عروبة الإخباري –
مع الانتشار السريع للسيارات الكهربائية في المملكة، حذر مختصون من حالة الفوضى العارمة التي تسيطر على سوق بيع السيارات الكهربائية في المملكة، وإغراق السوق المحلي بالسيارات صينية المنشأ غير المطابقة للمواصفات والمقاييس في منطقة الشرق الأوسط، والتي لا تتوفر على كفالة مصنعية تحفظ حق المشتري، حسب ما نشرته يومية الغد.
وبين هؤلاء المختصون أن الاستيراد الهائل لهذه السيارات من قبل تجار في المنطقة الحرة، وعدم توفر ضوابط من قبل الحكومة على استيرادها، قد أدى إلى انخفاض قيمتها خلال فترة وجيزة، إذ انخفضت أسعار بيع هذه السيارات بنسبة تراوحت ما بين 40-50 % خلال عامين فقط، مما تسبب بأزمة خسائر فادحة للمواطنين، وشكل أزمة أيضا نتيجة الرهونات والشركات التي موّلت شراء هذه السيارات.
ولفت هؤلاء إلى أن عددا كبيرا من هذه السيارات لا تتوفر لديها البنية التحتية الخدمية من صيانة وقطع، عدا عن ارتفاع أسعار بطاريات الشحن، مما يجعل المواطنين دائما عرضة للخسارة باستمرار.
وأوضح هؤلاء أن بعض المستثمرين في المنطقة الحرة ووكالات غير معروفة، قد أضر بالمنافسة مع قطاع وكلاء السيارات التي يتكبد كلفا تشغيلية وضريبة كبيرة على عكس بعض مستثمري المناطق الحرة المعفي من الضرائب، مما ألحق الضرر بهذا القطاع وكبده خسائر هائلة.
وبغية ضبط هذه الفوضى دعا المختصون إلى ضرورة تدخل الحكومة في ضبط السوق ووضع ضوابط ومحددات لاستيراد هذه السيارات، إضافة إلى وجوب تدخل إدارة المواصفات والمقاييس ووضع شهادة مواصفة واشتراطات معينة لدخول هذه السيارات السوق المحلي بهدف حماية المستهلك، إضافة إلى توحيد بروتوكول قواعد شحن السيارات، إذ إن السيارات الواردة من الصين تختلف مداخلها عن المركبات الواردة من أسواق أخرى وهذا على المدى البعيد قد يخلق أزمة أخرى.
ويضاف إلى ذلك أهمية تعزيز مراقبة مراكز صيانة السيارات الكهربائية وتوفرها على الشروط اللازمة لصيانة هذا النوع من السيارات، إلى جانب إيجاد آلية محددة لإتلاف بطاريات السيارات الكهربائية والتي تتم بشكل عشوائي ما قد يكون لها أثر بيئي سلبي، علاوة على أهمية رفع الضرر عن وكلاء السيارات في ظل استئثار تجار المنطقة الحرة باستيراد كميات كبيرة من هذه السيارات وبيعها بأسعار أقل من الوكالات التي تتكبد تكاليف كبيرة.
وقال المدير التنفيذي لجمعية وكلاء وموزعي السيارات الأردنية محمد الزرو، أن سوق بيع السيارات الكهربائية في المملكة يشهد حالة من الفوضى والانفلات في ظل التلقلبات الحادة التي طرأت على أسعار بيعها، ولا سيما السيارات صينية المنشأ، والتي هبطت أسعارها بشكل كبير خلال العامين الماضيين بنسبة تراوحت ما بين 40-50 %، مما تسبب بخسائر هائلة لكثير من المواطنين الذين اقتنوا هذه السيارات في الأعوام الماضية التي شهدت تناميا لافتا لبيع هذه السيارات في السوق المحلي.
