صفقة بايدن ام صفعة بايدن ؟…. إنحياز لإسرائيل… و إنكار لحق الشعب الفلسطيني بالإستقلال ؟
د فوزي علي السمهوري
2 / 2
بادئ ذي بدء ما تضمنته بنود ومبادئ صفقة بايدن المنشورة في مقال فريدمان لا تستقيم مع أهداف ومعايير دولية لاي مبادرة او إقتراحات تهدف لحل عادل لاي صراع او نزاع فمن البديهي ان تستند إلى مبدأ الحق والعدل بعيدا عن حق القوة سواء السياسية او العسكرية او غيرها وتوجب على الدولة صاحبة المشروع أن تقف موقفا إيجابيا ومحايدا دون أي إنحياز إذا ما ارادت لمبادرتها القبول وليس الإملاء .
صفقة بايدن لمصلحة من؟ :
في إستعراض لعناصر وبنود مشروع الصفقة نخلص إلى إستنتاج لا يحتاج إلى عناء للوصول إلى الطرف صاحب المصلحة والتي تحقق له مكاسب .
فكما وردت فالجهة الوحيدة صاحبة المصلحة تتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإستعماري الإسرائيلي الممعن دون خوف من المساءلة والعقاب على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني والتي تصنف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وذلك بحماية ودعم أمريكي أعمى لصنيعته ” إسرائيل ” .
وللتدليل على ذلك استعرض ما تضمنته الصفقة بل الصفعة التي يعتقد بايدن واهما انها تغير الشرق الأوسط بينما هي بالطبع تعود لترسيخ مصالح أمريكا واداتها ” إسرائيل ” من خلال فرض إدماجها بالوطن العربي من موقع القائد والقوة .
من المفيد ان اذكر ان مقال فريدمان وما يتضمنه جاء بعد أيام من لقاءه مع الرئيس الأمريكي بايدن ومن هنا تكمن أهميته .
الإطار العام للصفقة :
للصفقة إطار عام تمثل ويتمثل في ” أن الرئيس يتردد في ما إذا كان بايدن سيواصل السعي للتوصل إلى إتفاق أمني مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية يتضمن تطبيع السعودية للعلاقات مع إسرائيل شرط أن تقدم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين تحافظ على إمكانية التوصل إلى حل الدولتين .
ويضيف الكاتب توماس فريدمان ان الرئيس بايدن أعطى الضوء الأخضر لفريقه جس نبض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمعرفة ما إذا كان صفقة ما ممكنة والثمن المحتمل ” .
إذن نرى ان الهدف الأساس لصفقة بايدن يتمثل في :
* إدماج الكيان الإستعماري الإسرائيلي في الوطن العربي من خلال الضغط على الدول المستهدفة لإرغامها ترغيبا وتهديدا لتوقيع إتفاقيات مع العدو الإسرائيلي دون إنهاء إحتلاله الإرهابي الإحلالي لاراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وللجولان خلافا للقرارات الدولية وللمبادرة العربية الصادرة عن قمة بيروت عام 2002 .
* ربط المنطقة بإتفاقيات أمنية ترسيخا لهيمنتها ونفوذها موظفة إياها لخدمة مصالحها والتنصل من إلتزاماتها إذا ما تناقض مع مصالحها .
تحتل السعودية راس القائمة المستهدفة نظرا لما تحتله من مكانة ودور ريادي مركزي إستراتيجي سياسيا وإقتصاديا عربيا وإسلاميا ودعمها الإستراتيجي للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة على حدود 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف .
من تفاصيل الصفقة :
تتضمن الصفقة إستعراض مطالب للاطراف المعنية بالصفقة :
أولا : مطالب أمريكية من السعودية .
ثانيا : مطالب من السعودية لأمريكا .
ثالثا : مطالب من الكيان الإسرائيلي .
رابعا : مطالب من الفلسطينيين .
المطالب الأمريكية من السعودية :
تتلخص المطالب الأمريكية بالتالي :
* إنهاء القتال في اليمن وهذا هدف عملت السعودية على إنجازه بشكل مستقل ولكن يأتي هذا الطلب في محاولة من الإدارة الامريكية لتسجيل إنجاز في احد ملفات السياسة الخارجية مع قرب الإنتخابات الأمريكية الرئاسية وفشلها في اي إنجاز على صعيد السياسة الخارجية يمكن لها تقديمه في الحملة الإنتخابية القادمة .
* تقديم حزمة مساعدات غير مسبوقة للمؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وهذا الطلب المالي الإقتصادي المتجاهل لسجل السعودية تاريخيا بدعم نضال الشعب الفلسطيني سياسيا وإقتصاديا يهدف لحرف بوصلة الصراع الفلسطيني مع الكيان الإستعماري الإسرائيلي وحلفاءه من بعده السياسي الوطني لشعب يناضل من أجل الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس إلى بعد إنساني معيشي وللتنصل من الإضطلاع بواجباتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن بوجوب إتخاذ الإجراءات اللازمة للضغط على سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لإنهاء إحتلاله لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وفق جدول زمني قصير المدة تنفيذا للقرارات الدولية وإلتزاما بمبادئ وميثاق واهداف الأمم المتحدة .
اما الطلبات التي تشكل بيت القصيد والهدف الرئيس من إطلاق الصفقة يتمثل في :
* الطلب من السعودية وضع قيود كبيرة على التوسع في العلاقات بين السعودية والصين ” تقليص تعاملاتها مع شركات التكنولوجيا مثل هواوي على سبيل المثال ” وهذا إضافة لكونه يأتي في ظل الخلافات التنافس القائم بين أمريكا والصين للحد من توسعها في عديد من الأسواق العربية وللضغط على القيادة السعودية للتوقف عن سياسة التوازن التي ينتهجها الأمير محمد بن سلمان في العلاقات مع أمريكا والصين .
