عروبة الإخباري – بقلم: د. سامر أبو رمان
أثار إغلاق السلطات الأردنية لفروع جمعية المحافظة على القرآن الكريم، والتي تعتبر بين أكبر الجمعيات القرآنية في العالم العربي، وما يزال قدراً كبيراً من التساؤل حول أسباب القرار وتداعياته اللاحقة، وكذلك حول حرية الجمعيات الخيرية خاصة ومنظمات المجتمع المدني عامة في العمل دون تغول حكومي حتى لو حدثت انفراجه في هذا الإطار خلال الايام الماضية.
والحقيقة أن مسيرة الجمعية تظهر أنها قد حظيت بثقة المجتمع الأردني بدرجة كبيرة، وليس أدل على ذلك من أنها توسعت لتضم 42 فرعا، و1500 مركزا، موزعة على محافظات الأردن، وخرّجت أكثر من ثمانية آلاف حافظ للقرآن، وأكثر من 15 ألف مجاز بالتلاوة، وأصدرت أكثر من 200 كتاب أكثرها في علوم القرآن، وليس ذلك فحسب، بل إن لها شركاء متنوعين ودوليين مثل مشروع الشفيع في الكويت وعادة ما ترعى احتفالاتها شخصيات رسمية وشعبية رفيعة المستوى.
ويؤكد هذا القرار الى حد بعيد ما ذهب إليه تقرير مؤشر بيئة العمل الخيري العالمي 2022 GLOBAL PHILANTHROPY ENVIRONMENT INDEX حين وصف الحكومة الأردنية بأنها “سلطوية”، وكان أن منحت الأردن تقييماً نهائياً بـ 3.54 نقاط لبيئة العمل الخيري، كما يتفق مع الدرجات الواردة في التقرير المحلي للمؤشرات الفرعية، إذ رغم أن مؤشر ” مدى كون المنظمات الخيرية حرة في العمل دون تدخل حكومي مفرط” قد نال 4 نقاط، إلا أن مؤشر “السلطة التقديرية للحكومة في إغلاق المنظمات الخيرية” قد نال درجة لم تتجاوز نقطتين.
وتفسر هذه الدرجة المنخفضة بأن المادة 20 من قانون الجمعيات تنص على أن الجمعية الخيرية تكون منحلة إذا توقفت عن أداء عملها أو إذا فشلت في تعديل وضعها وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة 28 من القانون، كما يحق لمجلس سجل الجمعيات حل إحداها بناءً على توصية الوزارة المختصة في أي من الحالات التالية: إذا تعذر انتخاب هيئة إدارية للجمعية وفق أحكام نظامها الداخلي بعد تعيين مجلس مؤقت، أو إذا كانت الجمعية تحتفظ أو تستخدم تبرعاً أو تمويلاً من طرف ثالث دون موافقة مسبقة، أو إذا ارتكبت الجمعية للمرة الثانية مخالفة سبق أن حذرت بشأنها، بأن تخالف الجمعية أياً من أحكام قانون الجمعيات أو الأنظمة الصادرة بموجبه، أو مخالفة أحكام نظامها الأساسي وعدم إزالة أسباب المخالفة خلال شهرين من تاريخ إخطارها كتابياً بتلك المخالفة؛ أو إذا وافق ثلثا أعضاء الهيئة العامة على الحل في اجتماع غير عادي وفقاً للنظام الداخلي.، ويتم إخطار الجمعية بقرار الحل على العنوان المعتمد المبين في شهادة التسجيل باليد أو بإيداعه في العنوان البريدي المسجل، ويعتبر هذا الإيداع إشعاراً قانونياً بعد 30 يوماً من تاريخ الإيداع. يمكن استئناف قرارات الحل غير الطوعي أمام محكمة العدل العليا.
وتعقيباً ما ورد في هذه النصوص، فإنه ليس من الحكمة استمرار تغول وزارة الأوقاف على الجمعية بحجج إدارية وتنظيمية واهية، ما دام القانون يتيح لها تسوية أي أوضاع غير مقبولة، وفي ذات الوقت، فإن هذا التغول يدفع المرء الى الاعتقاد بوجود استهداف مقصود للجمعية، في ظل منظومة الفساد في الأردن التي بقيت على حالها في الوقت الذي لم تسجل فيه على جمعية المحافظة على القرآن الكريم قضية فساد واحدة تستدعي هذا الحماس من الوزير باغلاق هذا العدد الكبير من المراكز!