وأضاف أن إقدام التجار الأردنيين في المنطقة الحرة على استيراد السيارات الصينية بكميات كبيرة وبعلامات تجارية متنوعة لا تتوفر لديها البنية التحتية الخدمية من صيانة وتوفر للقطع، جعل من الأردن ملاذا للسيارات الكهربائية الصينية الكاسدة، حيث استورد السوق الأردني خلال العام المضي فقط نحو 50 ألف مركبة، وهو ما قاد إلى الفوضى الحاصلة اليوم في القطاع.
وتابع الزرو أن تجار المنطقة الحرة كانوا أول من استورد هذه السيارات ومع بداية استيرادها قاموا ببيعها بأسعار مرتفعة تفوق تكلفة استيرادها، إذ حقق بعضهم أرباحا هائلة تخطت في بعض الأحيان حاجز الـ 9 آلاف دينار للسيارة الواحدة، لكن مع تزايد عدد التجار الذين يستوردون هذه السيارات وتزايد الإنتاج في الصين عمت الفوضى لدينا محليا في دخول أنواع متعددة من السيارات وبكميات كبيرة، حيث أن هذا التنافس المحلي المنعكس عن التنافس داخل الصين، انعكس بدوره على السوق المحلي، لتأخذ أسعار السيارات الكهربائية في المملكة مؤخرا مسار الانخفاض المستمر، ما ألحق الضرر بالمواطنين الذين اشتروا هذا النوع من السيارات خلال السنوات الماضية.
وأشار الزرو، إلى أن ثورة السيارات الكهربائية في الصين تسببت بظهور العشرات من مصانع السيارات الجديدة التي تحاول التنافس في أكبر سوق سيارات كهربائية في العالم، حيث صنعت الصين عشرات آلاف السيارات الكهربائية وبشكل فاق الطلب المحلي في ذلك البلد، مما خلق مشكلة لتصريف تلك السيارات التي لم تجد من يشتريها في سوقها، قبل أن تنجح هذه الشركات في استهداف بعض الأسواق الخارجية، ومنها السوق الأردني وذلك من خلال وسطاء متخصصين في التصدير.
ولفت الزرو، إلى أن إغراق سوق السيارات الأردنية بالمركبات الكهربائية الصينية “والتخبط في إدارة السوق المتروك ضحية لفوضى الأسعار الصينية”، أدى إلى تراجع حاد في أسعار السيارات المستعملة في السوق الأردني بنسبة تجاوزت 20 % من قيمتها السوقية. وتسبب هذا التهافت من قبل المستهلك الأردني على السيارات الصينية ذات الأسعار المنخفضة في تحويل تفضيلات المستهلكين نحو هذه السيارات بدلًا من أنواع السيارات الأخرى غير القادرة على مجاراة الأسعار المنخفضة للسيارات الصينية.
وتابع لم يقتصر تأثير ذلك على خسارة المواطنين لقيمة سياراتهم، بل تجلى أيضا في تراجع مبيعات السيارات المجهزة بمحركات البنزين أو الهجينة بشكل كبير، مما أدى إلى تراجع الطلب على السيارات المستعملة وانخفاض قيمتها بشكل ملحوظ. مقدرا خسائر مالكي السيارات المستعملة في الأردن، البالغ عددهم حوالي مليون ونصف مليون سيارة، بنحو 2000 دينار لكل سيارة، مما يرفع إجمالي الخسائر إلى ما يصل إلى 3 مليارات دينار.
وأوضح الزرو أن الخسائر لم تتوقف على مالكي السيارات فقط، بل طالت أيضا البنوك وشركات التأمين، حيث أن افتقاد هذه السيارات لنحو نصف قيمتها ينذر باحتمالات متزايدة لاتجاه عدم قدرة العديد من المقترضين على الاستمرار بالوفاء بالتزاماتهم اتجاه أقساط سياراتهم التي خسرت قيمتها، إذ من الممكن أن تصبح البنوك في وضع حرج تقوم به بالحجز على عشرات الآلاف من السيارات الكهربائية الصينية التي سيرفض المواطنون الذين اشتروها عن طريق القروض الاستمرار في السداد، وحتما ستتكبد البنوك خسائر كبيرة حتى لو تمكنت من بيع تلك السيارت لتحصيل ما يمكن إنقاذه من أصل مبلغ القرض، كون قيم تلك السيارات تآكلت بشكل خطير وسعرها كسيارة مستعملة منخفض للغاية، مما سيضع البنوك أمام واقع صعب قد يؤثر سلبا وبشكل سريع على مركزها المالي، وسيكون له تبعات على الأداء المصرفي والاقتصادي للبلاد ككل.
