عروبة الإخباري –
النموذج الحزبي الوطني الذي يسعى الاردن الى تحقيقه يعبر عن إرادة سياسية، ومصلحة وطنية، وصولا الى برلمان حزبي، وحكومة برلمانية تلبي طموحات الشعب.
هذا التطلع الوطني للأحزاب يملي عليها أن تهتم بصياغة خطاب سياسي برامجي وواقعي مشتبك مع هموم الناس وقضاياهم الرئيسة، وأن تتحول من البعد الشخصي إلى المؤسسي، وأن تدرك أنها بمثابة مؤسسات تقوم على التخصص، و القيادة، والفكر الاستراتيجي كمقدمة لرؤية حكومات حزبية، كما يؤكد حزبيون.
لقد أرسلت الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني قواعد التغيير وحملت رسائل واضحة المعالم لمؤسسات الدولة، تركز على أهمية تعزيز النهج الديقمراطي، والحياة السياسية عبر بوابة الأحزاب والعمل الحزبي، وانطلاقا من هذه الرؤية الملكية الثاقبة مر قانون الأحزاب السياسية الاردني بمراحل مهمة على طريق التجويد والتحسين، وترسيخ ممارسة العمل الحزبي، بدءا من قانون الاحزاب السياسية رقم (19) لسنة 2007، وقانون الأحزاب السياسية رقم (16) لسنة 2012، وقانون الأحزاب السياسية رقم (39) لسنة 2015.
في الرسالة الملكية الموجهة لرئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية، اكد جلالة الملك على ذلك بقوله “إننا عازمون على إحداث نقلة نوعية في الحياة السياسية والبرلمانية، على نحو يضمن الأهداف، والطموحات المرجوة في المستقبل، والخروج بإطار تشريعي يؤسس لحياة حزبية فاعلة قادرة على إقناع الناخبين بطروحاتها”.
وشكل صدور قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022، نقلة كبيرة ونوعية نحو تطوير الحياة الحزبية في المملكة، والتأسيس لحياة سياسية فاعلة، وإيجاد حراك حزبي نوعي وجاد في المجتمع الاردني، وظهور أحزاب ذات برامج وطنية، واقتصادية، وسياسية، وثقافية، وإدارية مختلفة، كما يؤكد حزبيون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا).
أمين عام حزب إرادة نضال البطاينة قال، إن جلالة الملك عبدالله الثاني وجه منذ تولي سلطاته الدستورية بإنضاج فكرة الأحزاب، مؤكدا أن جلالته حين تسلم تقرير اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أشار إلى أن النموذج الوطني الذي نسعى إليه يجب أن يعبر عن إرادة سياسية، ومصلحة وطنية، وعلى الاحزاب، والقوى السياسية تطوير أداوتها، وصولا للبرلمان الحزبي، وبالتالي حكومة البرلمانية التي تلبي طموحات الشعب الأردني.
وأضاف البطاينة، إن الملك وفي إطار العمل على التأسيس لحياة حزبية برامجية، ركز في خطاباته على أيديولوجية الأحزاب البرامجية القادرة على إيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه بلدنا؛ فالأحزاب الحقيقية حاجة لتطور الشعوب، وليست مجرد ترف قائمة على حزب الشخص الواحد، فأدوات الأمس لم تعد صالحة اليوم، مشيرا إلى أن تحديث المنظومة السياسية شكل أرضية خصبة للبدء بالعمل الحقيقي، للوصول إلى حياة ديمقراطية.
وأشار البطاينة إلى أوجه الاختلاف بين قانوني الأحزاب الجديد والقديم، إذ اشتمل الجديد على نوعين من الانتخاب، تقسم فيه المملكة إلى 18 دائرة انتخابية محلية، ودائرة انتخابية عامة، يخصص لها جميعا 138مقعدا بواقع 97 مقعدا للدوائر المحلية، و41 مقعدا للدائرة العامة” الأحزاب”، وهو ما يعطي دفعة قوية للعملية الحزبية، و الديمقراطية السياسية بتخصيص ثلث مقاعد البرلمان؛ لتكون قائمة على مستوى الوطن، لذلك يمكن القول إن القانون الجديد ساهم بدفع عملية التطور السياسي، و التحديث السياسي في الاتجاه الصحيح.
ولفت البطاينة إلى أن القوانين ألزمت الأحزاب بأن يكون هناك 20 بالمئة من المؤسسين و أعضاء الحزب نساء، و 20 بالمئة شباب، وهذه دفعة قوية للعملية الحزبية؛ لتمكين النساء والشباب من الانخراط في العملية السياسية، إضافة الى خفض سن الترشح من 30 عاما إلى 25 عاما.
من جهته قال رئيس المجلس المركزي لحزب الميثاق العين الدكتور يعقوب ناصر الدين، إن قانون الأحزاب السياسية في الأردن مر بمراحل مختلفة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني حيث شهد القانون تغييرات كبيرة، وتحسينات؛ بهدف تعزيز دور الأحزاب في تطوير الحياة الديمقراطية في الأردن.
وأضاف، لقد تأسست أحزاب جديدة تلبية لطموحات الشعب الأردني بحكومات برلمانية قادرة على مواجهة التحديات التي تعصف بالإقليم، مشيرا إلى تعديل القوانين، واللوائح المتعلقة بالأحزاب السياسية لتوفير بيئة أكثر شفافية، وديمقراطية وصولا لحياة حزبية.
