عروبة الإخباري –
قال البنك الدولي، في تقرير جديد أصدره الثلاثاء، إن الأردن مرّ بأوضاع صعبة وواجهها بحذر، وأظهر مرونة في مواجهة العديد من الصدمات الخارجية.
وأشار تقرير المرصد الاقتصادي للأردن، إلى أن على الرغم من سرعة التعافي بعد أزمة كورونا، ظلت البلاد تحقق معدلات منخفضة للنمو على مدى العقد الماضي، تدور في المتوسط حول 2,2% في الفترة من 2012-2022، حيث سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2,4% العام الماضي، ثم تسارع إلى 2,7% في النصف الأول من العام الحالي، متجاوزا متوسطه قبل كورونا البالغ 2,4% في الفترة (2012-2019).
وأشار البنك إلى أن هذا النمو جاء مدعوما بمساهمة قوية من القطاعات الخدمية النقل والاتصالات، التمويل والتأمين وأنشطة تجارة الجملة والتجزئة، بالإضافة إلى قطاع الصناعة وتعافي القطاع الزراعي. وفي الوقت نفسه، شهد قطاع الفنادق والمطاعم أعلى نمو سنوي له منذ الربع الثاني من عام 2022 (وهو ما يعكس أيضا التعافي القوي لإيرادات السياحة والسفر)، لكن مساهمته في النمو تظل هامشية نظرًا لصغر حجمه في الاقتصاد.
البنك الدولي، أوضح على الرغم من التعافي الاقتصادي، لا تزال القيود الهيكلية الراسخة تؤثر على نتائج سوق العمل، حيث واصل معدل المشاركة في قوة العمل انخفاضه التدريجي إلى 33% في الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة من 39,7% في عام 2017، ويعود هذا الانخفاض إلى انخفاض مشاركة كل من الذكور والإناث.
وبين التقرير أن مشاركة المرأة الأردنية في العمل لا تزال من بين أدنى المعدلات في العالم، حيث وصلت النسبة إلى 13,8% في الربع الثاني من العام الحالي، معبرا عن قلقه أيضا من انخفاض معدل التوظيف إلى 25,6% في الربع الثاني من العام الحالي، وهو أقل بكثير من متوسط ما قبل كورونا البالغ 31,2% (2012-2019).
“على الرغم من انخفاض المشاركة الاقتصادية، أدى انخفاض التوظيف إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 22,3% في الربع الثاني من عام 2023، ليظل أعلى بكثير من متوسطه قبل كووونا البالغ 25,1% للأعوام (2012-2019).
وأشار البنك إلى تباطئ معدل التضخم الإجمالي السنوي بشكل كبير في العام الحالي، مدعوما بتشديد السياسة النقدية وانخفاض أسعار السلع الأساسية، حيث استمر معدل التضخم الرئيسي السنوي في التباطؤ إلى 1,4% في تشرين الأول الماضي، نزولا من ذروته البالغة 5,4% في أيلول 2022.
وجاء هذا الانخفاض مدعومًا بتأثير أساسي إيجابي وتضخم شهري ضعيف، مدفوعا بشكل أساسي بالمساهمة السلبية من أسعار الوقود والنقل والسيطرة على أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.
منذ آذار 2022، رفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 525 نقطة أساس ليصل إلى أعلى مستوى منذ 2006/2007، مما يجعل الأردن أحد الدول القليلة في المنطقة التي تتمتع بمعدلات فائدة حقيقية إيجابية.
وبين البنك أن الأردن يواصل مساره لضبط أوضاع المالية العامة للحكومة المركزية مدعوما بالنمو والإصلاحات المعززة للإيرادات، في حين نما إجمالي الإنفاق بوتيرة أبطأ، حيث تقلص العجز المالي للحكومة المركزية (بما في ذلك المنح إلى 5,6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2032، وسجل الرصيد الأولي فائضا بنسبة 0,3% من الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023.
وتعود الزيادة في الإيرادات في تلك الفترة بشكل رئيسي إلى تحسن الإيرادات غير الضريبية، على الرغم من انخفاض المنح الأجنبي، وعلى الجانب الآخر، كانت الزيادة في إجمالي الإنفاق في عام 2022 مدفوعة بشكل أساسي بإعادة تقديم دعم الوقود والغذاء كجزء من استجابة الحكومة للضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية.
