عروبة الإخباري –
ربما لم يكن في حسابات الاحتلال الاسرائيلي الذي يشن حربا همجية بكل أنواع الاسلحة الفتاكة على غزة ومنذ شهر ونصف الشهر أن تفضح الصورة تاريخه الإجرامي وتكشف زيف ادعاءاته
لكتابة تاريخ مشوه ومضلل لوجوده في عموم الأرض المباركة لا يصدقه إلا مأزوم أو من في عينيه قذى وعُوار.
فالعالم بأجمعه ما يزال يراقب باهتمام بالغ ما تنقله شاشات التلفزة من صور وبث حي ومباشر لتوثق للأجيال حجم الهجمة الاسرائيلية اللإنسانية التي عصفت بأطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة ومناطق الضِّفة الغربية كافة لتضع الرأي العام في جميع أنحاء العالم بحقيقة مشكلة شعب فقد سبعة عقود أرضه وحقه بالعيش بحرية في دولة مستقلة.
ففي عصر إعلامي رقمي يتسم بالسرعة، ويتفاعل معه المتابعون مع ما يبث فيها من صور صادمة لقصف وقتل ودمار لا يمكن للإنسانية استيعابه لم يعد مجال لتزوير الحقيقة أو تأويلها أو العبث بها، وهو ما تؤكده الصحوة العالمية في شوارع العواصم العالمية المنادية برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وحقه بالعيش في دولة مثل كل شعوب العالم.
وبموازاة الصور والفيديوهات التي ما فتئت تبثها وسائل الإعلام من تحت وقع الصواريخ والقذائف، استقبل الفضاء الرقمي فيضا من التقارير المدعومة بالصورة التي تقدم قراءة معمقة تعيد تاريخ فلسطين الى حقيقته المغيبة كما يؤكد خبراء ومختصون بينوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أنَّه مع انتشار الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، نقل صحفيو ومصورو وكالات الأنباء العالمية الحقيقة كما هي في غزة: صور صادمة لشهداء وجرحى ودمار هائل في كل ما له صلة بالحياة خلفها قصف إسرائيلي وحشي دون توقف على مدى ساعات الليل والنهار، ولم يستثن النساء والرضع وحديثي في الحاضنات، أما المشكلة فهي مشكلة شعب يبحث عن أرضه وحريته.
مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون إبراهيم البواريد قال: إن التلفزيون الأردني كان سبّاقا في تغطيته للأحداث الجارية في قطاع غزة، وباشر باستوديو مفتوح لتغطية هذا الحدث، واستضافة العديد من أصحاب الرأي والفكر سواء في المملكة أو الأشقاء في فلسطين والدول العربية، حيث تم إبراز الموقف الأردني الثابت والمتقدم والهادف إلى وقف التصعيد والعدوان على الأهل في قطاع غزة.
ولفت البواريد إلى دور المراسلين العاملين في مكاتب التلفزيون الأردني في قطاع غزة ومختلف أنحاء الضفة الغربية، والذين سعوا إلى نقل صورة ما يجري في القطاع والأراضي المحتلة، مشيرا الى أن التفاعل الكبير لمتابعي البث التلفزيوني خاصة في هذه الأحداث بدليل أن ايراد التيليثون الذي أطلقه التلفزيون الشهر الماضي بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية لجمع تبرعات لصالح أهل غزة تجاوز 11 مليون دينار.
كما استقطب التلفزيون آراء مختلف الشخصيات والنخب في الأردن، من مختلف الجوانب الخاصة بأحداث غزة، سواء في الجانب القانوني الدولي وحقوق الإنسان، أو التحليل العسكري والتحليل السياسي وتوضيح أبعاد وتداعيات العدوان، مشيرا إلى أن عدد متابعي منصات الإعلام الرقمي التابع لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون والمنصة الرقمية للتلفزيون الأردني يزيد على 9 ملايين متابع.
وأشاد البواريد بجهود وكالة الأنباء الأردنية (بترا) في تغطيتها لمجريات الأحداث في غزة، معتبرا إياها من أهم المصادر في التغطية الإخبارية، فهي الصرح الإعلامي الذي نعتز به، والمؤسسة الوطنية المهمة التي تسعى بكوادرها إلى نقل الأخبار التي تتسم بالشفافية والمصداقية.
أستاذ الإعلام الرقمي في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمود أبو فروة الرجبي، أشار إلى أن للصورة على مر التاريخ الإعلامي تأثيرا يفوق تأثير الكلمة على التغيير، ومع دخول الإعلام الرقمي الميدان، وانتشار الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، وإنشاء مواقع إخبارية رقمية، زادت أهمية استخدام الصورة، والفيديو، وتطور استعمالهما كثيرا خاصة مع مع انتشار الهواتف الذكية، والحواسيب اللوحية، التي أتاحت التقاط الصورة، والفيديو في كل وقت، ومن أي مكان ودون تكلفة فأصبح لدى الإعلام مخزون هائل من الصور والفيديوهات عما يحدث في الميدان.
وأضاف: رغم أن الإعلام الغربي ما يزال يتعامل مع القضايا العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين، بانحياز أعمى للطرف الآخر، وبطريقة يتبنى بها السردية الصهيونية كاملة دون الالتفات لوجود شعب تحت الاحتلال، والفصل العنصري والانتهاكات المستمرة على الأهل في غزة وفلسطين بسبب سيطرة اللوبي الصهيوني على الإعلام، إلا أن منصات التواصل الاجتماعي تمكنت من إحداث التوازن في هذه المسألة.
وأشار الى أن هناك مؤشرات عديدة على انقلاب الرأي العام العالمي الغربي والأميركي على الرواية الإسرائيلية، حيث بتنا نرى مقاطع فيديو لاعتراضات واحتجاجات شديدة على ما يحصل، بل إن عددًا من المشاهير، والفنانين الكبار بثوا رسائل فيديو يعترضون على ما يحصل ويصفونه على حقيقته بأنه اعتداء صارخ من قوة استعمارية تريد كبت حرية شعب مناضل من أجل إقامة دولته المستقلة على أرضه التاريخية، كما بدأ عدد متزايد من الطلبة الأميركيين والأوروبيين يعبرون عن رفضهم للسياسات الإسرائيلية القائمة على الفصل العنصري، والإبادة الجماعية، ونرى في منصات التواصل الاجتماعي محاورات قوية في هذه الجامعات.
وبفضل هذا التطور الإعلامي، يوضح الرجبي، تكونت لدى شريحة واسعة من الاوروبيين ثقافة حقيقية مفادها أن مشكلة غزة تحديدا والمشكلة الفلسطينية عموما لم تبدأ منذ السابع من تشرين الأول بل هي امتداد للاحتلال الإسرائيلي الغاشم للأرض العربية عام 1948، بل إن هناك بعض التقارير التي تتحدث عن زيادة الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام أخيرا.
وقال، إن التكنولوجيا الرقمية زادت من سرعة انتشار الصور والفيديوهات، وأصبحت صوتًا لمن لا صوت لهم، وكسرت احتكار الإعلام الغربي للبث والنشر، وأظهرت للعالم مظلومية الشعب العربي الفلسطيني، وعدالة قضيته رغم محاربة وتقييد الـمحتوى المؤيد للقضية الفلسطينية.
نائب عميد كلية الإعلام في جامعة اليرموك الدكتورة ناهدة مخادمة، أوضحت أن الصور الصحفية لها قوة هائلة في نقل الوقائع وإيصال الصورة الحقيقية أثناء الأزمات، كونها تشكل جزءا أساسيا في توثيق الأحداث والصراعات، وهذا ما نراه الآن في غزة، فالصور والفيديوهات التي نُشِرت خلال أحداث “طوفان الأقصى” كان لها تأثير هائل على الرأي العام العربي والعالمي.
