عروبة الإخباري –
أخبار البلد – عفاف شرف
تُعتبر الأسرة عماد المجتمع لما لها من دور كبير ومهم في إعداد الإنسان من خلال ما توفره من رعاية وما تقدمه من متطلبات التنشئة الإجتماعية والثقافية. وبغض النظر عن نوع الأسرة، فإن لدى الغالبية صورة مثالية لما يجب أن تكون عليه، شكل الأسرة ونمطها القائم في أي مجتمع من المجتمعات يرتكز إلى ثقافته الأساسية، ويترتب على أدوار أفراد الأسرة التزامات وتوقعات يمكن أن تختلف بحسب الجنس والعمر. وبالنتيجة، فإن تحقيق هذه الالتزامات يسهم في تحقيق وظائف الأسرة من دعم اقتصادي ورعاية للأطفال وتوفير للأمن العاطفي.
وانطلاقاً من واقع البيئة العامة المساندة للأسرة وما يفرضه الواقع من توجهات وطنية وبرامج عمل تقدمها القطاعات المختلفة، برزت الحاجة إلى إنشاء المجلس الوطني لشؤون الأسرة للتعامل مع الأسرة على مستوى التخطيط الاستراتيجي، ووضع السياسات والبرامج وفق معايير اجتماعية اقتصادية ونوعية تعمل على وصف وضع الأسرة في الأردن وتقصّيه، وتعديل الخطط والبرامج والسياسات والتشريعات المنبثقة عنها والإجراءات المتعلقة بها وفقاً لفهم أعمق لقضايا الأسرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن احتياجات الأسر تختلف وفقاً لظروفها، حيث تأسس المجلس الوطني لشؤون الأسرة عام 2001 برئاسة جلالة الملكة رانيا العبدالله ويعمل كمظلة داعمة للتنسيق وتيسير عمل الشركاء من المؤسسات الوطنية الحكومية وغير الحكومية والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص العاملة في مجال الأسرة للعمل معا لتحقيق مستقبل أفضل للأسرة الأردنية.
ارتأت “أخبار البلد” بمقابلة الأمين العام للمجلس الدكتور محمد مقدادي للحديث أكثر عن المجلس وأبرز ما جاء فيه ومهامه وأهدافه وقضايا عديدة.
*الأسرة الأردنية وحسب متابعتكم وقراءتكم وبياناتكم هل هي أسرة متحدة ،أم مفككة وماهي أبرز المتغيرات التي رصدتموها لها خلال العقدين الماضيين ؟
مقدادي: أصبح هنالك تغيرات على الأسرة الأردنية حيث زاد عدد السكان بالأردن بشكل مفاجىء نتيجة اللجوء، ولا يزال هنالك إمتداد للأسرة “الممتدة” وتعتبر هذه نقطة إيجابية للروابط المجتمعية، لكن في ذات الوقت الأسرة اتجهت إلى التحضر وإن الغالبية العظمى من السكان يعيشون في ثلاث محافظات (عمان، الزرقاء، إربد) حيث تشكل عمّان نسبة 40% من سكان الأردن ولوحظ خلال السنوات الماضية أن هنالك هجرة للمدن مما أدى إلى أن تكون الأسرة “نووية” بشكلها العام وبسبب هذا التطور أصبح لدينا خدمات تتعلق بحماية الأسرة جراء إنتشار ظاهرة العنف والمخدرات والضغوطات الإقتصادية وتعد جميعها أرضيات خصبة لحدوث مثل هذه المشاكل كما أن ممارسة الدور التربوي لدى الآباء أصبح يشكل عبئاً كبيراً غير معتاد، ففي السابق كان الفضاء غير مفتوح لدى الأطفل وكانت تربيته محصورة بين أسرته و تعليمه بالمدرسة وكان من السهل التعامل معهم، بينما اليوم الوضع مختلف تماماً والتعلم خرج عن الإطار الأسري والاساليب التقليدية فأصبح لدينا أكثر من وسيلة للتربية والتعليم وإمكانية الوصول بسهولة حول ما يحدث في كافة بقاع العالم، ونبين في ذات الوقت أن الأسرة كانت سابقاً لديها الوقت الكافي لقضائه مع أطفالها مقارنةً مع جيل هذا اليوم لم يعد كذلك وكل هذه الأسباب تعود إلى ضغوطات العمل الوالدين.
لذلك وضعنا خطط واستراتيجيات للنظر حول كمية الوقت المهدور فالاسرة اليوم تواجه تحدٍ كبير في القيام بدورها في ظل جميع هذه المشاكل فهي بحاجة إلى إعادة نظر لرفع كفاءة الوالدين للتعامل مع هذه الظروف والإبتعاد عن تتبع الطرق التقليدية في تربية أطفالها لحمايتهم من مخاطر الإنترنت والتنمر الإلكتروني.
ومن جهة أخرى تتمحور هذه المشاكل بالتسبب في ازدياد حالات الطلاق جراء عدم معرفة الطرق الصحيحة للتربية بين الزوجين، لذلك حرصنا وركزنا أكثر على وجود مؤسسات لتقديم خدمات لحل المشكلات التي تواجه الأسرة والتي كان الأقارب يحل مكانها في السابق، ولكن الخدمات ما تزال محدودة في القضايا التي تتعلق بالأسرة “فالوقاية خير من قنطار علاج”.
