السؤال الاساسي الذي يطرح بعد القمة الاميركية – السعودية هو: هل يؤدي تأكيد عمق المصالح التاريخية الاستراتيجية بين البلدين الى انهاء الاختلافات التكتيكية المتزايدة بينهما، حول الملفات الملتهبة في المنطقة والتي تتصل بايران وسوريا وفلسطين والارهاب؟
في الاساس لم يكن اوباما ليستقل طائرته الى الرياض لو لم يكن على اقتناع بوجاهة الشكوى السعودية وخطورتها من السياسات الاميركية الأخيرة، التي بدت متناقضة تماماً مع القواعد التي يفرضها “التوافق الاستراتيجي العميق والتاريخي بين البلدين والذي يعود الى ثمانية عقود”، كما أشار بيان البيت الأبيض بعد انتهاء القمة، ولكن من المفيد التوقف عند قول مسؤول في الأمن القومي الاميركي “اننا نعمل معاً بشكل جيد وتعاوننا يزداد ويسير بشكل أفضل، لكن لا شيء كاللقاء وجهاً لوجه، لذا كان المجيء الى السعودية أولوية عند الرئيس اوباما والملك أظهر لطفه”.
عندما يؤكّد أوباما لخادم الحرمين الشريفين انه لن يذهب الى اتفاق نووي سيىء مع ايران، فذلك يعني انه يقرّ ضمناً بأن السوء قد وقع منذ انخرطت ادارته في مفاوضات سرّية مع الايرانيين ولمدة ثلاثة أعوام من وراء ظهر حلفائها الخليجيين وفي مقدمهم السعودية، ولعل ما زاد من وطأة هذا السوء ان واشنطن كانت تعرف بالتأكيد تفاصيل التدخلات الايرانية السلبية في المنطقة، ولهذا حرص أوباما على التوضيح “ان العمل على اتفاق نووي مع طهران لن يعني عدم الاهتمام بدور ايران المزعزع لاستقرار المنطقة”.
لكن العبرة تبقى في التزام المتطلبات العملية لهذا الكلام وفي ضبط السياسات الاميركية على قواعد ردع محاولات زعزعة المنطقة، فليس كافياً ان يقول مساعد مستشارة الأمن القومي: “بصراحة تقلقنا تصرفات ايران في المنطقة مثل دعمها للأسد وحزب الله وزعزعة الاستقرار في اليمن والخليج وهذه مخاوف ثابتة… ان المحادثات النووية لها القدرة على حلّ تهديد الاستقرار الاقليمي، ونحن سنواصل الضغط في جميع القضايا الأخرى”!
المسؤولون الاميركيون أكّدوا لوكالة “اسوشيتد برس” ان اوباما حرص على اظهار الاحترام الشخصي حيال قلق الملك عبدالله ومآخذه على السياسة الاميركية، بازاء الأزمة السورية والمحادثات النووية مع ايران، ولهذا كانت مناقشات صريحة وفي العمق حول خلافاتهما، التي يبدو انها لم تنته كلياً رغم حرص اوباما على ايضاح وجهة نظره شخصياً بشأنها من منطلق الحرص على “العمل معاً لمعالجة عدد من القضايا الحرجة الثنائية والاقليمية”.
ان النقاش حول الازمة السورية والاعلان عن مساعدة المعارضة المعتدلة، يطرح سؤالاً صعباً حول تعريف الاعتدال وسط المذبحة المفتوحة، وخصوصاً ان ليس في وسع الادارة الاميركية ان تنكر ان تقصيرها في معالجة الأزمة، ساهم في ظهور التطرف والارهاب اللذين تتفق الرياض وواشنطن على التصدي لهما.
rajeh.khoury@annahar.com.lb