وأشارت الى أن الصور والفيديوهات أشعلت شرارة الغضب والاستنكار الدولي لما حدث، وطالب المشاركون في المسيرات والاحتجاجات العالمية بتدخل دولي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، مؤكدة أن الصور والفيديوهات غالباً ما تكون أكثر قوة من الكلمة المحكية أو المكتوبة ما يجعلها أداة فعّالة في تشكيل الرأي العام وتحفيز العمل والتحرك لدعم الضحايا والسعي نحو السلام والعدالة.
واعتبرت مخادمة (تيكتوك وانستغرام) هما أكثر منصتين تحتويان على الفيديوهات والصور بشكل أكبر من منصات إخبارية أخرى، ما يدل على أن حجم المنشورات الداعمة لفلسطين هي الأكثر تأثيراً، وهو ما أكدته نتائج دراسة لمنصة (مكانة 360 ) أعدتها للفترة ما بين 7 تشرين الأول و13 تشرين الثاني الحالي بعد تحليلها لحوالي 771 مليون منشور على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية.
رئيس الجمعية الأردنية للتصوير المهندس وائل حجازين، قال “في حرب الإبادة لشعبنا وأهلنا في غزة هاشم أدرك العالم ثبت أن للصورة تأثيرا رهيبا حيث غيرت من قناعات شعوب العالم اجمع فغدت متضامنة مع الحق الفلسطيني، مشيرا الى آلاف الصور التي تبث يوميا على كافة منصات الإعلام والتي تظهر بطش هذا العدو، وهنا لا بد من وقفة احترام لجميع المصورين والإعلاميين الذين ينقلون لنا الصورة الصادقة من وسط المعركة.
وأشار حجازين إلى أن الصورة لا تكذب أبدا، فهي توثق اللحظة وتنقل الحدث من كل الزوايا بواقعية وبعين العدسة لتصبح الكاميرا لاعبا مهما في نقل الحقيقة بحيادية تامة ودون رتوش فالصورة لا تكذب أبدا، ويمكن كشف ألاعيب تزويرها ببساطة، مؤكدا أن الصورة غيرت وجه العالم منذ اختراع هذه الآلة السحرية، وقربت وجهات نظر الشعوب وتضامنها في السلم والحرب.
رئيس قسم التصوير في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أحمد عبدة، قال إن للصورة أهمية كبيرة في التأثير على المشاهدين، فصورة واحدة كفيلة بتحريك الرأي العام في العالم كله، ولا زلنا نذكر صورة الطفل ايلان الكردي ابن الثلاث سنوات الغريق وهو ممدد على شاطئ بودروم التركية التي كانت سببا بتغيير سياسات اللجوء في كثير من الدول.
وأضاف، مع الحرب في غزة نرى كما هائلا من الصور المؤثرة التي لا يستطيع احد إنكارها وحجم المأساة التي آلمت الفلسطينيين في غزة، ولا نستطيع أن نمر على هذه الصور مرور الكرام، فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يرى مثل هذه المشاهد القاسية لقتل الأطفال وتدمير المنازل والأحياء ويقف ساكنا، وهذا كله ساهم بنقل الصورة الحقيقية لمجريات الحرب في غزة ما أدى لتحول كبير في الرأي العام سواء على الصعيد الرسمي أو الصعيد الشعبي.
وأشار عبدة إلى أن 90 بالمئة من المحتوى الرقمي عبارة عن كم هائل من الصور بشقيها الفيديو والفوتوغراف، والتي يتم تتناقلها بين المستخدمين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لما للصورة من تعبير كبير وتأثير على الجمهور لذا من الطبيعي ان يتفاعل الشارع في مختلف أنحاء العالم مع صور المشاهد المؤلمة التي يبثها الإعلام الرقمي عن غزة وهو ما نشاهده بردة الفعل في المسيرات في مختلف العواصم العالمية للمطالبة بوقف الحرب وإنهاء هذه الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة.
أستاذ الإعلام في جامعة الشرق الأوسط الدكتور صدام المشاقبة، قال، “ما زال التلفاز يحافظ على مكانته كوسيلة إعلامية هامة، كونه يمتلك تأثيرا كبيرا خاصة في أوقات الحروب والأزمات، مؤكدا أن التغطية الإعلامية المهنية تصب بالضرورة لصالح الحقيقة.