أما شركات التأمين فستجد نفسها في مأزق مشابه للبنوك، حيث تشكل السيارات الكهربائية الصينية الواردة عن طريق التجار غالبية السيارات التي يتم بيعها في المملكة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهذه السيارات التي تم التأمين عليها بمبالغ عالية عن شرائها خسرت أكثر من نصف قيمتها خلال عامين فقط، وتعاني هذه السيارات كذلك التي تورد للمملكة بمواصفات صينية محلية غير مخصصة للتصدير، مما يعني عدم وجود قطع غيار أصلية لها لدى الوكلاء، فيما تتوفر القطع المستعملة أو التجارية عن طريق التجار، ولا يستطيع الوكلاء من خلال مراكز الصيانة تقديم خدمات الإصلاح ما بعد الحوادث لتلك السيارات الصينية الكهربائية، مما وضع شركات التأمين أمام وضع تقف فيه عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها والتغطيات الممنوحة للمؤمن عليهم، واضطراره لدفع تعويضات تأمينية أعلى بكثير من قيمة السيارة الحالية والتي نزلت بشكل غير طبيعي وخلال فترة قصيرة.
وبقصد تنظيم هذا القطاع والحد من الفوضى دعا الزرو إلى ضرورة تدخل إدارة المواصفات والمقاييس ووضع شهادة مواصفة واشتراطات معينة لدخول هذه السيارات السوق المحلي بهدف حماية المستهلك، إضافة إلى توحيد بروتوكول قواعد شحن السيارات، إذ إن السيارات الواردة من الصين تختلف مداخلها عن المركبات الواردة من أسواق أخرى وهذا على المدى البعيد قد يخلق أزمة أخرى، إلى جانب ضرورة تدخل الحكومة لوضع محددات لضبط استيراد هذه السيارات ورفع حالة عدم العدالة التي لحقت بالوكلاء في ظل استيراد تجار المنطقة الحرة بكميات كبيرة وبيعها بأسعار أقل من الوكالات التي تتكبد كلفا تشغيلية وضريبية عكس تجار الحرة الذين لا تترتب عليهم أي تكاليف إضافية.
من جانبه أكد أمين سر جمعية وكلاء وموزعي السيارات الأردنيين زيد محمد العبداللات أن هناك فوضى عارمة في قطاع تجارة السيارات الكهربائية صينية المنشأ في السوق المحلي، إذ إن كثيرا من هذه السيارات والتي تدخل من خلال المستثمرين في المنطقة الحرة غير مطابقة للمواصفات والمقاييس في منطقة الشرق الأوسط، وليس عليها أي ضوابط، إضافة إلى عدم توفر كفالة مصنعية لها ما يشكل خطرا على المواطنين الذين يتكبدون شراء هذه السيارات التي تفقد قيمتها بصورة كبيرة في وقت قصير.
وأضاف أن هذه السيارات الداخلة من خلال المنطقة الحرة تشكل خطرا حقيقيا أيضا من خلال بطاريتها التي ليس لها بروتوكول يحدد عمرها وكفاءتها وطريقة لتخلص منها وصيانتها عدا عن ارتفاع أسعارها، حيث أن لذلك أثرا سلبيا على مالكي السيارات وكذلك على البيئة والمجتمع.