وأشار البنك إلى أنه مع إلغاء دعم الوقود في العام الحالي، أدى انخفاض الإنفاق على الغذاء بشكل أساسي إلى تعويض الزيادة في مدفوعات الفائدة والنفقات الرأسمالية.
وبين أنه على الرغم من تحسن الأداء المالي، فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي مستمرة في الارتفاع، حيث استمر إجمالي الدين الحكومي والديون المضمونة في النمو مع استمرار الضغوط من قطاعي الكهرباء والمياه، حيث وصل إلى 111,4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 مقارنة بـ 108,8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام السابق).
وارتفع الدين الحكومي العام الذي يشمل صافي حيازات صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي إلى 88,8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 مقارنة بـ 87,5% في العام السابق. وفي تموز 2023، ارتفع إجمالي الدين الحكومي والمضمون إلى 40,1 مليار دينار أردني، مقارنة بـ 38,5 مليار دينار أردني في نهاية كانون الأول 2022، ويرجع ذلك أساسا إلى ارتفاع الديون بالعملة الأجنبية بعد إصدار سندات دولية بقيمة (1,25 مليار دولار, 0,9 مليار دينار أردني).
وشهدت الحسابات الخارجية تحسناً في النصف الأول من العام الحالي، مدعومة بزيادة في إيرادات السفر وتقلص العجز التجاري، حيث انخفض عجز الحساب الجاري إلى 7,7% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، مدعوما باستمرار تعافي إيرادات السفر على الرغم من اتساع العجز التجاري.
وفي الوقت نفسه، انخفض فائض الحساب الرأسمالي والمالي في عام 2022، مما أدى إلى تدهور ميزان المدفوعات إلى عجز قدره 1,5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وواصل الحساب الجاري الاستفادة من المزيد من الارتفاع في إيرادات السفر في النصف الأول من عام 2023 وتضييق العجز التجاري والذي يرجع بشكل رئيسي إلى انكماش واردات النفط على الرغم من انخفاض التحويلات، إضافة إلى ذلك، ارتفع فائض الحسابات الرأسمالية والمالية، مما أدى إلى تقلص عجز ميزان المدفوعات إلى 0,4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقع البنك الدولي أن ترتفع معدلات النمو في عام 2023 لتصل إلى 2,6%، مدفوعة بقطاعات الخدمات، وأن يتباطأ معدل النمو في العام المقبل إلى 2,5%، ثم يعود إلى الارتفاع إلى 2,6% في العام التالي.
ومع توقع أن تظل معدلات التضخم تحت السيطرة، إلا أن الرفاه الاجتماعي لا يزال مهددًا بعدة عوامل، بما في ذلك عدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب قوة العمل المتزايدة ومواكبة أجور القطاع العام، فضلاً عن انخفاض المساعدات الموجهة للاجئين.
وفي الوقت نفسه، ستظل خطط ضبط أوضاع المالية العامة معتمدة على تنامي الإيرادات المحلية، مما يخفض من التوقعات حول معدلات العجز المالي إلى مستوى 5,1% من إجمالي الناتج المحلي.
وعلى الصعيد الخارجي، من المتوقع أن يستفيد الحساب الجاري من التعافي الحالي في إيرادات السفر وتراجع الضغوط على أسعار السلع العالمية.
ولا تزال الأوضاع العالمية تشهد العديد من التحديات، حيث رفعت البنوك المركزية الكبرى أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات، وأشارت إلى أن الظروف النقدية المتشددة قد تستمر حتى يتم التأكد من أن التضخم يعود إلى مستوياته المستهدفة، وأدى هذا إلى زيادة تكلفة التمويل وتآكل الحيز المالي.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تتباطأ معدلات النمو العالمية وتلك المتحققة لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين للأردن في عام 2023، قبل أن تستقر بشكل عام فيما بعد. وعادت أسعار السلع الأساسية المستوردة كالنفط والقمح) إلى مستوياتها قبل الحرب الروسية على أوكرانيا. ومع ذلك، فقد ارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل ملحوظ بعد قرارات مجموعة الأوبك + بخفض الإنتاج والصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط.