ما أن يمر شهر أو أقل أو أكثر قليلا حتى تخرج التصريحات الأميركية لتتبعها أو تسبقها تصريحات بريطانية وفرنسية وألمانية وأحيانا كندية وأسترالية “أن الولايات المتحدة الأميركية (أو أي من الدول الحليفة) ملتزمة بأمن إسرائيل”، وبعد كل عملية اعتداء وهجوم وحشي يقوم به الجيش الإسرائيلي أو الشرطة أو المستوطنون على بلدة أو قرية أو مستشفى أو مدرسة فلسطينية أو مخيم للاجئين الفلسطينيين حتى تنطلق الأسطوانة من جديد “ملتزمون بأمن إسرائيل”. وما أن يخرج شاب أو مجموعة من الشباب الفلسطينيين للرد على جريمة إسرائيلية بقتل الأبرياء أو تدمير المنازل أو انتهاك حرمة الأماكن المقدسة حتى تنطلق المقولة الالتزام بأمن إسرائيل ويضيفون “حق إسرائيل في الدفاع عن أمنها ومواطنيها”..
يقول الكلتب! المنطقة بين مجموعة من الدول المفككة الضعيفة. ولذا تعمل إسرائيل وبدعم أميركي كامل على تفكيك المحيط العربي حتى تتحرك إسرائيل كما تشاء ومتى تشاء.
والسؤال ألا يرى قادة السياسة والدبلوماسية العربية أن هذا الالتزام المطلق أو الالتزام الأعمى أو الالتزام المفتوح فيه تهديد لأمن الدول العربية كل واحدة بذاتها؟
لقد آن الأوان لأن تتحرك الأقطار العربية منفردة ومجتمعة وخاصة الدول المحيطة بإسرائيل والقريبة منها أن تطالب الإدارة الأميركية وحلفاءها بوضع حدود واضحة وسقوف محددة للأمن الإسرائيلي من المنظور الخارجي بما فيه الأراضي الفلسطينية المحتلة. بمعنى أن تتوقف إسرائيل عن النظر إلى قوة مصر الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية كتهديد للأمن الإسرائيلي، وألا تكون قوة الأردن كذلك. أم أن احتلال العراق وتدمير سورية وتفكيك لبنان ونسف ميناء بيروت وإضعاف الأردن وتحييد مصر وإضعافها يمثل ذلك التزاما وضمانا للأمن الإسرائيلي الذي تسعى الدول الغربية للمحافظة عليه.
لقد آن الأوان أن تفكر الدول العربية المحيطة بإسرائيل بموضوعة الأمن العربي أو الأمن الوطني، وتخرج كل منها من الرؤية الضيقة. فالأمن الإسرائيلي ما هو إلا غطاء سياسي للأطماع التوسعية وتفاصيله من منظور مستقبلي أخطر من ذلك بكثير