عروبة الإخباري – دعا الأكاديمي والناقد الأردني الدكتور زياد الزعبي الى إعادة اكتشاف الشاعر مصطفى وهبي التل “عرار” ضمن اطار ثقافي جديد، يعيد قراءة منجزه الإبداعي من خلال دراسات معمقة تلقي الضوء على الكثير من التفاصيل في حياته وشعره.
وقال الأكاديمي الذي جمع وحقق ديوان “عشيات وادي اليابس” للشاعر، قبل (40) عاما، إن شعر “عرار” كان استثنائيا في تاريخ الشعر العربي في النصف الأول من القرن العشرين، وكما كان الشاعر في شخصه الذي شكل نموذجا في سلوكه الخارج عن المألوف، على الصعيدين الشخصي والرسمي، وفي علاقاته المتعددة والمختلفة برموز الدولة الاردنية.
وأضاف خلال ندوة عن شخصية معرض عمان الدولي للكتاب الثقافية “عرار”، التي اقيمت أمس الجمعة، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للمعرض، أن عرار ومنذ بدء تكوين الدولة الاردنية عام 1921 كان يحاول أن يكون جزءا اساسيا من تلك المرحلة، وقد عبر عن هذه الرغبة بالمشاركة في بناء الدولة من خلال رسالة كتبها للملك المؤسس، وهو ما زال في الثانية والعشرين من عمره، مبينا أن هذا الامر يجب أن نتوقف عنده طويلا ونقرأه قراءة فاحصة.
وأوضح أن علاقة الشاعر بالغجر كانت محاكاة لما أطلع عليه من الأدب العالمي، مشيرا إلى أنه أطلع على الأوبرا المشهورة “كارمن” وعلى ما كتبه الادباء العالميون، ومجموعة من الدارسين الفرنسيين الذين كتبوا دراسات مطولة عن الغجر، لذلك قام عرار بمحاكاتها. وأشار إلى تأثر الشاعر بشكل كبير بشعراء الفرس، حافظ الشيرازي وسعد الشيرازي، وهو ما ذكره الشاعر العراقي احمد الصافي النجفي في كتاباته، فلم يذهب احد الى قراءة هذا الجانب في شعر مصطفى وهبي التل، مبينا انه كان لديه مكتبة باللغة التركية وكتب باللغة الفارسية، إضافة الى اكتشاف جانب إبداعي له وهو كتابة القصة.
وقال انه بعد 72 عاما على وفاة عرار وصدور 5 طبعات من ديوان “عشيات وادي اليابس” ، إضافة الى نثره “عشيات على هامش العشيات” وغيرها من الاصدارات، علينا تجاوز كل هذه الانماط الاحتفالية به والتركيز أكثر على البعد المعرفي العميق لهذه الشخصية ولمنجزاتها الادبية والفكرية والسياسية المختلفة.
من جهته، أكد استاذ الادب والنقد الحديث في جامعة اليرموك الدكتور نبيل حداد، خلال الندوة، أهمية تحول الاديب الى مؤسسة، مضيفا ان الشاعر “عرار” كان صاحب مؤسسة من خلال تأثير شعره على شعراء وعلى المتلقين بصورة عامة، وعلى إرثه ، مع الإشارة الى سيرة حياته بجوانبها الشخصية والعامة والحركة الثقافية والنقدية التي تمحورت حول شعره.
وقال إن “شعر عرار قدم النموذج البشري وربط الشعر بالحياة، والحياة المحلية بشكل خاص، كما أن شعر عرار قد ارتقى بالمكان من البعد الجغرافي الى البعد “المعيش” حيث أعاد اكتشاف الوطن لمن يعيشون فيه دون أن يكتشفوا مزاياه، فالوطن عنده منظومة متكاملة من عناصر الحياة كلها من انسان ومكان وطقس وغيرها من المكونات توفرت لمن يقرأ شعر عرار”. وتحدث الدكتور حداد عن وجود ما أسماء “بالمؤسسة العرارية” من خلال الجهد الذي تولاه ابناؤه، وما قام به صديقه المقرب محمود المطلق، في جمع نتاج شعره، اضافة الى ما قدمه البدوي الملثم من خلال كتابه “عرار شاعر الاردن”، وجهود الدكتور زياد الزعبي، وإصدراته المختلفة في هذا المجال، وعشرات الكتب والدراسات، إضافة الى وجود المؤسسات والكثير من المنتديات التي تحمل اسم عرار، ومتحف عرار، وكرسي عرار الاكاديمي في جامعة اليرموك الذي قدم الكثير من الانجازات التي رفدت الحياة الثقافية فيما يتعلق بوثائق خاصة بالشاعر مصطفى وهبي التل وغيرها كثير.
بدوره، قال مدير الدراسات والنشر في وزارة الثقافة الذي قدم الندوة، مخلد بركات، ان عرار شاعر وجودي نافح عن الحق ورصد انواع السلوك الانساني، وشاعر له مرامٍ بعيدة في قصائده، ومن اكثر الشعراء الذين تغنوا بالاردن، وبالمكان الاردني وفي اغلب قصائده نجد القرية الاردنية والاودية ونجد الامكنة، وهو شاعر عشق الاردن وكتب فيه اروع الاناشيد والقصائد.