كثيرا يوم بعد اخر، والاخطر من ذلك حالة الوجوم والاحباط التي تلف غالبية الاردنيين، اما نفر ممن لايرون الا صورهم واموالهم وقدراتهم العالية على الانفاق يؤكدون ان الامور بخير، وان المواطنين قادرون على تدبير احوالهم، ويقولون «من لا يصدق ذلك عليه ان يقوم بجولة ميدانية للمولات والاسواق التجارية».
اسباب الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة في اي من بلدان العالم هي محلية و/او اجنبية، او ما يعرف بالتضخم المحلي الناتج عن ارتفاع اسعار المواد الاولية وتكاليف الانتاج بشكل عام، وعدم كفاية الانتاج المحلي للاستهلاك، وباعتبار السوق تعدل نفسها بنفسها تتجه اسعار السلع الى الارتفاع، وكلما زاد وزن سلع معينة في سلة المستهلكين والاقتصاد تبدأ برفع اسعار قائمة طويلة من السلع والخدمات،،، والنوع الثاني هو التضخم المستورد ( الخارجي) حيث ترتفع تكاليف الانتاج في دول المنشأ وهذا الارتفاع يرحل الى الدول المستوردة وسكانها، وهذا ما نراه في الاردن والدول التي تعتمد بنسبة كبيرة على السلع المستوردة.
مع التوسع الافقي والرأسي للتجارة العالمية اصبح من الصعب الحديث عن الاكتفاء الذاتي بشكل مطلق، الا ان رغيف الخبز اصبح سلاحا تختص به امريكا ودول اوروبية، ولاتخفي الادارات الغربية خططها حيال ذلك ويخططون للتحكم بالشعوب بالغذاء ورغيف الخبز، وبالمناسبة المنطقة العربية من اكثر دول العالم انكشافا غذائيا، من القمح والزيوت والحبوب والالبان واللحوم، دولة عربية شقيقة نجحت قبل ثلاثة عقود في زراعة القمح وسرعان ما تحولت الى دول الفائض، عندها تم دفعها للخروج من نادي منتجي ومصدري القمح، الاردن الذي كان قبل عقود يصدر القمح اصبح اليوم ما ينتجه سنويا بالكاد يفي احتياجاته لـ 11 يوما.
ان اي دولة تستطيع زراعة ما تحتاجه من القمح تبني قواعد راسخة من الاستقرار الغذائي، بخاصة وان زراعة الحبوب مهمة جدا نظرا لاستراتيجيتها، الى جانب المنتجات الجانبية من الاعلاف التي تعزز الثروة الحيوانية، وفي هذا السياق فإن الاهتمام بزراعة الحبوب في مزارع الجنوب اولوية وطنية، وان زراعة 200 الف دونم أولى الف مرة من بناء فنادق او شق طرق غير ضرورية، الامن الغذائي يرتبط الى حد كبير بزراعة الحبوب وان كانت الكلف اعلى من المستوردات، وكلما تم الاعتماد على السلع الاساسية يمكن عندها تهدئة الاسواق ولجم الغلاء.
خالد الزبيدي/الغلاء يهدد الاستقرار..
21
المقالة السابقة