عروبةالإخباري –
تابعت قبل أيام لقاء تلفزيونيا مهما على قناة احترمها. قد لا نملك الوقت الكافي لمتابعة هذا الكم الهائل من «الطوفان» الإعلامي، لكنها عملية فرز وغربلة لا يبقى فيها إلا الثقيل والأصيل.
ورد في الحوار وكان حواليّ الأردن من قضايا إقليمية مزمنة ملتهبة، ورد على لسان ضيف من دولة معادية للأردن وللعرب عموما في رأيي فضلا عن كل بلاد ترفع راية نور، ورد على لسانه فريّة ما كان ينبغي السكوت عنها، حتى وإن ضاق الوقت بالمضيف و»المتحاورين». أحيانا لا يكون حوارا. وإن كان، فحديثا مرسلا من جانب واحد، يطرب له المضيف أو يغفل عنه، بمعنى «يضربها طَناشْ»، لغاية في نفس يعقوب!
قال الضيف-وهو بوق من أبواق تلك الدولة المعادية التي تستهدف كثيرا من الأوطان بالإرهاب وإرهاب المخدرات، قال «إن الأردن ذو غالبية فلسطينية». ولا فرق بين هذه الفريّة وبين القائل بأن «غالبية مواطني المملكة من ذوي أصول فلسطينية، لأحد الوالدين أو كليهما».
تلك سردية كذابة شريرة مغرضة، مكشوفة الدوافع.. لا تريد بالأردن خيرا، ولا لفلسطين أيضا. لا قضية ولا شعبا ولا دولة موعودة من الواضح أن إعلان إقامتها قاب قوسين أو أدنى، بانتظار تحقيق أهداف حرب السابع من أكتوبر كاملة، وقد صارت واضحة وضوح الشمس، لا تخفى على أعشى، ولا حتى أعمى، أنار الله بصيرته..
تزامنت تلك «الفلتة»، وكثير من فلتات اللسان تكشف ما في الجِنان، تزامنت مع من يسمونهم مؤثرين في منصات التهافت الاجتماعي! «يوتيوبر» حسناء من بلاد ما زعموا أنها بداية «ثورة الياسمين» في تونس التي كانت خضراء، تخرج علينا بمقولة كاذبة أيضا، مفادها «أن المنسف فلسطيني» لا أردنيا كما يعلم العالم كله بما فيه اليونيسكو.. صدق ميشع وكذبت هي وذلك «المحاور المحلّل» فكلاهما يروجان للسردية الضلالية ذاتها.
صحيح كما قال مسؤولون كثر، بأننا لسنا معنيين بالرد على كل افتراء وكل إشاعة. وصحيح جدا، أن الرد الأكثر بلاغة على «الهامل» همله والرذيل رذله، عملا بمقولة «أميتوا الباطل بتركه» لكن الرد المطلوب ليس بالضرورة أن يكون دائما رسميا. تلك ليست من مهام وزير الخارجية ولا الإعلام -كان الله في عونهما- تلك مسؤولية جميع القوى الوطنية المعنية بصناعة الرأي والأهم المزاج العام..
ما من لؤم أكثر خسة من سرقة التراث والهوية، لأنه لا يعني سوى استهداف للدولة والوطن. فما بالك إن ترافق ذلك مع معزوفة وجوقة تجنيس أزواج الأردنيات وأبنائهم. هي كلمة حق ودعوة حق لكن في هذه الظروف «كلمة حق يراد بها باطل».
ليعلموا -جميعا- أن دون ذلك الرقاب، وأننا جميعا لهم بالمرصاد.. البداية قد تكون في حثّ الخطى عل ى صناعة محتوى أردني وطنيّ طويل النفس والبال، يعود بنا إلى سرّ من أسرار قوتنا وانتشارنا عربيا في سبعينيات القرن الماضي، ألا وهي الدراما الأردنية.. نُحييها ونحيي مفرداتها وتفاصيلها التي ينبغي أن تكون مغرقة متشبعة في تفاصيل التفاصيل الأردنية، بلسان أردني فصيح -بخبرات ذوي الاختصاص في التراث والموروث الأردني الأصيل الأصليّ المتجذّر قرونا لا عقودا. فيكون الرد مُفحم مُلجِمْ، يجلد جلدا، ويقصف قصفا، إن لزم الأمر.
الكلام الناعم -كما الأمن الناعم- لا يجدي نفعا مع تلك الأشكال، التي ما زالت تصر على مجاهرتها في العداء والاستقواء، كما هو الحال في بعض ما يصنفوها «فعاليات» وما هي في حقيقة الأمر سوى تمادٍ وإصرار على الإساءة.
بعض تلك القوى التي تصنّف نفسها على أنها «سياسية»، تمهّد أو تكمّل ما يحاك ضد هذا العرين الأردني الهاشمي المفدى من دوائر، لن تدور إلا على رقابهم القصيرة الثخينة! «على الباغي تدور الدوائر»، و «لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله»..المنسف-يا هذا وذاك- المنسف أردنيّ نبطيّ. والأردن للأردنيين، الأردنيين فقط الذين لا يؤمنون إلا بالأردن أولا.. أردنيّو الانتماء والولاء، ومن قال بغير ذلك، فأرض الله واسعة!