ولفت العبداللات إلى أن أيضا بيع هذه السيارات دون ضوابط من خلال المنطقة الحرة فيه إجحاف وإضرار بالمنافسة بالنسبة لتجار الوكالات الذين يتكبدون كلفا تشغيلية وضريبية كبيرة على عكس تجار الحرة، فضلا عن استيراد الوكالات عادة السيارات الكهربائية وغيرها من شركات معروفة ووفق بروتوكولات واضحة ومحددة والحصول على كفالات مصنعية لهذه السيارات بما يحفظ حق المواطن، في حين أن ذلك لا توفره السيارات الداخلة من خلال الحرة.
ويشار إلى أن عدد العاملين في الشركات الوكيلة للسيارات في المملكة يبلغ نحو6 آلاف موظف، يتوزعون بين المعارض ومراكز الخدمات والصيانة والمستودعات والخدمة اللوجستية، كما يدعم قطاع الوكلاء قطاعات خدمية عديدة يصل عدد العاملين فيها عشرات الآلاف من الموظفين.
وفي هذا الصدد دعا العبداللات إلى ضرورة ضبط السوق، وفرض مواصفات وضوابط حقيقية وفق معايير عالمية على كافة السيارات الكهربائية التي تدخل المنطقة، إضافة إلى وجوب تحقيق العدالة بين كافة القطاعات التي تعمل في مجال بيع السيارات.
بدوره اتفق المستثمر في قطاع وكلاء السيارات طارق الصاحب مع سابقيه على وجود حالة من الفوضى تسود سوق بيع السيارات الكهربائية في الأردن، في ظل الانخفاض المستمر لأسعار بيع السيارات الكهربائية محليا نتيجة لانعكاس المنافسة داخل الصين التي تعد المصدر الأول للسيارات الكهربائية المباعة في الأردن على السوق المحلي، فضلا عن زيادة عدد تجار السيارات الكهربائية محليا والتي نجم عنها منافسة فيما بينهم ساهمت في انخفاض أسعار السيارات الكهربائية.
وأضاف الصاحب الذي يتاجر كذلك بالسيارات الكهربائية أن الفوضى لا تتوقف على الانخفاض المستمر في أسعار بيع السيارات الكهربائية والتي تشكل خسارة كبيرة بالنسبة للمواطنين، بل إن الفوضى تمتد إلى استيراد أنواع متعددة من السيارات الصينية والتي لم يتوفر لها بعد قطع صيانة وبطاريات، مما يكبد بعض المشتريين لهذه السيارات خسائر فادحة.
واعتبر الصاحب أن لهذه الفوضى أثرا سلبيا على قطاع بيع السيارات المحلي بشكل عام، حيث ضعف الطلب على أنواع السيارات الأخرى سواء التي تعمل بالوقود الأحفوري أو الهجينة (هايبرد)، إضافة إلى استئثار تجار السوق الحرة على الحصة الأكبر من بيع السيارات الكهربائية مما يلحق الضرر بوكلاء بيع السيارات الذين يبيعون كذلك هذا النوع من السيارات حيث تجار الحرة يبيعون هذه السيارات بأسعار تبدو أقل من الوكلاء نظرا لعدم تكبدهم أي تكاليف إضافية كالوكلاء الذين يشترط عليهم تقديم خدمات ما بعد البيع وتوفر مراكز صيانة ومهندسين وفنيين ضمن أعلى المعايير، ما يعني تعميق عدم المساواة بين تجار المنطقة الحرة والوكلاء.
ودعا الصاحب الحكومة إلى ضرورة ضبط سوق بيع السيارة الكهربائية في المملكة وتحقيق العدالة بين الوكلاء وتجار المنطقة الحرة، إضافة إلى تعزيز مراقبة مراكز صيانة السيارات الكهربائية وتوفرها على الشروط اللازمة لصيانة هذا النوع من السيارات، منوها إلى مشكلة إتلاف بطاريات السيارات الكهربائية والتي تتم بشكل عشوائي ما قد يكون لها أثر بيئي سلبي.