* حث السعودية لعدم السير والنظر في قبول الرنمينبي الصيني لتسعير بعض مبيعات النفط وهذا الطلب يأتي حماية للدولار الذي يعكس بقوته قوة الإقتصاد الأمريكي وتوجيهه إلى حد كبير خدمة للمصلحة الأمريكية ونفوذها عالميا .
المطالب السعودية من أمريكا :
للمملكة العربية السعودية مطالب تعزز أمنها ومنعتها وكما وردت في المقال :
* إبرام معاهدة أمنية متبادلة على مستوى الناتو تلزم أمريكا بالدفاع عن المملكة في حال تعرضت للهجوم .
* إنشاء برنامج نووي لاغراض وغايات سلمية تحت رقابة أمريكية .
* القدرة على شراء أسلحة أمريكية حديثة متطورة وهذا يستدعي أيضا ضرورة اخذ الضمانات لعدم تفريغ الطائرات وباقي انواع الأسلحة من المعدات والاجهزة الأحدث والأكثر تطورا حفاظا على تفوق ” إسرائيل ” .
* التأكيد على الموقف السعودي بإنهاء الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة الذي يمثل السبيل الوحيد أمام تطبيع العلاقات مع إسرائيل يمثل أولوية .
الموقف السعودي من القضية الفلسطينية راسخ ولن يتساوق مع المطالب الأمريكية الإكتفاء بموقف او إعلان او وعد إسرائيلي بالحفاظ على إمكانية حل الدولتين او الشروع بمفاوضات فالمطلوب تنفيذ القرارات الدولية وفق جدول زمني فهذه المسرحية الأمريكية لم ولن تنطلي على القيادة السعودية ولن يغير من موقفها الثابت في دعم حق فلسطين بالحرية والإستقلال .
فالتجارب اثبتت للدول العربية والإسلامية والصديقة واحرار العالم ان الثقة في الكيان الإستعماري الإسرائيلي مفقودة وغائبة عمليا فالتوقيع على إتفاق اوسلو ووادي عربة لم يمنع من إنقلاب سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي العنصري على إلتزاماتها والتنصل من تنفيذ إلإستحقاقات المترتبة عليها وفق الإتفاقية والمعاهدة إضافة إلى عدم إلتزامها التي قطعتها لدولة الإمارات وللبحرين وللمغرب بوقف الإستيطان ووقف ضم الأراضي الفلسطينية ووقف الجرائم والإنتهاكات المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومن جانب آخر عدم تنفيذ إلتزاماتها بموجب إجتماع العقبة وشرم الشيخ اللذان عقدا برعاية أمريكية منذ اللحظات الأولى لتوقيعه وهذا دليل على عدم الثقة بوعود كلامية لغلاة التطرف والإرهاب الإسرائيلي العنصري .
المطالب من فلسطين :
المصادقة على إتفاق ” السلام ” السعودي الإسرائيلي… وهذا المطلب يأتي للإلتفاف على الموقف السعودي والعربي الإلتزام بتنفيذ المبادرة العربية بإنهاء الإحتلال للأراضي المحتلة إثر عدوان حزيران ٦٧ متبوعا بالتطبيع تحت عنوان موافقة القيادة الفلسطينية ومباركتها للإتفاق دون نيل الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتحميله مستقبلا المسؤولية لإستدامة الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي .
المطالب من إسرائيل :
لا مطالب محددة بينما الأصل ان تتضمن مشروع الصفقة مطالبة المستعمر الإسرائيلي بضرورة البدء بتنفيذ إتفاق اوسلو كخطوة على تنفيذ باقي قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وآخرها قرار رقم 2334 وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة وعلى رأسها قرار رقم 273 وفق جدول زمني محدد بتبع تنفيذه الكامل تطبيع العلاقات مع قاعدة قوى الإستعمار الدولي ممثلة بالكيان الإسرائيلي العنصري .
اما توماس فريدمان فقد أشار إلى أنه يمكن للسعوديين والامريكيين ” وينبغي عليهم” ان يطالبوا اربع مطالب من نتنياهو مقابل التطبيع والتجارة مع اهم دولة عربية وإسلامية َ
المطالب الاربع التي إقترحها فريدمان خلت من العنوان الأساس والحق الطبيعي للشعوب بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود 4 حزيران .
هكذا نخلص إلى أن صفقة بايدن ما هي إلا صفعة بايدن لإنحيازها الأعمى للكيان الإسرائيلي المصطنع ولإنكارها بحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
و بايدن لا يتطلع من طرح صفقته وصفعته في هذا الوقت إلا محاولة لتسجيل إنجاز سياسي خارجي يخدم إسرائيل خدمة لمصالحه الإنتخابية ومن أجل ضمان هيمنته على الدول العربية عامة قبيل إنتهاء الحرب الأوكرانية وما سيتمخض عن نتائجها من نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب….
القيادة الفلسطينية مدعومة من جماهير الشعب الفلسطيني اجهضت صفقة القرن سابقا وستجهض بصمودها وإيمانها بحقها التاريخي في وطنها وفي ظل إطار وتحرك جمعي عربي مشترك نواته الأردن والسعودية ومصر وفلسطين ستجهض اي مؤامرة تهدف تصفية قضيتها الوطنية ترجمة للشعار العربي “القضية الفلسطينية قضية مركزية” …. الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي ماض في نضاله بكافة الوسائل المتاحة والمكفولة دوليا حتى النصر والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله تعالى…. ؟!
صفقة بايدن ام صفعة بايدن ؟…. إنحياز لإسرائيل… و إنكار لحق الشعب الفلسطيني بالإستقلال ؟ د فوزي علي السمهوري 2 / 2
18