* هل هناك تعريف للمسن وكم يبلغ عدد المسنين في الأردن، وهل يوجد لديكم أرقام عنهم وتواجدهم ولماذا طلبتم في الفترة الأخيرة عمل نادي لكبار السن ؟
مقدادي : في عام 2008 بدأنا الإنتباه إلى قضايا كبار السن لأن كبار السن ليسوا بحاجة إلى رعاية فقط فنجد في الدول الغربية تعمل على وضع برامج وخدمات مختلفة لرعاية هذه الفئة ولكن في دول العالم الثالث نسبة كبار السن لا تتعدى الـ 5% وهم في تزايد نتيجة الخدمات الصحية، وهناك استراتيجية في الأردن تعتبر عمر الـ 60 فأكثر من كبار السن بحسب منظمة الصحة العالمية،وفي عام 2017 بلغت نسبة عدد المسنين حوالي 547 ألف وفي عام 2021 ارتفعت النسبة إلى 600 ألف شخص بنسبة 5.4% من عدد السكان، ومن المتوقع في عام 2050 أن تتعدى النسبة الى 15% وهذا مؤشر خطير لذلك بدأنا التنبه لوضع سياسات واستراتيجيات للمساهمة في تنمية بعض القضايا التي من الممكن أن تحصل لكبار السن مثل مفهموم أن “المسن” عالة على المجتمع وهذا مصطلح مرفوض مقارنةً ببعض الدول يطلقون عليهم مسمى “سن العطاء” فلديهم الكثير من الخبرات التي يمكن الإستفادة منها من خلال إشغال وقتهم بعمل نوادي نهارية لتبادل الأنشطة والثقافات والخبرات فيما بينهم لخدمة مجتمعهم، لذلك نحن كمجلس قمنا بوضع خطة تحديث استراتيجي وطني لكبير السن التي يتم التركيز عليها من خلال النوادي النهارية والرعاية الصحية المنزلية لهم.
* ما هو السبب في أن نشاط المجلس متواضع نسبياً في الظهور الإعلامي ؟
مقدادي: بصراحة الملجس لا يقدم خدمة مباشرة للناس ولا نتعامل مع حالة إرشاد أسري بشكل مباشر، فالمجلس عندما تأسس عام 2001 جاء ليكون مؤسسة فكرية يقدم حلول وإرشادات للقضايا ذات الأولوية في الأردن ويقترح نماذج جديدة لخدمة الأسرة الأردنية، كما أنه يعمل على إنشاء دراسات حول القضايا المتخصصة التي تهم الأسرة وهذا العمل يستغرق وقتاً طويلاً مثل قانون حقوق الطفل الذي نفتخر بأن المجلس كان المظلة التنسيقية لإعداد مسودة ذلك القانون فاستغرق منا 4 سنوات عمل لصياغة المسودة مع باقي المؤسسات الاردنية وأعتقد أن هذا السبب كافٍ لعدم ظهورنا إعلامياً فنحن لا يوجد لدينا أعمال يومية أو خدمات يومية.
*هل يمكن أن تتحدث عن أبرز المخاطر التي تواجه الأسرة الأردنية في زمن العولمة وزمن ثورة الإتصالات “الثورة الرابعة” ؟
مقدادي : أهم مافي ذلك مدى معرفة الأهل ومدى معرفة الأطفال بثورة التكنولوجيا ولكي يكون هنالك ميزة مشتركة للتفاهم يجب أن يكون لديهم المعرفة المشتركة ونأمل من الأهالي التثقف أكثر في مجال التكنولوجيا لسهولة التعامل مع أطفالهم وترتبيتهم تربية صحيحة ولا بد أن يكون في الزواج زوجان ناضجان فكرياً وأيضاً المدارس والجامعات لها دور ومسؤولية كبيرة لمناقشة مع الطلبة عن قيمة الأسرة وأهميتها ومن الممكن أيضاً أن إقبال الشباب الذين لا يمتلكون النضج الفكري وغير مقدرين مسؤولية الزواج واقبالهم عليه أدى للفشل في تربية الابناء .
*لو كانت لديكم نصائح لتقديمها إلى الأسرة الأردنية في هذا الوقت ماهي النصائح التي تقدمونها او تعتقدونها مهمة في ذات الوقت؟
مقدادي: يجب أن نكون واقعيين والأسرة عليها دور كبير في تنشئة أبنائها فعليهم التركيز والتفكير حول موضوع الإنجاب ويجب أن يعلموا بأن هذه مسؤولية كبيرة جداً من ناحيتين التربوية والمادية وما إلى ذلك.. ويجب على الشباب معرفة دورهم المطلوب عند تكوين أسرة ، فالزوجان لديهما أدواراً تجاه بعضهم البعض كما قال الله تعالى في كتابه العزيز “وجعل بينكم مودةً ورحمة” فالعلاقة الأسرية لا تقتصر على الحقوق والواجبات وإنما تقوم على المودة والرحمة فعليهما التأني في إختيار شريك الحياة “الزواج ليس عبارة عن حياة وردية” وإنما هنالك صعوبات ومشاكل ستواجههم علينا معرفة كيفية التغلب عليها..