عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
كما الخبير في سلاح الهندسة يفكك الرئيس محمود عباس الرواية الاسرائيلية الصهيونية حول فلسطين ، ويلفت الانتباه بالشك اليها ويوهنها حين قدم باقتدار ودراية الرواية الفلسطينية من خلال خبرته التاريخية ولغة الجسد الفاعلة، وقدرته على السرد والشرح واستعمال التعبيرات الفلسطينية “حفي لسانا” و “رضينا بالهّم والهمّ ما رضي فينا” وغيرها..
لقد استطاع الرئيس عباس ان يحدث اختراقات واسعة في الرواية التي قامت عليها اسرائيل وان يسحب بساطها ويظهر الرواية عارية مفتقرة الى المصداقية والمنطق..
منذ توليد الدولة الفلسطينية كمراقب في الامم المتحدة عام 2011 والرئيس عباس يعمل ليل نهار لكسب الرأي العام العالمي ودول العالم في الامم المتحدة، واستطاع ان يسجل فلسطين كدولة مراقب، ولم يتوقف عن نضاله في هذا المجال لتكون فلسطين كاملة العضوية.. وقد احتفت الامم المتحدة برفع علم فلسطين امامها واستطاع الرئيس عباس بكلمته الجريئة والموضوعية الان في الامم المتحدة ان يؤسس لمفهوم الردع السياسي على جبهة ظل يعمل عليها ويتخصص بها..
لقد كان الرئيس عباس احد ابرز واشهر الرواة الفلسطينيين لما حدث لشعبه، وكان المؤرخ الافضل للنكبة حين صاغ خطابه من آلامها واشهد العالم على ما يواجهه الشعب الفلسطيني من مآسي وويلات بسبب انكار حقوقه ومصادرتها، ومنعه من حق تقرير مصيره، واستطاع الرئيس امام العالم ان يبين ان فلسطين كانت ارضا لشعب يعيش فيها ويشكل 96% من سكانها، وانها ظلت مأهولة بهذا الشعب منذ الاف السنين منذ “الكنعانيين”، كما بين ما فعله الاستعمار الامبريالي البريطاني في فلسطين باصدار وعد بلفور وبفرض الانتداب القاسي على فلسطين والجرائم التي ارتكبت في زمنه، وهي لا تقل عما يرتكب الان في زمن الاحتلال الاسرائيلي، كما ادان عباس السياسة الامريكية وورطتها في وعد بلفور وفي دعم اسرائيل وروايتها والدفاع عنها والانحياز الظالم والاعمى لها..
الرئيس عباس يدشن بخطابه الاخير معركة الردع السياسي بعد ان وفرت له مقاومة شعبية في الضفة وغزة ردعا امنيا وعسكريا اذهل اسرائيل وافقدها القدرة على مواصلة سياساتها، فالردع الاسرائيلي منذ اربع حروب على غزة يتآكل في حين ينمو الردع الفلسطيني باشكال مختلفة كافية ان تجعل اسرائيل تعاود التفكير والتوقف عن عدوانها المتواصل..
نعم يكسب الرئيس عباس معركة الردع السياسي التي دشنها وبنى خطواتها، وها هو يرفع مداميكها ليسقط الرواية الاسرائيلية بعد ان وجه لها ضربات قوية منذ عقد من الزمان ومن خلال الامم المتحدة ومنابرها وشبكة العلاقات الدولية.
لأول مرة تتعرى اسرائيل وتظهر على حقيقتها العدوانية وتسقط التعبيرات والكليشيهات الجاهزة عن ديمقراطيتها وتميزها، وتفقد اعصابها حين يبدأ دبلوماسيها بالاتصال بسفراء الدول والطلب منهم عدم حضور احتفالية الامم المتحدة التي يتحدث فيها الرئيس عباس، حيث لم يستجب لدعواتها الكثيرون رغم انشغال نتنياهو بذلك..
خط الرئيس عباس صاعدا ومثمرا فقد وضع فلسطين الرواية الحقيقية امام العالم واشهده على فساد الرواية الاسرائيلية وبطلانها وكذبها، وحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته ودعاه لتحملها، وتوقف عن الانحياز.
الرئيس عباس وضع النقاط على الحروف واستعمل خطابا عميق الدلالة واضحا سهلا امام العالم .
خطاب الرئيس كما احسست كان اشد فتكا بالادعاءات الاسرائيلية من الصواريخ فهو يهدم المعبد الكاذب ويعيد بناء رواية انتظرها العالم طويلا لتصل اليه وسط عقبات وضعتها الولايات المتحدة وبريطانيا ودول حليفة لاسرائيل والصهيونية..
المطلوب اليوم اعتماد الرواية الفلسطينية والكره الان في الملعب الفلسطيني وبين يدي المؤرخين والرواة المثقفين وايضا العرب الذين يسحبهم الضبع الاسرائيلي الى مغارته باسم التطبيع!!
الرئيس عباس ومعركة الردع السياسي..
13
المقالة السابقة