عروبة الاخباري – يستمر الغموض حول طريقة غرق السفينة الروسية الضخمة الطراد “موسكفا” بين رواية موسكو بتعرضها لانفجار داخلي والرواية الأوكرانية بضربها بصاروخين في البحر الأسود. ووسط هذا التضارب تبقى أكبر خسارة لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية بل وأكبر سفينة تشهد هذا المصير منذ تلك الحرب.
النسخة ألأوكرانية من صواريخ “نيبتون” متطورة للغاية، كما يبدو أن البحرية الروسية لم تكن تنتظر هذه المفاجأة
واعترفت موسكو في بيان لها الأربعاء من الأسبوع الجاري بغرق السفينة خلال جرها الى الميناء، وقدمت رواية وقوع انفجار داخلي في الذخيرة التي كانت على متنها. وعمليا، تقع مثل هذه الحوادث، ولهذا تحرص المناورات العسكرية على إيلاء أهمية كبرى لتخزين الذخيرة وصيانتها تفاديا لوقوع انفجار، لأن الانفجارات عادة ما تكون مميتة.
وفي المقابل، تقدم أوكرانيا رواية مختلفة وهي استهداف هذه السفينة العسكرية الضخمة التي طولها 189 مترا بصاروخين من نوع “نيبتون”، الذي يعتبر نسخة مصنعة من صاروخ Kh-35 من الحقبة السوفياتية مع بعض التعديلات التي أدخلت عليه.
وعلى الرغم من توفر المضادات للصواريخ على متن السفينة، إلا أن النسخة الأوكرانية من الصاروخ تبدو متطورة للغاية، أو أن البحرية الروسية كانت لديها ثقة كبيرة ولم تكن تنتظر هذه المفاجأة.
وبغض النظر عن صحة أي من الروايتين، الأولى أو الثانية، يعد فقدان سفينة موسكفا أكبر خسارة عسكرية لروسيا في الوقت الراهن بحكم أن هذه السفينة كانت تسيطر على مياه البحر الأسود، وكانت السفينة التي تقود باقي القطع البحرية العسكرية في هذه المنطقة. كما كانت تجوب بحار المتوسط والمحيط الهندي. و تتوفر على ترسانة حربية كبيرة مكونة من 16 من الصواريخ المجنحة الأساسية في حرب أوكرانيا ثم 40 من الصواريخ أرض-جو المضادة للطيران.
حوادث غرق السفن البحرية الضخمة نادرة للغاية، والخبراء حذروا من صعوبة الحفاظ عليها بالقرب من شواطئ العدو
وتعود هذه السفينة الى الحقبة السوفياتية، لأن روسيا لا تصنع في الوقت الراهن سفنا حربية ضخمة، وكانت قد صنعت منها ثلاثاً من أصل تسعة كانت مبرمجة. وقد تضطر الى شراء سفن حربية كبيرة من دول ثالثة. وكانت قد اشترت من فرنسا سفينتين من نوع ميسترال، إلا أن احتجاج لندن وواشنطن دفع بباريس الى تجميد الصفقة سنة 2014 بسبب أزمة شبه جزيرة القرم بين روسيا وأوكرانيا، واشترت مصر سفينتي “ميسترال” سنة 2015 بتمويل مساعد من السعودية.
في الوقت ذاته، تعد هذه أكبر خسارة لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية، وربما في العالم منذ هذه الحرب الكونية لأن غرق السفن الحربية الضخمة نادر للغاية. وكان العالم قد شهد غرق سفينتين ضخمتين إبان حرب “المالوين” البريطانية-الأرجنتينية سنة 1982، حيث قامت غواصة بريطانية بإغراق السفينة الحربية أرا خينرال بيلغرانو التي يبلغ طولها 180 مترا، وحدث يوم 2 مايو 1982، وقام الطيران الأرجنتيني بالرد بإغراق المدمرة البريطانية شيفلد يوم 10 مايو من السنة نفسها.
ويأتي هذا الحادث ليبرز أن العديد من الخبراء العسكريين نبهوا إلى صعوبة الحفاظ على السفن الحربية الضخمة خاصة بالقرب من شواطئ العدو بحكم تطور الصواريخ الفائقة السرعة. وهو أحد الأسباب التى دفعت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إبان التوتر مع إيران خلال نوفمبر 2019 الى سحب حاملة الطائرات هاري ترومان من مياه الخليج العربي إلى المحيط الهندي تجنبا لمفاجأة من صاروخ إيراني.
وبدون شك، ستقدم العديد من دول العالم على شراء صاروخ نيبتون الأوكراني بعدما أظهر فعاليته، فهو صاروخ يساوي نصف مليون يورو دمر سفينة حربية تتجاوز قيمتها مليار يورو. واشترت بعض الدول هذا الصاروخ منذ سنوات ومنها الجزائر والهند وفنزويلا. وتصنع بعض الدول الغربية العديد من الصواريخ المشابهة مثل هاربون الأمريكي وإيكزوسيت الفرنسي.-(وكالات)