عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
كان يوماً مميزاً لي في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الرمثا، رغم أن الاغلبية من الناس تحسبها في اربد، وقد وصلتها أول يوم تستقبل فيه طلابها مع بداية عام جديد من التعليم الوجاهي، وانتهاء تاثير موجة جائحة الكورونا التي عطلت الجامعات وحولت التعليم الى تعليم غير مباشر “الكتروني”..
كان الطلاب والطالبات يتدفقون بفرح غامر و احساس عميق من التفاؤل، وكنت قصدت رئيس الجامعة الدكتور خالد السالم الذي جاء من حقل الطب، و قد لفت انتباهي ان ثلاثة من أبرز رؤساء الجامعات الاردنية الشهيرة جاءوا من هذا الحقل، وهم رئيس الجامعة الاردنية وهو استاذ دكتور في الطب نذير عبيدات، والاستاذ الدكتور إسلام مسّاد رئيس جامعة اليرموك وهو اخصائي الطب و الجراحة وفي التخدير و العناية الحثيثة، والدكتور خالد السالم اخصائي الدماغ والاعصاب، وقد تميّزوا بتفوقهم اثناء دراساتهم الجامعية الاولى والتخصصية، كما تميّز الدكتور السالم رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا بأنه كان الأول في المملكة على الثانوية العامة في سنة تخرجه..
جامعة العلوم والتكنولوجيا والتي يقال لها باختصار “تك” هي ابرز الجامعات الاردنية سمعة وان لم تكن اقدمها.. فالاقدمية هي للجامعة الاردنية، وتنفرد العلوم والتكنولوجيا باتساع مساحتها التي تصل الى 11 الف دونم، وقد جاءت هذه المساحة على هذا النحو اللافت بقرار من رئيس الوزراء انذاك “مضر بدران” الذي اولاها عنايته واهتم بها عند التأسيس، وربما كان قرار توسيع مساحات الأرض التي تملكها هذه الجامعة على هذا النحو من أكثر القرارات الصائبة التي اتخذها طوال حياته ..
والجامعة الآن تضم في اراضيها 45 الف شجرة تغطي مساحات خضراء هي الاوسع على الاطلاق، كما ان الجامعة بنيت في الاصل لتكون جامعة، ولذا جاء طرازها المعماري يخدم هذا الهدف، ومنذ انطلاقتها وضعت نفسها في ماراثون السباق للتفوق، وقد حققت الكثير ومازالت تحافظ على ذلك، وكشفت الاحصائيات انها من الجامعات العربية القليلة النادرة في انتزاع تصنيف لها انها بين أول 500 جامعة في العالم، فقد مضت فترة لم تكن ولم تكن اي جامعة ذات منشأ عربي في هذا التصنيف..
وتمتاز الجامعة ايضا بكلياتها العلمية المتعددة وخاصة كلية الطب التي تتمتع بكفاءات اعضاء هيئة التدريس وعلى رأسهم رئيس الجامعة، كما تمتاز بتشجيع البحث العلمي، والعدد الكبير من الطلبة الموفدين للدراسة في الخارج في منح وبعثات، كما ان فيها اعداداً كبيرة من الطلاب العرب الذين يلتحقون بها او يبتعثون اليها لسمعتها المميزة..
واذا كنت اكتب عن التعليم العالي والجامعات لاترك انطباعات أكثر منها بحثا تعوزه المعلومات، فإن وجع التعليم في الاردن اصبح مسموعاً وانين الجامعات طغى على المشهد، فقد تراجع التعليم في الاردن بشكل عام والتعليم الجامعي ولم تستطع مختلف القرارات ايقاف التداعيات الملموسة في تراجع التعليم وانخفاض مستويات التحصيل عند الطلاب، رغم اللجان الملكية و غير الملكية التي أسست على فترات مختلفة لتطوير التعليم الجامعي، إلا انها لم تنجح حتى الآن ولم تنجح ايضا في حل معضلات القبول والمنح والمكرمات والتعليم الموازي وغيرها من التشوهات والنتوءات التي أصابت جسم التعليم الجامعي..
لن أمعن في الكتابة عن خذلاننا كمواطنين وخاصه المعنيين والمتخصصين منا للتعليم الجامعي في بلادنا، رغم اننا عزينا به، ولن اذهب لنقد التعليم المدرسي أو ما قبل الجامعي واعراضه السلبية والتجارة فيه، فهذا شأن اخر ولكني اردت الوقوف على التعليم الجامعي من خلال جامعتين مميزتين وهما: (التكنولوجيا واليرموك) اخترت ان تكون اطلالتي من جامعة العلوم والتكنولوجيا التي يعتز بها الاردنيون، وقد عاهدوا انفسهم ان يبعثوها في المقدمة، وان تكون حصان الرهان الجامعي على المستوى المحلي والاقليمي والدولي..
في الساعة التي امضيتها في مجالسة رئيس الجامعة حاد الذكا،ء والذي تنوعت خبراته الدراسية والادارية في الخارج وفي الاردن، استطعت التوقف عند العديد من المشاريع والتوجهات والخطوات الجديدة التي ستتخذها الجامعة التي لم تتوقف عن التطوير على مختلف الاصعدة، وخاصة في مجال المختبرات والتكنولوجيا..
جامعاتنا بحاجة الى دعم في مجال البحث العلمي والتطوير، وفي مجال تعهد الطلبة المتفوقين وتوفير المزيد من فرص الابتعاث لهم، لتشكيل نواة علماء الاردن، وهو الطموح الذي يتطلع اليه الكثير من الاكاديميين الاردنيين، في ان تكون الاردن مركز جذب الكثير من العلماء في مختلف المجالات، ليكون ايضا بذلك مركز للعالم العربي في تطوير كل ادوات المعرفة والاختراع، وتسجيل حالة مميزة، وهذا يستلزم التنسيق العربي- العربي، خاصة و ان العالم العربي الي يمتلك بعضه المال ويمتلك بعضه العلماءكما يمتلك البيئة المواتية التي يمكن أن تنطلق من جامعة العلوم والتكنولوجيا أو برعايتها، هذا الطموح كان فيه أكثر من محاولة عربية لم تنجح ، ولكني أعتقد أنها في التجربة الاردنية إن بدأت ستنجح، لأن الاردن قادر ان يحدد اهدافه ويحسن مقاصده بدقة، تساعده على ترجمة هذا الطموح..
وينقى ان نبارك لجامعة العلوم والتكنولوجيا رئيسها الجديد.. وان نبارك لها مسيرة المئوية وتميزها في هذه المسيرة..
الدكتور خالد السالم رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا
الدكتور اسلام مساد رئيس جامعة اليرموك