عروبة الإخباري – تُخيم أجواء التوتر والغليان الشديدين في القدس المحتلة، حد الاقتراب من الصدام المُحتمل، إزاء رفد الاحتلال الإسرائيلي للتعزيزات العسكرية والأمنية الكثيفة بأحياء المدينة ومحيط المسجد الأقصى المبارك، مقابل دعوات فلسطينية للحشد والرباط داخل المسجد، اليوم، لنصرته والدفاع عنه ضد توعد المستوطنين بتنفيذ اقتحامات واسعة غير مسبوقة.
ويستعد الفلسطينيون للمشاركة الحاشدة في صلاة “الفجر العظيم” التي دعت إليها القوى والفصائل الفلسطينية، اليوم، في المسجد الأقصى وعموم المساجد في فلسطين المحتلة، لنصرة صمود وثبات أهالي القدس المحتلة، والتضامن مع “حي الشيخ جراح”، ضد عدوان الاحتلال واعتداءات المستوطنين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
وتحت عنوان “فجر التحدي”؛ فقد تكثفت الدعوات الفلسطينية للحشد الواسع اليوم بالأقصى، كما استنفرت الحراكات الشبابية في عموم الوطن المحتل، لنصرته والدفاع عنه في مواجهة اقتحامات المستوطنين، تلبية لدعوات ما يسمى اتحاد “منظمات الهيكل” المزعوم، لتنفيذ الاقتحامات والجولات الاستفزازية الواسعة للمسجد وقمع الغضب الفلسطيني.
وعلى وقع قرب انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي، في 23 من الشهر الحالي، لبحث التطورات في “الشيخ جراح”؛ فإن الأجواء المتلبدة بالاحتقان قد ازدادت سوءاً عقب انضمام اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى جانب عضو “الكنيست” الإسرائيلي، “ايتمار بن غفير”، في تأييد انتهاك “الشيخ جراح” وسرقة الأرض الفلسطينية من أصحابها.
وفي خطوة قد تضاعف التوترات بالقدس؛ فقد انضم عدد من أعضاء “الكنيست” إلى مكتب المتطرف “بن غفير” في “الشيخ جراح” للتضامن معه، بعدما نصب خيمته الجاثمة فوق أرض فلسطينية قام بالاستيلاء عليها وطرد سكانها منها، فيما دعت واشنطن تل أبيب للتحرك لاحتواء التصعيد.
وينتمي هؤلاء إلى حزبي “الليكود” و”الصهيونية الدينية”، واليمين الإسرائيلي المتشدد، مما قد يتسبب في تفجر المزيد من المواجهات بين الفلسطينيين من جهة، وعشرات المستوطنين المرافقين لابن غفير والشرطة الإسرائيلية من جهة أخرى.
وقد تبع ذلك، دعوة خطيرة أطلقها ما يسمى “مجلس حاخامات التوراة”، الذي يضم حاخامات مختلف التيارات الدينية، إلى تعزيز “الوجود والسيطرة اليهودية” على حي “الشيخ جراح”، بوصفه واجهة للسيطرة اليهودية على القدس؛ داعين الإسرائيليين إلى المشاركة في بناء حي يهودي في قلب القدس، وزيارة الحي لتقوية المستوطنين ومساعدتهم.
وأمام توعد الفصائل الفلسطينية بالرد على عدوان الاحتلال ضد القدس و”الأقصى”؛ فقد سارعت الحكومة الإسرائيلية لإقرار خطة لبناء غرف محصنة لآلاف المستوطنين في مدينة عسقلان المحتلة، وتحصين المدينة، تحسباً من صواريخ المقاومة، أسوة بما حدث في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، في أيار (مايو) من العام الماضي.
فيما قامت سلطات الاحتلال بنصب كاميرات مراقبة متطورة في حي الشيخ جراح، لرصد ومراقبة التطورات داخله وضبطها ووضعها تحت السيطرة، وهي خطوات هدفها استفزاز أهالي الحي المقدسي.
وتزعم المواقع الإسرائيلية بان حكومة الاحتلال غير معنية بالتصعيد والدخول في مواجهة عسكرية رغم تصاعد الأوضاع في الشيخ جراح، حيث تعمل على ضبط الأوضاع من خلال بسط الأمن ومنع وصول المزيد من المستوطنين للحي ومهاجمة الفلسطينيين. يأتي ذلك في ظل تحذير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن الأحداث التي يشهدها حي “الشيخ جراح” قد تؤدي إلى جولة تصعيد أخرى مع حركة حماس في قطاع غزة.
أما موقف حركة “حماس” والفصائل الفلسطينية، فإنها ملتزمة بحالة الهدوء، وغير معنية بالدخول في جولة تصعيد جديدة، ولكن في حال تمادى الاحتلال بعدوانه ضد “الشيخ جراح” والقدس، فإنها ستنظر في خياراتها بالرد على جرائمه.
وفي الأثناء؛ تتواصل ردود الفعل الدولية حيال تطورات الأحداث؛ فقد طلبت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من الحكومة الإسرائيلية اتخاذ خطوات لاسترجاع الاستقرار في حي الشيخ جراح، إزاء خشيتها من تفاقم الأوضاع في شهر رمضان القادم، والذي يتزامن مع أعياد يهودية، بما قد يشعل جولة عنف جديدة.
كما حذر الاتحادُ الأوروبي بدوره حكومة الاحتلال من الاستفزازات غير المسؤولة في “الشيخ جراح”، ودعا إلى وقف عنف المستوطنين في المنطقة الحساسة.
وقد شهدت الأراضي الفلسطينية أمس موجة جديدة من المواجهات والمداهمات والاعتقالات؛ وذلك أثناء اقتحام قوات الاحتلال لأنحاء مختلفة من الضفة الغربية، تزامناً مع توفير الحماية المشددة لاقتحام المستوطنين للأقصى، من جهة “باب المغاربة”، وتنفيذ جولات استفزازية وأداء الطقوس التلمودية في باحاته، خاصة في المنطقة الشرقية منه.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة، أن “عشرات المستوطنين وطلاب المعاهد التوراتية، اقتحموا الأقصى من جهة باب المغاربة برفقة حاخامات”.
وبينت الدائرة أن “المصلين والمرابطين وحراس المسجد الأقصى، تصدوا للمستوطنين المقتحمين بالطرد وهتافات التكبير الاحتجاجية”.
وفي الأثناء؛ شنت قوات الاحتلال، حملة مداهمات واقتحامات في مناطق مختلفة بالضفة الغربية المحتلة تخللها اعتقال عدد من المواطنين، فيما سجلت إصابات خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في منطقة جنين.
وشهدت مدينة جنين اشتباكات مع قوات الاحتلال التي اقتحمت حي خروبة، شمالاً، وحاصرت عدة منازل، ونفذت اعتقالات واسعة بين صفوف الفلسطينيين.
وفي نابلس، اقتحمت قوات الاحتلال المدينة، مما تسبب في وقوع اشتباك مسلح وتبادل كثيف لإطلاق النيران، وذلك قبيل أن تنسحب منها بعد اعتقال عدد من الشبان الفلسطينيين.
أجواء توتر بـ”الأقصى”: تعزيزات عسكرية للاحتلال ودعوات فلسطينية للحشد
9
المقالة السابقة