عروبة الإخباري –
مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، رعى سمو الأمير فيصل بن الحسين، الجمعة، افتتاح المجالس العلمية الهاشمية، التي تعقدها وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في كل عام خلال شهر رمضان المبارك.
وتعقد وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية هذا العام المجلس العلمي الهاشمي الـ112 تحت عنوان: كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، في المركز الثقافي الإسلامي التابع لمسجد الشهيد الملك المؤسس عبدالله الأول في العاصمة عمان.
وأشار وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة، إلى أن الإمام النووي جمع في كتاب رياض الصالحين 1896 حديثا من أصولها (كتب الحديث) وقسمها إلى كتب وأبواب، بترتيب يبدأ بالقلبيات فالسلوكيات ثم الثواب والجزاء، وهو ما يوافق أحدث ما هو موجود في التقسيم التربوي المعاصر، الذي يقسم السلوك الإنساني إلى منطلقات ووسائل وأهـداف، كما رتب النووي الأحاديث في الأبواب إذ بدأ بالسنة القولية ثم انتقل إلى السنة الفعلية ثم السنة التقريرية وانتهى بالسنة الوصفية.
ولفت إلى مقدمة الكتاب التي افتتح بها الإمام النووي كتابه الأشهر، الذي جمع به مختصرا من الأحاديث النبوية الصحيحة وما صح منها عند الأمام النووي، مشتملا على ما يكون طريقا لصاحبة إلى الآخرة ومحصلا لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعا للترغيب والترهيب، وسائر أنواع آداب السالكين من أحاديث الزهد ورياضات النفوس وتهذيب الأخلاق وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها وغير ذلك من مقاصد الصالحين والعارفين.
وقال الخلايلة إن الإمام النووي أراد أن يقول أن هذا الكتاب منهج في تربية القلوب للجمع بين الدين والدنيا، ومنهج طريق للسائرين إلى الله عز وجل، والكتاب يجمع كنزا من كنوز السنة النبوية اشتملت على جميع كتب الحديث، لافتا إلى أن الإمام النووي يذكر منهجا تربويا نحتاجه في زماننا في منهجه الذي جمع بين القران والسنة، ملتزما بان لا يذكر فيه إلا حديثا صحيحا ومن الواضحات.
وتحدث وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعه عن أهمية المجالس العلمية وأثرها البالغ في ثقافتنا العربية والإسلامية منذ المجالس العلمية والأدبية في العصرين الأموي والعباسي وصولا إلى مجلسنا هذا الذي يقام على مستوى الدولة وبرعاية ملكية سامية، ويتميز بنهج علمي متخصص يدفع إلى البحث والتأمل.
وأكد أن دراسة الشخصية العلمية والثقافية تشحذ همم الناشئة وطلاب العلم والعلماء على حد سواء، وقديما قالوا: “تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم، إن التشبه بالرجال فلاح”، مبينا أن الأمم والدول التي لا تعنى بتاريخها وأبطالها وزعماءها وشهداءها ورجالها مآلها إلى النسيان، وأن الدول والأمم التي لا تعنى بتراثها العلمي وعلمائها مآلها إلى الجهل والتخلف.
وأشار إلى أن الإمام النووي أنموذج في الفقه والحديث معا وهو مجدد مذهب الإمام الشافعي، وشارح صحيح مسلم، وقد شاعت كتبه وذاع صيته، ومن منا لا يعرف كتاب رياض الصالحين والأربعين النووية، موضحا أن الإمام النووي مات وهو عمر الـ46 وترك لنا بصمة كبيرة في العلم، وجمع بين الزهد والورع والعلم، والهمة العالية في طلب العلم، حيث كان يقرأ يوميا 12 درسا على ايدي العلماء شرحا وتصحيحا.
ودعا إلى التوازن بين الثوابت والمتغيرات، وان التجديد لا يعني التبديل وإنما الإضافة مع الحفاظ على الثوابت الشرعية والتراث العلمي، لان إنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت، وإنزال المتغير منزلة الثابت عين الجمود والتخلف، بحيث نخرج من تراثنا النافع والمفيد ونناقشه نفهمه ونطوره بعين فاحصة، مدركين ان كل إنسان – بعد الرسول صلى الله عليه وسلم – يؤخذ منه ويرد عليه، مضيفا أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأحوال، وما كان راجحا في زمن أو بيئة قد يصبح مرجوحا اذا تغيرت الظروف، وما كان مرجوحا قد يصبح راجحا وأن الأقوال الراجحة ليست معصومة وأن الأقوال المرجوحة ليست مهدومة شريطة أن يكون ذلك من أهل الاعتبار.
وأشار استاذ كرسي الإمام النووي، الدكتور احمد شحادة الزعبي، إلى أهم شروح رياض الصالحين ومناهجها من القدامى والمعاصرين، مستعرضا كتاب دليل لفالحين لطرق رياض الصالحين لابن علان الذي كان منهجه البدء بتفسير الآيات القرأنية التي استشهد بها الإمام النووي في بداية الأبواب، ودراسة السند ورواة الحديث التي اختصرها النووي، مع ذكر جميع الأوجه لضبط الكلمات وبيان الاختلاف، ثم ما يستنبط من الأحاديث من إشارات صوفيه، وأحكام عقدية وفقهية، مع التركيز في أحاديث الصفات على تنزيه الله تعالى وهو من أفضل الكتب الشارحة لرياض الصالحين وعليه اعتمد كل من جاء بعده.
وقال، إن كتاب نزهة المتقين في شرح رياض الصالحين لمجموعة من المؤلفين يقع في مجلدين، وهو شرح مدرسي مناسب لمقتضيات الظروف الاجتماعية الراهنة والأساليب التروبية المعاصرة، ويحتوي على مقدمة وترجمة للإمام النووي، ويقوم منهجه بالشرح على بيان معنى الكلمات الصعبة في الآيات الواردة في بدايات الأبواب، ثم بيان مكان الحديث في كتب السنة، وفي أي باب ورد فيها، ثم لغة الحديث ببيان معاني المفردات الصعبة وبيان المعنى الإجمالي للحديث، فضلا عن خاتمة احتوت تراجم للرواة مختصرة بالأسماء والكنى، وتراجم للمخرجين وفهرسين لأطراف الحديث والموضوعات، وهو من أفضل الشروح المعاصرة.
كما لفت إلى شروحات الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي لكتاب رياض الصالحين في أكثر من الف درس في الفترة بين عامي 1986 و2006 ، والذي ركز منهجه على ما يستنبط من الأحاديث أخلاقيا وعقديا وفقهيا واجتماعيا وربط كل ذلك بالواقع المعاصر.
وحضر المجلس العلمي الهاشمي هذا الأسبوع، وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء، وسماحة قاضي القضاة، وسماحة مفتي المملكة، وسماحة مفتي القوات المسلحة الأردنية -الجيش العربي-، وسماحة مفتي مديرية الأمن العام، وإمام الحضرة الهاشمية، ورئيس لجنة التربية والتعليم النيابية، ورئيس لجنة فلسطين في مجلس الأعيان، ومدير الأمن العام ،وأمين عام وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وأمين عام دائرة الافتاء، ومساعد أمين عام ألاوقاف لشؤون الوعظ والإرشاد، ومدير الوعظ والإرشاد، والمدراء العامين في الوزارة، وعدد من ضباط وضباط صف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وأئمة وعلماء وممثلات عن القطاع النسائي.