وأكد ناصر الدين أن القانون الجديد يهدف إلى تعزيز الديمقراطية في البلاد من خلال أحزاب برامجية قادرة على تشكيل الحكومات واتخاذ القرارات السياسية، مضيفا أن من ضمن التحسينات التي جاءت على القانون الجديد، تعزيز دور الشباب، والمرأة في الأحزاب السياسية وتمثيلهم بشكل أفضل، وتعزيز الشفافية في العملية الحزبية.
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الزرقاء الدكتور الحارث الحلالمة، إن الاردن شهد الأردن العديد من التحولات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، أهمها المشاركة السياسية، والسير على طريق نهج الإصلاح السياسي، والتأكيد الدائم على حق الأردنيين في المشاركة الفعالة في الحياة العامة، سواء من خلال منظومة التشريعات الناظمة للحياة السياسية التي وفرت أرضية خصبة لمشاركة فاعلة يضمنها جلالة الملك، وصولا إلى مستقبل آمن ومزدهر يحقق الرفاه، والحياة الكريمة.
وأضاف الحلالمة، إن ما يحدد نجاح التحول الديمقراطي، هو تطور أحزاب سياسية ذات بعد برامجي وقادرة على استقطاب أصوات الأ ردنيين، وتتمتع بقيادات مؤهلة وقادرة على حمل أمانة المسؤولية، أو تشكيل ائتلافات حزبية، بناء على توافق برامجي.
وأوضح أن الأردن لطالما عانى سابقا من ضعف المشاركة الحزبية بسبب عدم وجود برامج حزبية فاعلة، وسيطرة الأحزاب العقائدية على المشهد؛ ما أظهر أحزاب شخوص تفتقر للمؤسسية الحزبية ما حدا بجلالة الملك الى دعوة الأردنيين إلى توسيع قاعدة المشاركة، وتشكيل أحزاب برامجية قادرة على إقناع الناس ببرامجها وتحقيق التنوع الحزبي الذي يعكس أطياف الشعب الأردني، ورغبته في التغيير.
لقد أكد الملك في لقاءاته مع القوى السياسية والاجتماعية على تطلعه الى قوى حزبية متعددة تتنافس فيما بينها على أساس برامج واضحة وأفكار، ورؤى جديدة تضفي حيوية على الشكل السياسي وتعكس قدرة الأردنيين على تحقيق الإنجاز، كما يقول الحلالمة، حيث تمت ترجمة هذه الرؤية على أرض الواقع من خلال قوانين الأحزاب السياسية وتشكيل لجنة تحديث المنظومة السياسية.
نائب رئيس المكتب السياسي لحزب نماء الدكتور فيصل الغويين يقول من جهته، إن نشوء الأحزاب السياسية في الدول يجب أن يرتبط بالتنمية والتحديث السياسي من خلال مشاركة المواطنين في العمل الحزبي، مشيرا الى أن الأحزاب الاردنية مرت بمراحل مختلفة من حيث الدور الذي لعبته، ومحددات عملها.
وأضاف، إن الديمقراطية لم تغب عن الخطاب الملكي حيث شهد عهد جلالة الملك عبدالله الثاني أكبر تعديل للدستور الأردني، كان الأكبر والأهم في هذه التعديلات تعديل عام 2011، الذي شمل أكثر من 40 مادة، مشيرا أن الديمقراطية أخذت حيزا كبيرا في سلسلة الأوراق النقاشية، التي رمت إلى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح، وعملية التحول الديموقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار.
وأشار الغويين الى أن سلسلة قوانين الانتخاب التي شهدتها المملكة الانتخاب (2007، 2012، 2015،2022) جاء كل منها متوائما مع مستجدات الساحة السياسية، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية، والاقتصادية للمجتمع الأردني.
واستمرارا لتعزيز مسيرة المملكة الديمقراطية جاءت مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي شكلها جلالة الملك بالتزامن مع دخول الدولة الأردنية المئوية الثانية من عمرها، بهدف تطوير المنظومة السياسية، وصولا لحياة برلمانية، وحزبية تناسب الأردنيين، والتحديات التي تواجه المملكة.
وقال الغويين، إن أغلب خطابات العرش السامية تضمنت رسائل واضحة تتحدث عن أهمية التجديد السياسي لدور الأحزاب السياسية، وتوسيع هامش المشاركة السياسية لدى فئات الشباب، والمرأة، وذوي الإعاقة، مشيرا الى أن الوصول إلى مرحلة الحكومة البرلمانية لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود الأحزاب السياسية البرامجية، وهو ما توافقت عليه مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسة، وأهمها قانونا الأحزاب والانتخاب.
ودعا الغويين الأحزاب إلى التركيز أكثر على التخطيط الاستراتيجي، واستقطاب العقول الوطنية القادرة على الاشتباك مع الواقع، وتقديم البرامج والحلول، والابتعاد عن البيانات السياسية ذات الطابع الإنشائي غير المدروس، وأن تبتعد عن العمل الدعائي والارتجال، والخطاب الإنشائي.
وقال، إن على الأحزاب أن تهتم بصياغة خطاب سياسي برامجي وواقعي، مشتبك مع هموم الناس وقضاياهم الرئيسة، وأن تتحول من البعد الشخصي إلى المؤسسي، وإدراك أنها بمثابة مؤسسات تقوم على التخصص، و القيادة، والفكر الاستراتيجي كمقدمة لرؤية حكومات حزبية.