عروبة الإخباري –
إذا ما أردنا إطلاق صفة للسياسة الأمريكية المنحازة للكيان الإستعماري الإسرائيلي الإرهابي وحمايته بكل ما تملك من وسائل وادوات دون بروز أي أفق لتعديل سياستها إتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص والقضايا العربية بشكل عام فيمكننا القول انها مصابة بالعمى السياسي الذي سيؤدي حتما إلى إلحاق ضرر بالغ ليس بمصالحها فحسب بل بإنحدار سريع لنفوذها على الساحة العالمية دون امل بالشفاء إلا إذا ما أصيبت بصدمة شديدة .
الإنقلاب على حقوق الإنسان :
إنقلبت أمريكا عند أول تحد ومنعطف على مبادئها وقيمها ودورها المعلن بالعمل على إعلاء الديمقراطية وحقوق الإنسان بدعمها اللامحدود للجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والتي تصنف وفقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وللإتفاقيات الدولية كاتفاقية جنيف وإتفاقية منع الإبادة الجماعية المعاقبة عليها ولميثاق المحكمة الجنائية الدولية كجرائم إبادة وتطهير عرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .
لم تكتف الإدارة الأمريكية بذلك بل تبعتها بالإنقلاب على دستورها الذي يكفل بمادته الاولى الحق في التعبير والتجمع والتظاهر من خلال قمع الفعاليات السلمية المنددة بإستمرار الدعم الأمريكي لحرب الإبادة والتطهير العرقي في قطاع غزة وبوتيرة اقل عنفا بالضفة الغربية من نهر الأردن والمطالبة بوقف تزويد قوات المستعمر الإسرائيلي الإرهابي بالسلاح وبممارسة الضغط لوقف عدوانه الهمجي الوحشي على الشعب الفلسطيني بعموم أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا في عدد من الجامعات الأمريكية وما رافقها من كيل تهم ومزاعم زائفة لتبرير إجراءاتها القمعية من فض للإعتصامات والتجمعات السلمية وإعتقالات تعسفية وفصل للطلاب على خلفية ممارسة حقوقهم الأساس بالتعبير والتجمع والتظاهر المكفول بكل من الدستور الأمريكي وإلإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
لماذا قمع الحراك الشباب الجامعي :
يأتي حراك طلبة الجامعات الأمريكية المندد بالعدوان الهمجي و بالجرائم الإسرائيلية في سياق تحرك واسع من مختلف قطاعات الشعب الأمريكي وقد كان لإنحياز الإدارة الأمريكية بدعم قوات المستعمر الإرهابي الإسرائيلي بحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبالضفة الغربية وتمكينه المضي بإرتكابها تحت رعاية وحماية أمريكية مطلقة إضافة إلى صدور تصريحات كثيرة عن مسؤولين وقادة احزاب ووزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين تصف الفلسطينيين بأنهم حيوانات بشرية وتدعوا لإستخدام القنابل الذرية لإبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة العامل الأساس لتحرك قطاعات واسعة من الشعب الأمريكي ومن داخل الحزب الديمقراطي بسلسلة من الإحتجاجات المطالبة بوقف حرب الإبادة ووقف كل اشكال الدعم السياسي والعسكري والإقتصادي للكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي والتنديد بجرائمه والمطالبة بإيقاع مختلف اشكال العقوبات عليه .
ولكن للحراك الجامعي الذي بدأ بجامعة كولومبيا وإمتد ككرة الثلج إلى عشرات الجامعات الأمريكية تأثيرات وتداعيات آنية ومستقبلية لا تصب في مصلحة القوى السياسية والأمنية والإقتصادية المهيمنة على صناعة القرار مما حدا بالإدارة الأمريكية اللجوء إلى إتباع سياسة القمع والتنكيل في جامعة كولومبيا وفي جامعات أخرى تستهدف التجمعات والفعاليات الطلابية بشن حملة ترهيب وإعتقالات طالت المئات وفصل العشرات بإنتهاك صارخ للدستور الأمريكي وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية التي تكفل الحق بحرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي .
