عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
نترحم على القيادي “ابراهيم غوشه” أحد القياديين المبعدين عن الاردن من تنظيم حماس، في زمن حكومة عبد الرؤوف الروابده حين اقتضت الضرورة الأمنية ذلك.. فقد جرى ترشيح قطر لاستقبال القيادة المبعدة التي أمضت سنوات هناك ومازالت..
ذكرى رحيل غوشه جدد شوق قيادة حماس لزيارة الاردن، وراح البعض يقرأ المناسبة قراءة خارج السياق، حين اعتقد انها قد تبعث حياة جديدة في العلاقات مع حماس او تقدم اللتزامات اردنية في هذا السياق لم تكن موجودة..
انا من الذين يعتقدون ان الموقف الاردني هو موقف انساني اراد تمكين قيادة حماس وذوي الراحل من تشييعه، وهي مسألة اختبر فيها الاردن اكثر من مرة ونجح، ولا اعتقد ان الامر يتخطى ذلك، فالاردن من خلال ظروفه القائمة والتزاماته العربية والدولية سيبقى على موقفه دون تغيير، ولن تكون له اي علاقة مع حماس على حساب علاقته مع الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهو منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس، والذي هو حليف وشريك استراتيجي للاردن..
بعض قيادات حماس تريد ان تسجل الانتصارات على حساب السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية بدل ان تسجل ذلك لحساب الشعب الفلسطيني، ولذا نجد قيادة حماس تعمل على محاولات لكسب الساحة الاردنية وبنفس الطريقة فبدل من المصالحة الفلسطينية -الفلسطينية والاقرار بتمثيل المنظمة والانخراط في الصف الفلسطيني وتقويته واعادة لحمته، يتواصل نهج الانشقاق والانقلاب الذي وقع في غزة عام 2006 وتراهن حماس على تآكل شعبية السلطة والمنظمة لتكون هي البديل دون ان تدرك مخاطر ذلك على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني ..
فالتنافسية التي تقودها حماس في الضفة الغربية في احداث مزيد من الارباك والتحريض هي تنافسية غير شريفة تقوم على حساب المصالح الوطنية الفلسطينية، وعلى تعقيد الاوضاع في الضفة مما يسهل للاحتلال انفاذ خططه سواء في القدس او غيرها من مناطق الاحتلال..
لفت انتباهي تعليق للرئيس عباس يجيب فيه على سؤال احد الشخصيات،الذي طلب إجابة.. وهو تعليق لا يروق لحماس وقيادتها حين اصر الرئيس ان كانت حماس تريد خدمة الشعب الفلسطيني والشراكة في الانتخابات على كل المستويات الطلابية والمهنية والتنظيمية فعليها ان تلتزم بقرارات الشرعية الدولية التي التزمت بها السلطة، وهو الالتزام الذي مكن الشعب الفلسطيني من تمثيل نفسه في المحافل الدولية، ومن ادانه الممارسات الاسرائيلية و جرائم اسرائيل العدوانية ..
نعم وضع الرئيس عباس اصبعه على النقطة الاهم التي قد يراها البعض عادية، وهو الالتزام بقرارات الشرعية الدولية.. وهذه المسالة تمكن المنظمة من توسيع دائرة المشاركه لكل الفصائل الوطنية والاسلامية وغيرها على هذه القاعدة، وجعل العالم يتعامل مع اي حكومة وحدة وطنية يجري تشكيلها كثمرة للمصالحة والتنسيق.. وخلاف ذلك سيجعل الشرعية الفلسطينية وما تعنية معرضة لخطر الانقلابية كما حدث عام 2006 ، كما سيعطل القبول العالمي باقامة الدولة…
عدم الاعتراف بحماس اردنيا او التنسيق معها هو شكل من اشكال الضغط عليها لتعترف بقرارات الشرعية الدولية، وتدخل في مصالحة وطنية مع منظمة التحرير، وهذه الورقة الاردنية غاية في الاهمية تقدرها السلطة والشعب الفلسطيني ويعتبر انها تصب في مصلحته، وخلاف ذلك سيكون التفاف على التمثيل واضرارا بالمصالح الاردنية التي لا يعوزها ذلك، سيما ان المواقف الاردنية التي دفع الاردن ثمنها تتلخص في العمل من اجل حل الدولتين والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة ،وهذه المسالة تتخذ من قرارات الشرعية الدولية عنوانا لها..
ان اعتراف الاردن بحماس او فتح مكاتب لها او التنسيق معها لا يقوم من دوافع غير وطنية، ولا من مزاج خاص، وانما من موقف مدروس ومختبر، يحرص على ان لا يتصادم مع مصالح الشعب الفلسطيني وتمثيلة، واذا كان يحلوا لبعض الاطراف العربية او الاقليمية ان تلعب بورقة حماس او تناور بها او ترجح بها موقفا على حساب اخر او للضغط وخدمة اجندات محددة كما يجري، فان الاردن لا يملك ترف ذلك ولا يرغب المغامرة او المناورة في ذلك ، لأنه يدرك الردود السلبية على ذلك وحجم الخسائر من ذلك، ليس فقط ندعو الاردن الامساك بموقفه في أن يظل التمثيل للمنظمة وأن يجري التعامل فقط مع الرئيس محمود عباس بل يقتضي ذلك أن يمارس الاردن سياسته ودبلوماسيته بشكل افعل لجعل كل الاطراف العربية والدولية تنهجه وتقف موقفه، خاصه بعد موجه التطبيع المجانية التي لا مبرر لها..
يسجل للاردن حتى الان وضوح موقفه وثباته من التمثيل الفلسطيني ومن القيادة الفلسطينية وتحالفه معها، وكذلك التنسيق على كل المستويات وعلى دعمه السياسي القوي والواضح للسلطة في المحافل الدولية، وخاصة الزيارة الملكية الاخيرة للملك عبد الله الثاني للبيت الابيض و ما عملته هذه الزيارة من دعم القضية الفلسطينية، وتأكيد على ضرورة انهاء الاحتلال بحل الدولتين..
مرة اخرى كان الرئيس ابو مازن لا يجامل على حساب قضيته وقضية شعبه، وهو لا يبيع المواقف المجانية بل يعمل على تأكيد المواقف الوطنية امام الجميع وللجميع وحتى لحماس او أصدقائها ، ولتنظيم فتح وقيادات السلطة (فالحلال بين والحـرام بين، وبينهما أمـور مشتبهات)، وعلى حماس ان تخرج من ذلك وان لا تواصل العبث بمقدرات الشعب الفلسطيني ومعاناته، وعندها سنقول لها “لا تنام بين القبور ولا تحلم احلام مزعجة” فالاستحقاق جلّي وواضح، فمن اراد المركب الفلسطيني وسلامة وصوله فليدفع ثمن الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية لتكون معه تذكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في القدس على طريق استمرار الكفاح وحق تقرير المصير..
اشتراط الرئيس عباس على حماس واجب ..
13