بغض النظر عن التفاصيل وما حدث في نابلس وما قد يحدث في جنين أو الخليل أو أي من محافظات الوطن، علينا أن ندرك بأن المخطط الإسرائيلي منذ نشأت السلطة الوطنية الفلسطينية، يتمثل في إجهاض أهداف الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والذي يمثل الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني؛ لذلك فإن الجانب الإسرائيلي تعمد على إفشال تحقيق هذه الأهداف المنشودة، من خلال الاستيطان والقتل المتعمد اليومي ومصادرة الأراضي ونسف البيوت وعمليات المداهمات والاعتقالات، والتي لا تتوقف وتستهدف الشعب الفلسطيني من مختلف الأعمار بما في ذلك الأطفال والنساء والشيوخ.
ولقد شكل الإعلام الإسرائيلي أبرز الوسائل في زرع الفتنة الداخلية معتمد على وسائل مختلفة، حيث يبرز التعاون الأمني بين السلطة والاحتلال ليتم توظيف ذلك في إطار الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني، ومن جانب آخر يتم توجيه الاتهام إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن في مختلف تحركاتها السياسية وخطابه واللقاءات الثنائية مع زعماء العالم، وكما حدث خلال زياراته إلى ألمانيا الاتحادية حين قال:”إن الشعب الفلسطيني تعرض خمسون هولوكوست منذ النكبة 1948 حتى الآن”، وتعرض قبل ذلك إلى حمله إعلامية حين رفض صفقة القرن، واليوم فإن الرئيس أبو مازن الذي وصل إلى نيويورك؛ للمشاركة في إجتماع الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة وهو يستعد لمخاطبة دول وشعوب العالم حول إستمرار الإحتلال الإسرائيلي الاستيطاني العنصري، منذ نكبة 1948 وحتى اليوم الحاضر وهو لن يستعرض جرائم الإحتلال الإسرائيلي فحسب بل يريد أن يحمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المسؤولية الكاملة حول الخطوات والإجراءات التي سوف تلجأ إليه منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مرور عام على خاطبة العام الماضي
أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
إنطلاقاً من ذلك فإن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس وفي نابلس بشكل خاص، حيث وقوع الأحداث الأخيرة المؤسفة لم تأتي بالصدفة بل في إطار الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني ومن المؤسف أن يشارك البعض في تمرير الفتنة سواء بقصد أو عن غير قصد، ومع ذلك هناك العديد من وسائل الإعلام والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي تخدم الأهداف الإسرائيلية والتي تعلن عنها سلطات الإحتلال منع إقامة الدولة الفلسطينية من خلال قانون يهودية الدولة في الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى إعتبار الضفة الغربية(يهودا وسامرا) وسبق ذلك ضم القدس عام1980 من قبل الكنيست، وتأتي صفقة القرن من خلال الرئيس ترامب وفريقه بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس تحت مسمى القدس الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني، والقضية الفلسطينية تمر بمنعطف خطير جدا بكل معنى الكلمة يستهدف تصفيت القضية الفلسطينية، والخطوة الأولى تبدأ من خلال تمرير الفتنة الداخلية بعد نجاح تمرير الأنقسام الفلسطيني من خلال حدوث الانقلاب الدموي لحركة حماس في قطاع غزة 2007.
لسنا بصدد الحديث عن الانقلاب
والانقسام الفلسطيني ونحن أمام محطة جديدة في إطار مبادرة الجزائر الشقيق ومساعيها في إنهاء الانقسام الفلسطيني، والذي قد يشكل الخروج من حالة الانقسام والفصل الجغرافي بين شطري الوطن، والذي يستدعي في هذا الوقت بذل الجهود الرامية لتحقيق الحد الأدنى من التوافق الوطني للمواجهة التحديات الإسرائيلية والأمريكية المشتركة الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال الحلول الاقتصادية وتحسين شروط العيش تحت الإحتلال الإسرائيلي، وقد يكون المخرج في أفضل حال لدى الإحتلال هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة مقابل السماح بفتح المعابر وإعادة الأعمار وتوسيع رقعة الصيد البحري. وممرر مائي.
وفي الضفة الفلسطينية تمرير الفتنة واستهداف السلطة الفلسطينية ومؤسساتها واستبدال ذلك في المجالس المحلية البلدية والقروية معتمدين على تغذية الصراع بين العشائر والعائلات الفلسطينية، والجميع تحت سيطرة الحكام الاداريين بديل عن الحاكم العسكري؛ لذلك علينا جميعا الفصائل الفلسطينية والشخصيات المستقلة تحمل المسؤولية الوطنية في مواجهة المشروع الإسرائيلي في الفتنة الداخلية ويتتطلب ذلك وقف الحملات الإعلامية من مختلف الاتجاهات التي تؤدي المزيد من الفتنة، حيث يتم توظيفها من قبل الإعلام الإسرائيلي بدرجة الأولى، ونختم ونقول: اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
عمران الخطيب
Omranalkhateeb4@gmail.com