تهدف أمريكا بقمعها الحراك الطلابي إلى :
أولا : قمع كل صوت معارض للسياسة الأمريكية المنحازة للمستعمر الإسرائيلي خلافا لقيمها المزعومة بالحرية والديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان .
ثانيا : وقف مختلف اشكال الفعاليات بإعتبارها بداية جادة تشي بتحول سريع لدى الرأي العام الأمريكي إتجاه ” إسرائيل “بعد سقوط القناع عن وجهها الدموي القبيح بزعمها انها دولة وديعة ديمقراطية مسالمة وكشف الحقيقة عن طبيعة هذا الكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي العدواني الإجرامي الذي مارس ابشع صور الجرائم والمجازر بوحشية مستخدما كافة اشكال وانواع الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا لم يشهد لها التاريخ مثيلا مما ستنعكس مستقبلا على السياسة الأمريكية إتجاه الشرق الأوسط عموما والقضية الفلسطينية خصوصا بغض النظر عن الحزب الحاكم .
ثالثا : حماية السردية الصهيونية بتوظيف الديانة اليهودية لتبرير الإنتقال للمرحلة الثانية من أهداف العدوان الإسرائيلي الإرهابي الذي يندرج تحت عنوان حرب الإبادة والتطهير العرقي بطرد الشعب الفلسطيني خارج قطاع غزة والضفة الغربية من نهر الأردن بإنقلاب على معاهدة وادي عربة كما إنقلب على إتفاق اوسلو مضفيا البعد الديني على الصراع العربي بعنوانه الفلسطيني مع الكيان الإستعماري الإسرائيلي المصطنع وما توجيه الإتهامات الكاذبة دون أي دليل للحراكات والفعاليات الطلابية كذريعة لقمعها لمعاداتها للسامية تأتي في هذا السياق بهدف الترهيب والترويع بهدف وقفها او على أقل تقدير منع إتساعها .
رابعا : حماية قانون معاداة السامية التي نجحت أمريكا لعقود بتوظيفه لترهيب العالم دولا وشعوبا مكنها من ترسيخ هيمنتها ونفوذها وخاصة في أوربا والمانيا تحديدا لضمان إستمرار توظيفه سلاحا يحول دون توجيه اي إنتقاد او شجب او إستنكار او تحرك حقيقي يهدف للتصدي للمشروع الإسروامريكي العدواني التوسعي ليس في فلسطين فحسب بل بعموم منطقة الشرق الأوسط وبالعالم عامة .
خامسا : تصاعد الفعاليات الطلابية والشعبية الأمريكية والاوربية المناوئة لإسرائيل يعني فشل بايدن وإدارته بدمج الكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري الإرهابي بقلب الوطن العربي على حساب حق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
نخلص إلى أن أمريكا هي القائدة الفعلية باداة إسرائيلية لحرب الإبادة والتطهير العرقي مما يستدعي من جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة المبادرة :
▪︎ لعزل” إسرائيل ” وتجميد عضويتها بالامم المتحدة .
▪︎ وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية .
▪︎ تعليق العقود المبرمة مع المصانع والشركات الأمريكية والاوربية الداعمة لسلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي
هذآ أضعف الإيمان بعد ثبات عقم و فشل سياسة التنديد والإستنكار والقلق والمناشدة التي لم تثمر إلا عن مزيد من التصعيد والتدمير وإرتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية وضرب عرض الحائط بالقرارات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية….
فهل من امل بالإنتقال من مرحلة الكلام إلى مربع الفعل والتحرر من الخوف والتبعية إنتصارا لإعلاء سمو الشرعة الدولية ولحقوق الإنسان وكفالة حق الحياة و تقرير المصير للشعب الفلسطيني اسوة بباقي شعوب العالم ؟